الجانب الاجتماعي في مسألة التطرف
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : ظواهر التطرف في العالم العربي والإسلامي ليست منبتة من الأرض ولم تنزل من السماء، بل هي نتاج مجموعة متشابكة وخليط معقد من العوامل والأسباب الكثيرة والمتعددة، وينطبق عليها قوانين الفيزياء حيث أن كل حالة متطرفة تكون ردة فعل لحالة متطرفة أخرى مساوية لها في المقدار ومخالفة لها في الاتجاه، وفي هذا السياق لا يجوز الاقتصار على جانب واحد في فهم هذه الظواهر وتحليلها، كما لا يجوز الاقتصار على مسار واحد في المعالجة وفي كيفية المواجهة.
كل الظواهر المتطرفة والحالات الغريبة تنشأ ضمن بيئة مناسبة، وتجد أحياناً حواضن اجتماعية، تتسع أو تضيق بحسب ما يتوفر لها من ظروف ودعم فكري أو ديني أو ثقافي، وأول هذه العوامل والأسباب تتصل بمسألة التنشئة التربوية والتعليمية التي تتسم بالتباين والاختلاف الحاد إلى درجة التناقض، فعلى سبيل المثال هناك مدارس يلتحق فيها بعض أبناء مجتمعنا لا تتوافر فيها المرافق الصحية ولا مياه الشرب، ولا المباني ولا الأدوات والوسائل التعليمية الضرورية، فضلاً عن الساحات والملاعب وأماكن الترفيه، بينما هناك مدارس أخرى تقتصر على أبناء الأثرياء، تصل قيمة الأقساط المدرسية للطالب إلى أربعة آلاف وخمسة وعشرة إلى ثلاثين ألف دينار سنوياً، وبعض مدارسنا تدرس مناهج أجنبية، ويدرس فيها أساتذة أجانب بلغة أجنبية، مما يؤدي حتماً إلى بعثرة الجيل ضمن جزر منعزلة تماماً، لكل شريحة قيمها وثقافتها ونظرتها للحياة، بشكل مختلف أو متناقض، وتتسع الشقة بين أبناء المجتمع الواحد إلى درجة القطيعة التي لا لقاء فيها ولا مشاركة.
بالإضافة إلى عوامل أخرى تتقاطع مع العامل التربوي والتعليمي، تتصل بالتباين الكبير الذي يزداد حدة بين مستويات الحياة اليومية وطرق المعيشة، الذي يؤدي بشكل حتمي إلى تباين ثقافي وقيمي وتفاوت كبير وواسع في النظرة إلى الحياة، وفي طريقة التعامل مع موجودات الكون، وفي طريقة التفاعل الثقافي مع الآخر، أضف إلى ذلك عوامل تتصل بالعوامل السياسية وفي مجال الحالة النسبية في توفير أجواء الحرية والمشاركة في إدارة شؤون الدولة، سلباً أو إيجاباً على المستوى المحلي، وما يلحق ذلك من آثار سياسية أخرى تتعلق بالشأن الإقليمي والعالمي وما يتبع ذلك من مشاعر القهر والتخلف والتبعية على المستوى الحضاري.
الظواهر التي تمثل خللاً واضحاً على المستوى العام، لا بد وأن تكون ثمرة ونتيجة لخلل سببي، يتصل بالبناء المنهجي للفرد والمجتمع،فإما أن يكون الخلل في المنهج أو قصور في العملية التربوية والتعليمية أو أخطاء سياسية وإدارية، أو خلل فكري وثقافي متراكم أسهمت فيه كل الأطراف والمكونات المؤثرة في صياغة الفرد، والفاعلة في ميادين التخطيط والإعداد، والعمل والتنفيذ، والتقويم والمتابعة.
معالجة ظواهر التطرف لا تكون بالفزعة، ولا تتم بالهجوم الإعلامي والاقتصار على أساليب التقريع والتشنيع، كما لا يقتصر على المعالجة الأمنية مهما كانت فاعلة وقويّة، بل لا بد من الدراسة الدقيقة والمستفيضة التي تتسم بالعلمية والموضوعية والتخصص، والوقوف على الأسباب والعوامل الحقيقية بجرأة ووضوح، من أجل الوصول إلى تشخيص دقيق يصلح لمعالجة صحيحة وسليمة وفاعلة.
المعالجة ينبغي أن ترتكز إلى مفهوم «الأمن الشامل» الذي يتناول كل الجوانب السياسية والأمنية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والثقافية والاقتصادية، وأن يشترك في عملية العلاج والمواجهة كل الأطراف والمؤسسات على الصعيد الرسمي والشعبي، وأن يتحمل كل طرف مسؤوليته ضمن دائرة تأثيره وفاعليته، ويجب الابتعاد عن تقاذف التهم وتبادل التبرير، فالمسؤولية مشتركة، ويتحملها كل الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية كل بحسب ما يملك من وسع وطاقة وأوراق قوّة وقدرة على الإسهام في هذا الشأن المجتمعي العام.
وظيفة الحكومة في هذا السياق هي الأعلى شأناً بكل تأكيد حيث تتعلق بالقدرة على تنسيق الجهود وتوزيع الأدوار، والعمل على خلق البيئة المناسبة للتعاون والمشاركة، من خلال توحيد الرؤية وصياغة الرسالة للدولة بكل مؤسساتها، التي لا تستثني طرفاً أو مكوناً في عملية المواجهة المجتمعية للأخطار التي تحيط بنا جميعاً بلا استثناء، وأول هذه الخطوات العمل على توحيد منظومة القيم للجيل القادم، وتوسيع دائرة المشاركة وتعظيم مساحات التوافق، وإشاعة قيم التسامح وتقبل الآخر، وتقليل الفجوة بين شرائح المجتمع الآخذه بالاتساع في ظل التوسع الهائل في مجال التعليم الخاص، غير المنضبط في فلسفة واحدة للدولة الموّحدة، ومنظومة القيم المشتركة للمجتمع الواحد الموّحد.
الدستور
كل الظواهر المتطرفة والحالات الغريبة تنشأ ضمن بيئة مناسبة، وتجد أحياناً حواضن اجتماعية، تتسع أو تضيق بحسب ما يتوفر لها من ظروف ودعم فكري أو ديني أو ثقافي، وأول هذه العوامل والأسباب تتصل بمسألة التنشئة التربوية والتعليمية التي تتسم بالتباين والاختلاف الحاد إلى درجة التناقض، فعلى سبيل المثال هناك مدارس يلتحق فيها بعض أبناء مجتمعنا لا تتوافر فيها المرافق الصحية ولا مياه الشرب، ولا المباني ولا الأدوات والوسائل التعليمية الضرورية، فضلاً عن الساحات والملاعب وأماكن الترفيه، بينما هناك مدارس أخرى تقتصر على أبناء الأثرياء، تصل قيمة الأقساط المدرسية للطالب إلى أربعة آلاف وخمسة وعشرة إلى ثلاثين ألف دينار سنوياً، وبعض مدارسنا تدرس مناهج أجنبية، ويدرس فيها أساتذة أجانب بلغة أجنبية، مما يؤدي حتماً إلى بعثرة الجيل ضمن جزر منعزلة تماماً، لكل شريحة قيمها وثقافتها ونظرتها للحياة، بشكل مختلف أو متناقض، وتتسع الشقة بين أبناء المجتمع الواحد إلى درجة القطيعة التي لا لقاء فيها ولا مشاركة.
بالإضافة إلى عوامل أخرى تتقاطع مع العامل التربوي والتعليمي، تتصل بالتباين الكبير الذي يزداد حدة بين مستويات الحياة اليومية وطرق المعيشة، الذي يؤدي بشكل حتمي إلى تباين ثقافي وقيمي وتفاوت كبير وواسع في النظرة إلى الحياة، وفي طريقة التعامل مع موجودات الكون، وفي طريقة التفاعل الثقافي مع الآخر، أضف إلى ذلك عوامل تتصل بالعوامل السياسية وفي مجال الحالة النسبية في توفير أجواء الحرية والمشاركة في إدارة شؤون الدولة، سلباً أو إيجاباً على المستوى المحلي، وما يلحق ذلك من آثار سياسية أخرى تتعلق بالشأن الإقليمي والعالمي وما يتبع ذلك من مشاعر القهر والتخلف والتبعية على المستوى الحضاري.
الظواهر التي تمثل خللاً واضحاً على المستوى العام، لا بد وأن تكون ثمرة ونتيجة لخلل سببي، يتصل بالبناء المنهجي للفرد والمجتمع،فإما أن يكون الخلل في المنهج أو قصور في العملية التربوية والتعليمية أو أخطاء سياسية وإدارية، أو خلل فكري وثقافي متراكم أسهمت فيه كل الأطراف والمكونات المؤثرة في صياغة الفرد، والفاعلة في ميادين التخطيط والإعداد، والعمل والتنفيذ، والتقويم والمتابعة.
معالجة ظواهر التطرف لا تكون بالفزعة، ولا تتم بالهجوم الإعلامي والاقتصار على أساليب التقريع والتشنيع، كما لا يقتصر على المعالجة الأمنية مهما كانت فاعلة وقويّة، بل لا بد من الدراسة الدقيقة والمستفيضة التي تتسم بالعلمية والموضوعية والتخصص، والوقوف على الأسباب والعوامل الحقيقية بجرأة ووضوح، من أجل الوصول إلى تشخيص دقيق يصلح لمعالجة صحيحة وسليمة وفاعلة.
المعالجة ينبغي أن ترتكز إلى مفهوم «الأمن الشامل» الذي يتناول كل الجوانب السياسية والأمنية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والثقافية والاقتصادية، وأن يشترك في عملية العلاج والمواجهة كل الأطراف والمؤسسات على الصعيد الرسمي والشعبي، وأن يتحمل كل طرف مسؤوليته ضمن دائرة تأثيره وفاعليته، ويجب الابتعاد عن تقاذف التهم وتبادل التبرير، فالمسؤولية مشتركة، ويتحملها كل الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية كل بحسب ما يملك من وسع وطاقة وأوراق قوّة وقدرة على الإسهام في هذا الشأن المجتمعي العام.
وظيفة الحكومة في هذا السياق هي الأعلى شأناً بكل تأكيد حيث تتعلق بالقدرة على تنسيق الجهود وتوزيع الأدوار، والعمل على خلق البيئة المناسبة للتعاون والمشاركة، من خلال توحيد الرؤية وصياغة الرسالة للدولة بكل مؤسساتها، التي لا تستثني طرفاً أو مكوناً في عملية المواجهة المجتمعية للأخطار التي تحيط بنا جميعاً بلا استثناء، وأول هذه الخطوات العمل على توحيد منظومة القيم للجيل القادم، وتوسيع دائرة المشاركة وتعظيم مساحات التوافق، وإشاعة قيم التسامح وتقبل الآخر، وتقليل الفجوة بين شرائح المجتمع الآخذه بالاتساع في ظل التوسع الهائل في مجال التعليم الخاص، غير المنضبط في فلسفة واحدة للدولة الموّحدة، ومنظومة القيم المشتركة للمجتمع الواحد الموّحد.
الدستور