2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

" الحركات التكفيرية "مرجعية الانفصال والفوضى بالدم

زيد محمد النوايسة
جو 24 : كأن مشاعرنا تبلدت ونحن ننتظر موعد بث تلك الصور والأفلام الدموية الصادمة التي أصبحت للأسف مشهدًا تلفزيونيا مألوفا واعتياديا ومتوقعاً، حتى أنه من بؤسنا وبؤس الحالة التي أوصلنا إليها الربيع الذي لم يعد أخضراً بل صبغ بالدم بفعل أدواته الرسمية وغير الرسمية، الظاهر منها والباطن، صرنا نشعر بأن علينا أن لا نخلد للنوم ونهرب من حالة الشعور المزمن بالهزيمة والضياع والخيبة التي أضحت قدراً أبدياً دونما أن نتابع مشاهد الدماء المسفوكة والممهورة بتوقيع عربي مسلم مبشراً انه سيقدم للعالم نموذجاً جديدا وفريداً من الحرية والإنعتاق ومحاربة الظلم والطغيان وبحد السيف!!

من أوصلنا لهذه البشاعة؟! من يملك الجرأة والشجاعة أن يسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية؟!! من يملك القدرة على الصمود والثبات أمام السيل الهادر من حملات التكفير والاتهام والتخوين؟!!،ما الذي ينتظرنا في قادم الأيام من الفوضى والدمار وفنون القتل التي أصبح العربي والمسلم- تحديداً- صاحب براءة اختراع وبيت خبرة ومرجع مختص فيها؟!!.

حتى عندما هاجر الكثير منا إلى بلاد الاغتراب هرباً من الفقر والقهر والجهل وبحثاً عن الأمل في أدنى مقومات الحياة الحرة الكريمة اكتشفنا بفعل –الإلهام الإلهي- لدى بعض المهاجرين الأميين، أن تلك البلاد بلاد كفر وظلال وزندقة وأهلها الأصليين خارجين على الدين وعلينا أن نعيدهم إلى الرشد والهدى وبحد السيف ولا بأس من دفع الجزية وألا فقطع الرقاب وحرق الأجساد أمر قاطع مانع مسنود بنص من نصوص –ابن تيمية- التي تعلو على كل النصوص بما فيها أقدس كتاب سماوي لنا وهو كتاب الله العزيز الحكيم- القران الكريم-!

دعونا نعطي للعقل والمنطق مساحة مريحة في الحكم ونملك شجاعة الاعتراف لأننا لا نملك ترف الوقت فالثمن هو مزيد من الدم والقتل، وبفعل ذلك الفكر الاقصائي وتعاليمه وحركاته الجهادية والتي يتربع على عرشها الآن "القاعدة" و"النصرة" وداعش" و"خرسان" و"جيش زهران علوش" وبقية العصابات التي صنعتهم دوائر الاستخبارات العالمية والعربية واخترقت دوائر صنع القرار والقيادة في تلك التنظيمات.

!

لم يحصد الإسلام والمسلمون إلا صورة بائسة مرعبه تمثلت بالإساءة والتشهير بالإسلام الحنيف الإسلام الحقيقي وأصبحت وجهة نظر غير المسلم في الإسلام أنه دين رسالته وهدفه وغايته القتل الجماعي وجز الرقاب وبإخراج تلفزيوني و سينمائي محترف!!، وأضحت صورة المسلمين مقتصرة على "السفاحين" و"القاتلين" وقاطعي الرقاب" رافضي أي دور للمرأة محتقرين لها، أعادوا للنخاسة سوقها بعد مئات السنين على اندثارها، أما الطفولة فقد نزعوا عنها كل عناوينها الجميلة وأنصرف الأطفال عن مقاعد مدارسهم إلى حلبات التدريب على القنص والقتل و"تأديب الضالين" و"هداية الكفار" ولكن بالأسلحة والتكنولوجيا التي ابتدعها هؤلاء الكفار كما تراهم تلك الفئة.

الأكثر إثارة للدهشة والألم بنفس الوقت، أن منا من لازال يراهن على أن كل الدماء التي أزهقت على الهواء مباشرة ليست ألا مشاهد تلفزيونية استخدمت فيها الخدع التلفزيونية والسينمائية وتقنيات الفوتوشب وربما الكاميرا الخفية!! وكأنهم بذلك يغتالون الشهداء والأبرياء الذين قتلهم الفكر الظلامي الأسود ألف مره في اليوم، دونما أدنى مراعاة لمشاعر أهلهم وذويهم، وبنفس الوقت يمنحون تلك الفئة الباغية وربما بقصد هامشاً من الغموض ويترك الباب مفتوحا للحكم عليهم ولو لفترة قصيرة، متناسين أن علينا أن نقر ونعترف أن تلك الأعمال والأفكار الضالة والمنحرفة سادت في تاريخنا عندما اختطف الإسلام من قبل أشباههم من الخوارج والحشاشين والقرامطة الذين "أوغلوا" في دماء المسلمين والعرب استناداً لتلك التعاليم السوداء والتي كانت مجرد اجتهادات لغلاة التشدد والتطرف وليست من الإسلام العظيم في شيء، لا بل أنهم لا يملكون "آية" واحدة من القران الكريم والحديث النبوي الشريف الصحيح والمتفق عليه بإجماع العلماء تؤكد ما ذهبوا إليه من فظاعات وبشاعة غير مسبوقة في منطقتنا، وان مصدرهم الرئيس هو ما يعرف "بالإسرائيليات" في الحديث والتفسير، فهناك إجماع لدى علماء الأمة الأفذاذ أن كثير من الأحاديث الضعيفة والمدسوسة تسربت إلى الإسلام في لحظة ضعف من تاريخ الأمة!

حالة الضياع والفوضى هي التي استدعت "داعش" وأخواتها مستندين في الدعوة إلى جاهلية مندثرة باستخدام العوالم الافتراضية ووسائل التواصل الاجتماعي لبث الرعب والخوف داخل الأمة وخارجها، ينهبون ثروات الأمة ومقدراتها ويوظفونها في تدميرها متحالفين مع أعداء الأمة سعياً لتحقيق الحلم الصهيوني بدولة من النيل إلى الفرات، تمكيناً للمشروع الصهيوني في أن تكون إسرائيل هي سيدة المنطقة مع هامش للحلفاء الإقليميين الذين تداعبهم أحلام الخلافة التي سقطت قبل مائة عام عندما استخدمت ذات الأدوات التي تستند إليها داعش وأخواتها!


ختاماً، لا احد محصناً من خطر هذه التنظيمات وأفكارها فلقد غدت "داعش" مرجعية سياسية لدعوات انفصالية كثيرة من مشرق الوطن العربي إلى مغربه ولا أظن عاقلاً عربياً يمكن له اعتبار أن بلاده بعيدة أو محصنة أو محمية سواء من تملك الثروة أو الدعم الدولي، فما يجري هو إعادة الأمة ومستقبلها قرونا أو يزيد إلى الوراء واستناداً إلى مرجعيات ونصوص تبرر تدمير الأمة وتدعي القداسة وهي مزورة وصنيعة الصهاينة وأدواتهم .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير