إلى هذا الحد وصلنا؟
لم نكد ننسى معاناة أطفال دور رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال، والمعاملة اللاإنسانية التي يتلقونها من إدارات هذه المراكز، وفيما ما نزال نتابع اعتصام الأيتام على الدواوير، ومعاناة هذه الفئة التي تحتاج الرعاية، حتى جاءتنا أخبار الزنازين في دور رعاية المسنين!
المراقب يلحظ ترديا في أوضاع كثير من الفئات التي تحتاج رعاية خاصة، بدءا من كبار السن مرورا بالأطفال وصولا إلى ذوي الإعاقات، وكأن شبكة الحماية التي وضعت لهؤلاء والبرامج الخاصة بهم فشلت في حمايتهم.
وزارة التنمية الاجتماعية المسؤولة عن كل هذه الشرائح، لا تكاد تخرج من أزمة حتى تقع في أخرى، وآخرها تلك المتعلقة بدور رعاية المسنين.
هذه المشكلات ليست جديدة، لكن الأجواء العامة ساعدت على كشفها؛ إذ لعب الإعلام دورا أساسيا في إيصالها إلى الرأي العام. فمنذ زمن ونحن نسمع عن معاناة الأيتام، وعن سوء معاملة الأحداث، وليس كبار السن أفضل حالا.
مسؤولية ما يحدث لا تقع على الجهات الحكومية فحسب، بل تطال الجميع، بدءا من مؤسسات المجتمع المدني وصولا إلى القطاع الخاص الذي لم يؤد دوره تجاه هذه الفئات، وظل متفرجا كما هو حاله دائما دون أدنى مساهمة لانتشال هؤلاء من معاناتهم ضمن مبادرات خاصة يقدمها في إطار دوره في المسؤولية الاجتماعية.
في حين وجدنا قطاعا خاصا استثمر في هذه الفئات، ليس شعورا بها وتقديرا لأوضاعها، بل لأنه وجد بابا واسعا للربح من هذا العمل. لكن هذا القطاع لم يراع معادلة الحقوق والواجبات؛ فتراه يجني المال الكثير دون أن يوفر الحد الأدنى من الرعاية للفئات المستهدفة، رغم حاجتها الماسة للاهتمام.
ملف الرعاية الاجتماعية للشرائح الضعيفة يكتنفه كثير من الأخطاء. وحماية هذه الفئات بحاجة إلى جهود كبيرة لا تقف عند حدود ما تقدمه الحكومات والجهات الرسمية، بل تتطلب تضافر الجهود بعيدا عن التنظير من قبل المؤسسات الخاصة والمدنية والجهات المانحة التي تقدم أموالا لتمكين هذه الفئات وحماية حقها في حياة كريمة بدون طائل.
ثمة أموال كثيرة تتلقاها المملكة من دول وجهات مانحة تذهب في اتجاهات غير مفيدة، وتنفق على قضايا لا تفيد إلا الجهة المستفيدة من التمويل، فيما ينعكس المال بشكل سطحي غير حقيقي على كل الشرائح السابقة.
توجيه الإنفاق الرسمي والمنح والمساعدات المقدمة لهذه الفئات ضرورة لتمكينها، خصوصا أن المبالغ التي تقدم لهذه الغايات ليست قليلة، لكن تأثيرها يكاد يكون معدوما، الأمر الذي يتطلب رقابة غير عادية من الجهات الرسمية وتلك المانحة حول كيفية إنفاق المبالغ ونتائج ذلك الإنفاق.
يساعد في حماية هذه الفئات إعادة النظر في التشريعات الناظمة للمؤسسات، ومراجعة التعليمات. وتغليظ عقوبات المخالفات أيضا مهم، حتى تبنى عوائق كبيرة صعبة الاختراق في وجه كل من يحاول المساس بهذه الفئات، واستغلالها بشكل لاإنساني، ضمن معادلة تخضع فقط لمبدأ الربح والخسارة، ولا تقيم وزنا لكل المبادئ والأخلاق الإنسانية.
محزن ومؤسف ما وصلنا إليه، فنحن نعذب الأطفال المعاقين، ونهمل في دور الحضانات، ولا نجل كبار السن بل نقسو عليهم؛ فمن يتحمل المسؤولية بعد أن فقد المجتمع كل حس إنساني في دعم هؤلاء المساكين ومساعدتهم.
jumana.ghunaimat@alghad.jo
(الغد)








