إحباط المشروع الفلسطيني والسياق الإقليمي
د. رحيّل الغرايبة
جو 24 : لا يمكن فهم الموقف الأمريكي من الملف الفلسطيني باجمال، ومن المشروع الذي تم تقديمه لمجلس الأمن مؤخراً، والذي يتضمن إنهاء الاحتلال «الاسرائيلي» في معزل عن السياق الإقليمي برمته، وبمعزل عن التعامل مع الملف السوري والملف العراقي، وملف داعش، وبقية الملفات الساخنة.
إعادة ترتيب المنطقة يحتاج إلى عشر سنوات أخرى على الأقل، حيث أعلن مصدر أمريكي أن الحرب على داعش ربما تستغرق عشرة أعوام، حيث تم صناعة عدو مناسب يمكن الأمريكان من الحشد الدولي أولاً، كما أنه لا يحظى بالتعاطف العربي والإسلامي بالدرجة التي تشكل عائقاً أمام استكمال مخططات المواجهة على كل الأصعدة والمستويات المطلوبة سياسياً وعسكرياً وثقافياً.
الحرب على داعش تشكل مسباراً ممتازاً وغطاءً كاملاً للإعداد والتعامل مع موضوع «طبخة المنطقة» التي تحتاج إلى انضاج ظروف الترتيب التي تحظى بموافقة جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة على مستوى إقليمي وعلى مستوى عالمي، وعلى مستوى محلي بدرجةٍ ما من درجات القبول للوضع السوري المقبول أمريكياً واسرائيلياً أولاً، والمقبول روسياً وإيرانياً ثانياً، والمقبول تركياً وعربياً في مستوى ثالث، والمقبول شعبياً وعلى صعيد القوى السياسية والمكونات الاجتماعية بدرجة رابعة.
التدرج في مسألة حل القضية الفلسطينية مضى عليه ما يزيد على نصف قرن من الزمن، من حيث إنزال القضية من إطارها الإسلامي العريض إلى الإطار العربي، ومن ثم اختزال المسألة إلى إطارها الفلسطيني الضيق عام (1974) في مؤتمر الرباط الذي قرر على المستوى العربي أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، حيث أن إضافة كلمة الوحيد تنفي أي مشاركة لأي طرف عربي مهما كانت درجة القرب والتعاون، مع العلم أن انشاء المنظمة كان في أوائل الستينيات بقرار دولي وعربي، لسهولة التعامل مع هذه القضية الشائكة.
مؤتمر مدريد كان تهيئة لاتفاقية أوسلو التي تم الإعلان من خلالها التخلي عن المقاومة وعن طريق البندقية، والاقتصار على أسلوب المفاوضات الذي تم اعتباره الخيار المتاح و الحل الشرعي والوحيد أيضاً.
مضى على هذا الخيار ما يزيد على عشرين عاماً، ولا تعدو المفاوضات أن تكون طبخة حصى، حيث أن المفاوضات لم تؤد إلى إنهاء الاحتلال، ولا إلى الانسحاب «الاسرائيلي»، ولم يوقف مسار الاستيطان السرطاني الذي يقضم الأرض يوماً بعد يوم، ولم يوقف عملية التهويد للقدس والأقصى وبقية المقدسات، ولم تؤمن عودة اللاجئين والمهجرين، ولم ترفع ضغط الاحتلال القائم على المداهمة والاعتقال وهدم البيوت، وفرض الضرائب ومصادرة جميع الحقوق الإنسانية للبشر.
وبعد مضي كل هذه المدة تقدم الفلسطينيون المجردون من كل أوراق القوة للعالم بمشروع إنهاء الاحتلال خلال فترة زمنية محددة في المستقبل، ثم معارضة القرار واجهاضه بإشارة واضحة أن مسار القوة مرفوض، ومسار المفاوضات فاشل وفارغ من أي مضمون، ومسار الذهاب إلى هيئة الأمم ومجلس الأمن والمؤسسات الدولية يصتدم بجدار مسدود، من أجل الوقوف على حقيقة واحدة تتجلى في دفع الشباب الفلسطيني والأجيال العربية الجديدة إلى دوامة الاحباط واليأس والشعور بالضعف والعجز والأفق المسدود، التي تهيء لفوضى عارمة تسود المنطقة، وإغراق المنطقة بحرب داخلية طاحنة تستهلك حطباً كثيراً ووقوداً هائلاً، يتم استنفاذ طاقة الأمة من خلاله، وتحطيم جيوشها، وإضعاف قوتها، من أجل فرض حل الأمر الواقع، وفي نهاية المطاف سوف يتم تقاسم النفوذ بين اللاعبين الأقوياء، والخاسر الوحيد هم العرب الذين لا يجمعهم مشروع موحد، ولا ينطلقون من رؤية واضحة، مما يجعلهم حباً يطحن في مطاحن الأقوياء، ويصب في مصلحة أصحاب المشاريع الموجودة على الأرض وفي الميدان.
الدستور
إعادة ترتيب المنطقة يحتاج إلى عشر سنوات أخرى على الأقل، حيث أعلن مصدر أمريكي أن الحرب على داعش ربما تستغرق عشرة أعوام، حيث تم صناعة عدو مناسب يمكن الأمريكان من الحشد الدولي أولاً، كما أنه لا يحظى بالتعاطف العربي والإسلامي بالدرجة التي تشكل عائقاً أمام استكمال مخططات المواجهة على كل الأصعدة والمستويات المطلوبة سياسياً وعسكرياً وثقافياً.
الحرب على داعش تشكل مسباراً ممتازاً وغطاءً كاملاً للإعداد والتعامل مع موضوع «طبخة المنطقة» التي تحتاج إلى انضاج ظروف الترتيب التي تحظى بموافقة جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة على مستوى إقليمي وعلى مستوى عالمي، وعلى مستوى محلي بدرجةٍ ما من درجات القبول للوضع السوري المقبول أمريكياً واسرائيلياً أولاً، والمقبول روسياً وإيرانياً ثانياً، والمقبول تركياً وعربياً في مستوى ثالث، والمقبول شعبياً وعلى صعيد القوى السياسية والمكونات الاجتماعية بدرجة رابعة.
التدرج في مسألة حل القضية الفلسطينية مضى عليه ما يزيد على نصف قرن من الزمن، من حيث إنزال القضية من إطارها الإسلامي العريض إلى الإطار العربي، ومن ثم اختزال المسألة إلى إطارها الفلسطيني الضيق عام (1974) في مؤتمر الرباط الذي قرر على المستوى العربي أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد، حيث أن إضافة كلمة الوحيد تنفي أي مشاركة لأي طرف عربي مهما كانت درجة القرب والتعاون، مع العلم أن انشاء المنظمة كان في أوائل الستينيات بقرار دولي وعربي، لسهولة التعامل مع هذه القضية الشائكة.
مؤتمر مدريد كان تهيئة لاتفاقية أوسلو التي تم الإعلان من خلالها التخلي عن المقاومة وعن طريق البندقية، والاقتصار على أسلوب المفاوضات الذي تم اعتباره الخيار المتاح و الحل الشرعي والوحيد أيضاً.
مضى على هذا الخيار ما يزيد على عشرين عاماً، ولا تعدو المفاوضات أن تكون طبخة حصى، حيث أن المفاوضات لم تؤد إلى إنهاء الاحتلال، ولا إلى الانسحاب «الاسرائيلي»، ولم يوقف مسار الاستيطان السرطاني الذي يقضم الأرض يوماً بعد يوم، ولم يوقف عملية التهويد للقدس والأقصى وبقية المقدسات، ولم تؤمن عودة اللاجئين والمهجرين، ولم ترفع ضغط الاحتلال القائم على المداهمة والاعتقال وهدم البيوت، وفرض الضرائب ومصادرة جميع الحقوق الإنسانية للبشر.
وبعد مضي كل هذه المدة تقدم الفلسطينيون المجردون من كل أوراق القوة للعالم بمشروع إنهاء الاحتلال خلال فترة زمنية محددة في المستقبل، ثم معارضة القرار واجهاضه بإشارة واضحة أن مسار القوة مرفوض، ومسار المفاوضات فاشل وفارغ من أي مضمون، ومسار الذهاب إلى هيئة الأمم ومجلس الأمن والمؤسسات الدولية يصتدم بجدار مسدود، من أجل الوقوف على حقيقة واحدة تتجلى في دفع الشباب الفلسطيني والأجيال العربية الجديدة إلى دوامة الاحباط واليأس والشعور بالضعف والعجز والأفق المسدود، التي تهيء لفوضى عارمة تسود المنطقة، وإغراق المنطقة بحرب داخلية طاحنة تستهلك حطباً كثيراً ووقوداً هائلاً، يتم استنفاذ طاقة الأمة من خلاله، وتحطيم جيوشها، وإضعاف قوتها، من أجل فرض حل الأمر الواقع، وفي نهاية المطاف سوف يتم تقاسم النفوذ بين اللاعبين الأقوياء، والخاسر الوحيد هم العرب الذين لا يجمعهم مشروع موحد، ولا ينطلقون من رؤية واضحة، مما يجعلهم حباً يطحن في مطاحن الأقوياء، ويصب في مصلحة أصحاب المشاريع الموجودة على الأرض وفي الميدان.
الدستور