أضرار الإكثار من تناول السمك وتأثير الزئبق على الصحة
تُعتبر الأسماك من المصادر الغذائية الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، ولكنها تحتوي أيضاً على الزئبق. إن تناول كميات كبيرة من السمك، أو تناول أنواع معينة تحتوي على مستويات مرتفعة من الزئبق، قد يؤدي إلى التسمم بمركب ميثيل الزئبق. يمكن أن يحدث التسمم أيضاً نتيجة تناول كميات كبيرة من المأكولات البحرية. يدخل الزئبق إلى الأسماك من المياه التي تعيش فيها، وتحتوي جميع أنواع الأسماك على كميات من الزئبق، لكن الأنواع الكبيرة منها تحتوي على نسب أعلى، لأنها تتغذى على أسماك أصغر تحتوي أيضاً على الزئبق.
من بين الأنواع الأكثر شيوعاً التي تحتوي على الزئبق سمك القرش وسمك أبو سيف. كما أن أسماك مثل سمك التونة الكبيرة العين والأسماك المرلينية وسمك الإسقمري الملكي تحتوي على نسب عالية من الزئبق. على الرغم من أن استهلاك معظم الأشخاص للأسماك لا يسبب مشاكل صحية، إلا أن وجود نسب عالية من مركب ميثيل الزئبق في دم الأجنة أو الأطفال الصغار قد يؤدي إلى تضرر الجهاز العصبي، مما يؤثر سلباً على قدرة الطفل على التفكير والتعلم.
التوصيات للنساء الحوامل والمرضعات
لذلك، يُنصح النساء الحوامل بعدم تناول أكثر من 170 غراماً من التونة في الأسبوع، وأن لا تتجاوز الكمية 226 إلى 340 غراماً في الأسبوع من الأسماك الأخرى. يساعد هذا الإجراء في تقليل خطر تعرض الجنين للزئبق. كما يُنصح النساء خلال فترة الرضاعة بمراقبة كمية السمك التي يتم تناولها، حيث يمكن للزئبق الانتقال عبر حليب الأم إلى الرضيع.
الملوثات الأخرى في الأسماك
بالإضافة إلى الزئبق، يمكن أن يحتوي السمك على ملوثات أخرى مثل مركب ثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs) والإيثرات ثنائية الفينيل متعددة البروم (PBDEs) ومركبات الديوكسين ومبيدات الآفات المحتوية على الكلور. يمكن أن تتراكم هذه المواد الملوثة في الجسم لفترات طويلة وتسبب مشاكل صحية. يرتبط مركب ثنائي الفينيل متعدد الكلور بوجود مشاكل في النمو لدى الرضع عند تعرض الأم له قبل الحمل. يمكن أن يسبب هذا المركب تغيرات في دم الإنسان ووظائف الكبد وجهاز المناعة لدى البالغين. من المهم ملاحظة أن مركب ثنائي الفينيل متعدد الكلور والملوثات الأخرى يمكن أن تصل إلى الجنين عبر المشيمة، لكن هذا لا يعني عدم تناول السمك، بل من الأفضل الالتزام بالكميات الموصى بها.
توازن الفوائد والمخاطر
هل يجب تجنب تناول السمك بسبب محتواه من الملوثات؟ تعتبر الفوائد الصحية للأحماض الدهنية أوميغا 3 الموجودة في الأسماك مهمة جداً، حيث تلعب دوراً أساسياً في تعزيز صحة القلب والدماغ. ومع ذلك، يجب على الأفراد أن يكونوا حذرين بشأن الأنواع التي يستهلكونها وكمياتها. تُشير الدراسات إلى أن تناول كميات معتدلة من الأسماك ذات المحتوى المنخفض من الزئبق يمكن أن يوفر فوائد صحية كبيرة دون التعرض لمخاطر التسمم.
تُعتبر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) من الجهات التي تقدم توصيات حول استهلاك الأسماك. حيث تُشجع النساء الحوامل والأمهات المرضعات والأطفال الصغار على تقليل كمية الأسماك التي تحتوي على مستويات عالية من الزئبق، ولكنها تشير أيضاً إلى أن هناك أنواعاً من الأسماك يمكن تناولها بأمان.
يمكن تصنيف الأسماك وفق محتواها من الزئبق إلى ثلاث مجموعات: الخيارات الأفضل، الخيارات الجيدة، والخيارات التي يجب تجنبها. تشمل الخيارات الأفضل أسماك الأنشوفة، سمك السلمون، والسردين، بينما تشمل الخيارات الجيدة السمكة الزرقاء وسمك الهامور. أما الخيارات التي يجب تجنبها فتشمل سمك القرش وسمك أبو سيف.
في النهاية، يجب على الأفراد أن يكونوا واعين للمخاطر الصحية المرتبطة بتناول الأسماك، ولكنهم يجب أن يوازنوا ذلك مع الفوائد الصحية التي يمكن أن يحصلوا عليها من تناولها. من المهم استشارة الأطباء أو المتخصصين في التغذية للحصول على نصائح مخصصة تتناسب مع الحالة الصحية لكل فرد.













