jo24_banner
jo24_banner

داروا سفهاءكم

باسل العكور
جو 24 :

ماذا لو ابتليت بسفيه بلغ درجات متقدمة من الصلف والسعار؟ كيف تتصرف ان قام بالاساءة اليك وانت تعرف جيدا ان ردك عليه لا يضيره مهما بالغت في توصيف حالته المرضية المتأخرة. انت امام مزيج معقد من الامراض النفسية وعقد النقص المركبة، الواحد منهم يعيش حالة متقدمة من الانكار ويعاني من تشوهات نفسية عميقة لا تستطيع ان تتعامل معها وفق اي منطق في الدنيا، ردود افعالهم غير متوقعة ولا يمكن التنبؤ بها على الاطلاق، ومع ذلك تجد ان هذا المبتلى راض متعايش مع نفسه السيكوباتية ولا يحفل بالنقد مهما بلغت قسوته..

اليوم فقط عرفت ان الكتابة لا تجدي نفعا، وان الفصاحة والبيان او بالاحرى حصيلتي المتواضعة منهما ليست اداة كافية لمعالجة كل شئ، احيانا لا يشفي غليلك الكَلِم. فتراك مقيدا، تعيش حالة صراع حقيقية بين طبيعتك الاولى "ان تجهل فوق جهل الجاهلينا" وكونك انسانا متمدينا متحضرا يحترم الاختلاف ويؤمن بالقانون..

للاسف هناك من يتقصد الاساءة للاخرين معتمدا على تحالفاته وعلاقاته العضوية مع صناع القرار ومراكز القوى والدوائر الامنية المختلفة ويظن ان هذه الحواضن قادرة دائما على تصريف الازمات وتدارك العواقب واحتواء الضرر، ولكن السؤال المهم الى متى ستحتمل هذه الحواضن كل هذه الرعونة والخفة وحالات الشطط والانفلات وفقدان السيطرة التي يصابون بها بشكل متواتر وبذات الاعراض المرضية المستعصية؟!

لا محرمات في قواميسهم، يستبيحون الناس ويتعالون عليهم ويتصرفون على اساس انهم الاذكى والاقوى، وهذا -بالمناسبة- وهم يصاحب هذه الحالة المرضية ويطغى على غيرها من الصفات. يمضون سحابة يومهم في حياكة المؤامرات وتدبير المكائد ونفث السموم للايقاع بين الناس واذكاء مشاعر الكراهية والعداء. كيف لانسان ان يعيش مع هذه المتناقضات كلها؟!

في مجتمعاتنا فقط يحترم هذا النوع من البشر، او للدقة يجامهلم البعض ويتحملون نوبات جنونهم واعراض انفصامهم وما يصاحب ذلك من برانويا وجنون عظمة. واظن ان التوصيف الدقيق لسلوك -البعض- هو انتهازيتهم ووصوليتهم، والا كيف يمكن فهم هذا النوع من العلاقات غير السوية وغير المتكافئة؟

على كل حال، جميعنا معرضون للتعامل مع اشخاص يعانون من بعض او كل هذه الامراض النفسية، فهؤلاء بيننا ربما اقرب مما نعتقد، واحيانا اخرى يكونون في مواقع قيادية متقدمة (نوابا او وزراء او ...)، او أناسا اعتياديون لا تتوقع ان تجتمع بهم كل هذه العقد، وفي حالة اننا اضطررنا ان نتعاطى مع هؤلاء فانني انصح -ومن وحي الخبرة والتجربة- بان نرجع الى الحديث الشريف الذي يدعونا لمداراة هؤلاء وتجنب الاشتباك معهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "داروا سفهاءكم"، وها نحن نفعل ..

تابعو الأردن 24 على google news