2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من ينقذ الموقف؟

جمانة غنيمات
جو 24 : كرة مقاطعة الانتخابات تتدحرج وتكبر، بدأت بالحراك وانتهت بإعلان رسمي من الإسلاميين بالمقاطعة، وأخطر من هذا كله العزوف الطبيعي عن المشاركة التي تكرست منذ العام 1993 بإقرار قانون الصوت الواحد.

وبعيدا عن الجدل القائم اليوم حول المشاركة من عدمها وحملات الترويج الإعلامية، كانت الحكومات تعاني دوما لرفع نسبة المشاركة، إلا أن الصورة السلبية في أذهان الناخبين لمخرجات قانون الانتخاب خلقت حالة عامة من عدم الاكتراث بالمسألة، باستثناءات قليلة ترتبط بمصالح شخصية.

الموقف الرسمي حتى اليوم مصرّ على إجراء انتخابات قبل نهاية العام، وسط حالة من الضبابية، وفريق ينظّر بأن إجراء انتخابات حرة ونزيهة كاف لإخراج البلد من المأزق الكبير، وأن نزاهة الانتخاب شرط لقبول مجلس نواب يحظى بالحد الأدنى من الرضا الشعبي.

هذه النظرية كانت تصلح في انتخابات 2010 التي مورس خلالها كل أنواع التدخل، لكن تطبيقها اليوم لن ينفع، إذ ما جدوى إجراء الانتخابات وسط مقاطعة مختلف الأطياف السياسية والحزبية والحراكية، الرافضة للصوت الواحد رفضا قاطعا.

الانتخابات النزيهة لا تكفي لحل العقدة، فإجراء أية انتخابات وفقا للقانون الحالي والتعديلات التي أدخلت عليه سيزيد من تعقيد المشهد المحلي، وكفيل بتصعيد في الشارع بشكل لا ينقذ البلد، بل يزيد أفق السيناريوهات الصعبة التي ما تزال المحاولات قائمة لتجنبها.

المطلوب اليوم عقل بارد يضع كل الحسابات جانبا، ويبقي مصلحة البلد فقط بالحسبان، حتى يتسنى له اتخاذ القرار المناسب، بشكل ينقذ الموقف ويخرج قانون الانتخاب من حالة المخاض العسير المستمرة منذ أشهر.

في البدء كانت لجنة الحوار، تلاها "قانون البخيت" القائم على ثلاثة أصوات وقائمة، لننقلب عليه ونأخذ بـ "قانون الخصاونة" الذي يقدم صوتين للناخب وآخر لدائرة الوطن، لينتهي بنا الحال عند "قانون الطراونة" صاحب الصوت الواحد.

الحل سهل وبسيط لكنه تأخر لدرجة صار جعله واقعا بحاجة لوصفات وتحليلات وتدخلات، تضع تخريجة مناسبة تعيدنا إلى مربع الصوتين الذي ترضى به القوى المجتمعية والسياسية والحزبية، ليكون نقطة انطلاق لمرحلة سياسية جديدة.

الأوصياء على الصوت الواحد صمّوا آذانهم عن الأصوات الوطنية التي دعت لإجهاض هذا القانون، وتحديدا في الاجتماع الأخير لمجلس الأعيان، حيث دخلنا مرحلة تأزيم من جديد.

بعض الأعيان شددوا على أن ما أقر مخالف لرغبات الملك، وطالبوا بإعطاء الناخب صوتين في الدائرة الانتخابية بدلا مما هو مطروح. والبعض ظل مصرا على النظر للبلد من ثقب صغير وأجهض كل محاولات التغيير، وبقي مصرا حتى اللحظة الأخيرة على الاحتفاظ بالحق المطلق بوضع قانون يمس حياة الناس ومصير البلد حاضرا ومستقبلا، وهو ما يجافي الحرص على الوطن واستقراره.

المطلوب اليوم العثور على سبيل لتبديل الحال ووضع حلول للوصول إلى قانون انتخاب توافقي يقنع الجميع بالمشاركة، ويضعف حالة الاستنكاف والعزوف، ويجعل الجميع شركاء في التغيير، بعيدا عن سياسية الإقصاء، ومحاولات إبقاء الاستئثار بالسلطة. حكومة الطراونة في دفاعها عن القانون تؤكد أنها لن تفصل قانونا لجهة بعينها، وهي بذلك تغض الطرف عن الحقيقة وتجافي الواقع، فمن القائل بأن الإسلاميين وحدهم من يرفض القانون، وماذا عن الجبهة الوطنية والحراكات الشعبية أبناء الدولة، والعشائر، ورئيس مجلس الأعيان الذي غاب عن جلسات إقرار القانون من قبل المجلس رغم تواجده في البلد؟

ثمة طروحات قائمة يمكن الالتفات إليها تبدأ برد القانون من قبل الملك، وإدخال تعديلات تكون مرضية لطيف واسع من المجتمع، وتشجع على المشاركة لنتجاوز المرحلة الراهنة الحساسة والمصيرية.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير