jo24_banner
jo24_banner

العيد والوضع العربي

الكابتن اسامة شقمان
جو 24 : بمناسبة قدوم عيد الاضحى المبارك, كل عام وأنتم بخير, لا أجد وصف لحالة الامه العربيّة الرّاهنة أفضل من بيت أبي الطيب المتنبّي «عيدٌ بأيّ حال عدت يا عيد – بما مضى أم لأمر فيك تجديد» ما أشبه الليلة بالبارحة, أن الوضع العربي المعقد الراهن الذي تعيشه شعوبنا العربية والتبعية للهيمنة الغربية منذ اتفاقية "سايكس بيكو" وتجزئتها لوطننا العربي عام 1916, وانهيار ما يسمى بثورات الربيع العربي التي انطلقت واندلعت جراء إضرام محمد البوعزيزي النار بنفسه يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010, في تونس احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية لعربة كان يبيع عليها الخضار لكسب رزقه, أن احدى أسباب اندلاع ما يسمى بثورات الربيع العربي هو انتشار الفساد وسوء الأحوال المَعيشية في كافه أرجاء الوطن العربي, بعد اربع سنوات من إضرام محمد البوعزيزي النار بنفسه, فبدلاً من أن تتمتع الشعوب العربيه بالتحرر بعد أن تغيرت بعض الأنظمة, حيث انتقل النظام العربي بمجمله من أرضية التحرر الوطني والاجتماعي كعنوان رئيسي في بدايه الربيع العربي, إلى أرضية التبعية والارتهان السياسي والاقتصادي والامني كعنوان جديد, بعبارة أخرى وصول معظم الدول العربيه إلى حالة تعبر عن فقدان الوعي الوطني وثوابته ومرجعياته سواء بالنسبة للقضايا السياسية, الاقتصادية والاجتماعية.

ألف سنة ونحن « ننعق مع كلّ ناعق ونميل مع كلّ ريح » والقول للإمام عليّ, أمّة ضحكت من جهلها الأمم, بأيّ حال عدت يا عيد علينا, المسجد الأقصى المبارك, مدينة القدس, بغداد, دمشق, طرابلس الغرب, اليمن, فلسطين, غزه, جبهة النصرة, الفكر السلفي الجهادي, المذهبي, التكفيري و«داعش» أمه غارقة في فتنها و في انتظار فتن قادمة, البلدان العربيه غارقه في أنانيّة نخبته الحاكمه الأشاوس الأبطال , الراكعون عند ابواب الغرب, حكام متسولون للأمن والأمان, عاشقون للسلطان على حساب شعوبهم وأوطانهم وعقائدهم , لا شيء يوحي بأنّ دار لقمان لن تكون على حالها, لم يعد ثمة خلاف على أن المتغيرات النوعية المتدفقة في داخل الوطن العربي, هي احدى اهم ميزات القرن الحادي والعشرين, وقد شكلت في مجملها واقعاً رئيسياً ووضعت الامه العربيه على عتبة مرحلة جديدة لم تعهدها من قبل, أن الانهيار المريع في كل من المنظومة الفكريه و منظومة التحرر القومي العربي, وازدياد مظاهر التفرد والاستبداد والفساد والفقر والفوضى, تكاد تكون قاسماً مشتركاً من حيث الجوهر بين كافه البلدان العربيه, مع اختلاف في درجاتها وأشكالها في هذه الدولة أو تلك, مما نتج عن ذلك من شعور لدى الشعوب العربيه بالخوف من السلطة المستبده وممارساتها, و هو شعور يعبر عن حاجة هذه الشعوب لنظام ديمقراطي تحكمه سيادة القانون والعدالة الاجتماعية .

إن التخلف السياسي هو جوهر القضية منه بدأت وانطلقت مآسينا ومشاكلنا ونكستنا ونكبتنا, ان التخلف السياسي الملازم للامه العربيه عبر عدة قرون اوصلنا الى ان يرتبط بالفقر الفكري والثقافي مما ادى الى تدني مستوى المعيشة وغياب العدالة في المجتمعات العربيه, أن المشاركة السياسية والديموقراطية الحقيقية والقبول بمبدء الاختلاف بكل انواعه وتعلم الاستماع للآخر والقبول به مهما كانت آراؤه شريطة عدم تبنيه العنف كوسيلة بأي شكل من الأشكال, واختيار الاحتكام إلى الآلية الديمقراطية كمفتاح للمشاكل في بلداننا العربية, اللهم اني اسألك أن يأتي العيد يوم ننتصر فيه لثقافه العقل ونغلّب فينا إرادة الحياة على إرادة الموت ومصلحة الوطن على مصلحة الفرد, أبارك للجميع هذه المناسبة, وكل عام والجميع بخير.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير