jo24_banner
jo24_banner

عام جامعي جديد

د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : يفتح العام الجامعي الجديد ذراعيه لاستقبال ما يقارب المائتي ألف طالب من خيرة شباب الأردن، يلتحقون بجامعاتهم وكلياتهم، متوزعين على مختلف التخصصات وعلى مختلف الجامعات الرسمية والأهلية، وفقاً لبعض الإحصاءات المنشورة.
هؤلاء الطلاب أمل الأردن ومستقبلها، ووجهها القادم، ومن بين هؤلاء من سوف يكون رئيساً للحكومة أو وزيراً أو مسؤولاً إدارياً، أو تربوياً، أو اعلامياً، أو مفكراً اقتصادياً أو منظراً اجتماعياً، أو محللاً سياسياً، ومنهم من يكون في صف المعارضة بكل تأكيد، بمعنى أنهم سوف يمثلون المشهد الأردني القادم كاملاً بكل تفاصيله، ولذلك ينبغي أن يكون التعامل مع هذه الشريحة وفقاً لهذه الرؤية المستقبلية وانطلاقاً من هذه القاعدة الصحيحة، فهي ليست ضرباً من الخيال، ولا حديثاً رومنسياً مغرقاً في المثالية.
نقول ذلك في ظل قراءة التقرير العالمي الذي رتب أول عشر دول في مجال التعليم على النحو التالي : روسيا ، كندا ، اليابان ، اسرائيل، الولايات المتحدة الأمريكية، كوريا الجنوبية، استراليا ، بريطانيا، نيوزلندا، ايرلندا، مما يؤشر على تأخر العرب على سلم الترتيب والتصنيف العالمي لمستوى التعليم، لنقف على حقيقة ساطعة كالشمس، أن طريق القوة والنهوض تبدأ بإصلاح التعليم ومنظومته ومؤسساته ومناهجه من أجل صياغة جيل الإصلاح، القادر على حمل عبء الإصلاح الوطني الشامل، حيث ثبت بالوجه القطعي أنه عندما لا تجد الأفكار الجميلة والنظريات الصحيحة حاضنة شبابية وقاعدة اجتماعية، فسوف تبقى ضرباً من التنظير البارد، والجهد الضائع، مع ضرورة الإيمان بالعمل على كل مسارات الإصلاح بشكل متواز، وفقاً لمنظومة متكاملة مترابطة، حتى لا يفهم من هذه الفكرة التخلي عن الإصلاح السياسي أو التباطؤ فيه.
يجب أن نقر ونعترف بأننا مازلنا بعيدين جداً عن المشروع الجدي بإصلاح ملف التعليم العالي على مستوى الجامعات، ومازالت الشقّة أمامنا واسعة وبعيدة ودون تحقيق هذا الهدف خرط القتاد، من خلال استقصاء حالة التعليم وقراءة المشهد الطلابي في الأسبوع الأول من بدء الدوام الجامعي، عندما تنظر إلى حالة انتظام إلى الطلاب في محاضراتهم والتزامهم في مواعيد بدء الفصل الدراسي، فضلاً عن الالتزام بآداب المتعلم وأخلاقيات العلم وآدابه، والجدية في التحصيل والاستقصاء والبحث والتنقيب.
طلابنا الأعزاء في غالبيتهم يشعرون بمتعة الغياب والتلكؤ في الالتحاق المبكر بالفصل الدراسي، وينظر إلى اغتنام غياب الأسبوع الأول، فضلاً عن الحرص على اكتساب ما يعتبره حقاً له في الغياب 15% من المحاضرات، أما إذا أردت معرفة مقدار الحرص على اقتناء المراجع، وهمة المطالعة والبحث والتحضير، والرجوع إلى المصادر، وطرق أبواب المكتبة، فسوف تجد العجب العجاب وحدث ولا حرج.
لا نحمّل الطالب المسؤولية الكاملة عن هذا القصور بكل تأكيد، لأن مسؤولية القصور تتحملها الأطراف كلها مجتمعة، ذات العلاقة بالعملية التعليمية، ابتداءً بالطالب ومروراً بالاستاذ والمناهج، وحلقات الإدارة جميعها، حتى تصل إلى مستويات الإدارة العليا، وإلى وزارة التعليم العالي والحكومة، دون أن ننسى دور الأسرة والمجتمع، وكل مؤسسات المجتمع المدني.
المطلوب أن تتضافر الجهود مجتمعة من أجل اكتمال العملية التعليمية وخلق بيئة تعليمية جادة، وإبداء الصرامة الكاملة المتمثلة باحترام الوقت، إذ لا يعقل الوصول إلى جو تعليمي حقيقي، وبيئة تعليمية سليمة في غياب مفهوم قيمة الوقت وثمنه، لأن ذلك مؤشر على انهيار منظومة القيم التربوية والتعليمية، وينبغي أن نعلم أن احترام الوقت عبادة، وشعيرة من شعائر الإسلام، وسلوك حضاري قويم، لا يمكن التساهل به، حيث أن التساهل مع هذه القيمة يؤدي إلى ترهل تربوي تعليمي مريع، يحول دون تحقيق الحد الأدنى من أهداف التدريس الجامعي، ويتساوق ذلك مع الشروع بإصلاح المضامين والمعاني والجوهر.

الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير