حل سياسي اقتصادي لا أمني!
جمانة غنيمات
جو 24 : تقول الأرقام الرسمية إن معدل البطالة ارتفع خلال الفترة الماضية، ما يعكس عجز السياسات عن توليد فرص العمل المطلوبة لاستيعاب العاطلين عن العمل وتحديدا من الشباب. معدل البطالة في الأردن بلغ خلال الربع الثاني من العام الحالي 11.6 % مقارنة بمعدل 11.4 % في نهاية الربع السابق، بحسب أحدث أرقام دائرة الإحصاءات.
وتكشف دراسة الفقر التي أعدتها وزارة التخطيط ولم تعلن أرقامها رسميا بعد، أن معدلات الفقر زادت لتبلغ 14.1 % خلال الفترة 2008– 2010، أما خط الفقر فارتفع من 680 دينارا للفرد سنويا في 2008، ليصل 800 دينار للفرد سنويا في 2010.
وبموجب الأرقام تعد كل أسرة عدد أفرادها خمسة ودخلها الشهري عند حدود 333 شهريا فقيرة، ما يعني أن كثيرا من الأسر اليوم تعيش دون خط الفقر. ويبدو من المجدي الربط بين هذه النتيجة وبين معلومات رسمية تؤكد أن 75 % من الأردنيين تقل رواتبهم عن 200 دينار، فيما الحد الأدنى للأجور يبلغ 190 دينارا، أي ما يقارب معدل رواتب غالبية المواطنين.
في الأردن، ظل الفقر والبطالة والدخل مشكلات عابرة للحكومات تؤرق المجتمع وتعد أهم أسباب حالة الاحتقان وعدم الرضا عن أداء الحكومات، وهي ذات الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع.
من الضرورة القول إن المواطن يشعر اليوم كما في الأمس بقصور وتقصير الحكومات، ويدرك عجزها عن خدمته وحل مشاكله التي تؤثر سلبيا في قدرته على توفير العيش الكريم لنفسه ولعائلته.
وفي ظل العجز الرسمي عن التخفيف من هذه المشاكل وتوقع تفاقمها مستقبلا، نجد المجتمع بدأ من شدة غيظه يعبر عن مشاعره بطرق مختلفة، أكثرها خطورة حالة العنف التي بدأت تتسع، والاحتجاج على تقصير الحكومات برفض كل ما هو رسمي.
هذا الشعور هو ما خلق حالة الاحتجاج المطلبية التي بدأت تتطور في ظل الربيع الأردني وتأخذ أشكالا جديدة لإيصال رسائل كثيرة للسلطات تعكس حالة قنوط المجتمع من قدرة الحكومات على تحسين ظروفه المعيشية.
شكل التعبير الثاني الخطير يتمثل برفض تطبيق القانون وعدم الالتزام به، وعدم احترام الدولة بكل مؤسساتها، واعتقاد المجتمع أنه قادر على القيام بدور الدولة، وأخذ حقه بيده وتحقيق مبتغاه بالقوة وتكسير القانون.
اللوم لا يقع على المجتمع، فالتسويف الذي مارسته الحكومات على مدى العام ونصف العام الماضية، رسّخ قناعات مجتمعية بأن الدولة غير راغبة بالإصلاح وعاجزة أمام المطالب الاقتصادية.
عمق القناعة نتائج ومعايير محاسبة الفساد التي أقل ما يقال عنها إنها "فاسدة"؛ إذ كيف يستوي الحديث عن الإصلاح في ظل مسرحيات هزيلة أعدت وأخرجت لإقفال العديد من ملفات الفساد، بدون أدنى احترام للقانون والحديث الطويل عن النزاهة وحفظ المال العام.
وفي ظل غياب الأدوات السياسية كحل، بالتزامن مع اختلاف مزاج الأردنيين وطرقهم في التعبيرعن نظرتهم السلبية للدولة، لم تجد الدولة مفرا من استخدام الحل الأمني لقمع الاحتجاجات المطلبية التي أخذت بعدا مختلفا يتمثل بتكسير دولة القانون. وأهملت النظرية التي تقول بأن كل هذه المشاكل بحاجة لحلول سياسية، سريعة وفاعلة. وفي ظل توقعات بتفاقم المشكلات الاقتصادية والمطالب السياسية يبدو الرد على النتائج بأدوات أمنية انتحارا، لن يحقق الهدف بإعادة الانضباط واحترام القانون واستعادة هيبة الدولة. الحل سياسي وليس أمنيا خصوصا في ظل ضعف قدرات الدولة عن القيام بالمهمات المطلوبة منها.
السلطات كلها تخلت اليوم عن مسؤولياتها، وألقتها على كاهل الأمن ليواجه نتائج تقصيرها، وفي ذلك هروب للأمام وانكار لما هو مطلوب.الغد
وتكشف دراسة الفقر التي أعدتها وزارة التخطيط ولم تعلن أرقامها رسميا بعد، أن معدلات الفقر زادت لتبلغ 14.1 % خلال الفترة 2008– 2010، أما خط الفقر فارتفع من 680 دينارا للفرد سنويا في 2008، ليصل 800 دينار للفرد سنويا في 2010.
وبموجب الأرقام تعد كل أسرة عدد أفرادها خمسة ودخلها الشهري عند حدود 333 شهريا فقيرة، ما يعني أن كثيرا من الأسر اليوم تعيش دون خط الفقر. ويبدو من المجدي الربط بين هذه النتيجة وبين معلومات رسمية تؤكد أن 75 % من الأردنيين تقل رواتبهم عن 200 دينار، فيما الحد الأدنى للأجور يبلغ 190 دينارا، أي ما يقارب معدل رواتب غالبية المواطنين.
في الأردن، ظل الفقر والبطالة والدخل مشكلات عابرة للحكومات تؤرق المجتمع وتعد أهم أسباب حالة الاحتقان وعدم الرضا عن أداء الحكومات، وهي ذات الأسباب التي أدت إلى تفاقم أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع.
من الضرورة القول إن المواطن يشعر اليوم كما في الأمس بقصور وتقصير الحكومات، ويدرك عجزها عن خدمته وحل مشاكله التي تؤثر سلبيا في قدرته على توفير العيش الكريم لنفسه ولعائلته.
وفي ظل العجز الرسمي عن التخفيف من هذه المشاكل وتوقع تفاقمها مستقبلا، نجد المجتمع بدأ من شدة غيظه يعبر عن مشاعره بطرق مختلفة، أكثرها خطورة حالة العنف التي بدأت تتسع، والاحتجاج على تقصير الحكومات برفض كل ما هو رسمي.
هذا الشعور هو ما خلق حالة الاحتجاج المطلبية التي بدأت تتطور في ظل الربيع الأردني وتأخذ أشكالا جديدة لإيصال رسائل كثيرة للسلطات تعكس حالة قنوط المجتمع من قدرة الحكومات على تحسين ظروفه المعيشية.
شكل التعبير الثاني الخطير يتمثل برفض تطبيق القانون وعدم الالتزام به، وعدم احترام الدولة بكل مؤسساتها، واعتقاد المجتمع أنه قادر على القيام بدور الدولة، وأخذ حقه بيده وتحقيق مبتغاه بالقوة وتكسير القانون.
اللوم لا يقع على المجتمع، فالتسويف الذي مارسته الحكومات على مدى العام ونصف العام الماضية، رسّخ قناعات مجتمعية بأن الدولة غير راغبة بالإصلاح وعاجزة أمام المطالب الاقتصادية.
عمق القناعة نتائج ومعايير محاسبة الفساد التي أقل ما يقال عنها إنها "فاسدة"؛ إذ كيف يستوي الحديث عن الإصلاح في ظل مسرحيات هزيلة أعدت وأخرجت لإقفال العديد من ملفات الفساد، بدون أدنى احترام للقانون والحديث الطويل عن النزاهة وحفظ المال العام.
وفي ظل غياب الأدوات السياسية كحل، بالتزامن مع اختلاف مزاج الأردنيين وطرقهم في التعبيرعن نظرتهم السلبية للدولة، لم تجد الدولة مفرا من استخدام الحل الأمني لقمع الاحتجاجات المطلبية التي أخذت بعدا مختلفا يتمثل بتكسير دولة القانون. وأهملت النظرية التي تقول بأن كل هذه المشاكل بحاجة لحلول سياسية، سريعة وفاعلة. وفي ظل توقعات بتفاقم المشكلات الاقتصادية والمطالب السياسية يبدو الرد على النتائج بأدوات أمنية انتحارا، لن يحقق الهدف بإعادة الانضباط واحترام القانون واستعادة هيبة الدولة. الحل سياسي وليس أمنيا خصوصا في ظل ضعف قدرات الدولة عن القيام بالمهمات المطلوبة منها.
السلطات كلها تخلت اليوم عن مسؤولياتها، وألقتها على كاهل الأمن ليواجه نتائج تقصيرها، وفي ذلك هروب للأمام وانكار لما هو مطلوب.الغد