2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

أين الدور الروسي والصيني في غزة

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : في الحرب على غزة التي استمرت ما يقارب الخمسين يوماً، وما رافقها من تدمير هائل، وقتل بالآلاف، وتشريد كبير، كان هناك غياب روسي وصيني عن المشهد الغزيّ، بينما كان الصوت الروسي والصيني حاضراً بقوة في المشهد السوري منذ البداية، واستخدمتا الفيتو المزدوج أمام محاولات لاستصدار قرار من مجلس الأمن بخصوص مستقبل نظام بشار الأسد ومستقبل الدولة السورية، واصرا بقوة على عدم الموافقة على إجراء اي تغيير سياسي في المعادلة القائمة، مما أسهم في إطالة أمد الحرب فيها، بل هناك تأكيدات بأن روسيا أطلقت تهديداً حاسماً بهذا الخصوص وصل الى التهديد باستخدام السلاح النووي، وهذا ما يفسر تراجع الموقف الغربي إزاء تطورات المشهد السوري.
يبدو أن الحرب في غزة لم ترق إلى مستوى المساس بالمعادلة الدولية، ولا إلى المساس بالمعادلة الإقليمية،ومصالح الدول الكبرى ، وإنما تم النظر إليها أنها لا تخرج عن الصراع ضمن المحور الأمريكي نفسه، فالمحور التركي- القطري، في مقابل المحور المصري- السعودي- الاماراتي- السلطة الفلسطينية وآخرون، يعتبرون كلهم ضمن المحور الأمريكي الكبير الذي يشملهم ويشمل غيرهم، مما جعل كل ماحدث في غزة لا يعني روسيا كما لا يعني الصين، وهما لا ينظران إلى الصراع القائم أنه لايعنيهما .
المشاكسة التي تحدث بين اللاعبين الكبار في المحور الأمريكي يدفع ثمنه اللاعبون الصغار، والثمن الباهظ تدفعه الشعوب العربية كلها التي ترقب تطورات المشهد وإعادة تموضع القوى الإقليمية التي ترى في المنطقة العربية ساحة للتنافس والكسب، وصراع الأقران والأشقاء ينظر اليه انه داخل الملعب الواحد ،واثره الخارجي محدود وتحت السيطرة.
انقسام العرب وتنافسهم في التبعية للمحاور الإقليمية القائمة، أضعفهم وأضعف قضاياهم وأضر بمستقبل شعوبهم، حيث ما زال المشهد العربي قاتماً، ولا يبشر بخير ولا يلوح في الأفق مؤشرات ايجابية تدل على تطور أداء العرب السياسي، وليس هناك ما يدل على زيادة الوزن العربي في المعادلات القائمة، بل ما نشهده هو عبارة عن انحدار في منحنى القوة العربية، وزيادة في التشتت والانقسام والتشرذم وانعدام الوزن.
لم تقتصر قتامة المشهد على الانقسام بين الأقطار العربية بل يزيد المشهد قتامة عندما يتعرض القطر الواحد إلى مزيد من التشظي ومزيد من الانقسام، واشتعال الحروب الأهلية والطائفية والمذهبية والدينية داخل الشعب الواحد، مما يزيد من مساحة الفوضى التي أدت إلى ظهور قوى جديدة لا تدرك عواقب أفعالها المتطرفة الناتجة عن فكر متقزم ونظرة ضيقة تلحق الضرر بشعوبها وأوطانها ومستقبلها، وسوف تجني على نفسها ايضا.
أكثر ما يؤلمك أن يكون الصراع داخل قفص زجاجي، وأن تكون المعارك داخل زجاجات فارغة مغلقة، وأن تتحول الشعوب إلى ضحايا لعب صغيرة محدودة الأفق والنتائج، ويستغرق الممثلون في الدور المرسوم، وتصطف الشعوب في مدرجات الملهاة بين ذبيح ومصفق ببلاهة منقطعة النظير.
مهمة القوى السياسية في العالم العربي يجب أن تتجاوز مهمة البحث عن التبعية وسط زحام اللاعبين الإقليميين، وان تتجاوز لعبة السماسرة الصغار، وأن تعمل جاهدة على بلورة المشروع العربي الكبيرالمستقل، الذي يعبر عن أشواق الشعوب العربية بالوحدة، واتصالها بمشروعها الحضاري الكبير الذي يتجاوز كل أنواع التبعية والعبث، وأن تقرأ المشهد القائم بذكاء وأن تشرع بمعركة الوعي واليقظة وأن تنهض من بين ركام التعصب والاقتتال بكل أشكاله وتجلياته نحو الامساك بأوراق القوة والسير على درب الانتصار الحقيقي.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير