معركتنا جميعا في مجابهة الكورونا!!
حسنا فعلت الحكومة بقرار الحجر الاحترازي والاجباري على جميع القادمين للمملكة بعد ثبوت ست عشرة حالة حتى صباح الاثنين، ونتمنى ألا تتزايد ولكن علينا أن نهيئ أنفسنا للأصعب، فمعظم الحالات التي أعلن عنها كانت لأجانب ولعائدين من الخارج ومن خالطهم في الأردن.
كثيرون حذروا ومنهم كاتب هذه السطور قبل أسابيع من أن المشكلة في القادمين عبر المطار والمجموعات السياحية لكننا اليوم أمام واقع وتحدّ كبيرين لا ينفع فيه النقد بل تدارك الأمور بالحزم والحسم ولا يُحتمل في هذا الظرف تعدد وجهات النظر فالمطلوب من الجميع الالتزام بكل ما يصدر عن خلية إدارة الأزمة الحكومية دون إبطاء أو تردد.
نحن نعيش مخاطر صحية وظروفا استثنائية وضعت العالم كله أمام تحدي البقاء، والحكومات التي تصرفت بسرعة وبحزم لديها فرص أكبر للنجاة خاصة إذا ما ترافقت بحالة وعي والتزام من المواطنين والمجتمع بكل فئاته بالابتعاد عن التجمعات ذات الطابع التجاري والاجتماعي والترفيهي والديني وعدم التنمر على أي قرار حكومي خاصة ممن ينصبون أنفسهم أوصياء على المجتمع وحماة للدين تحت مسوغات كثيرة لا تخفى على أحد والذين لا يقل عن خطورتهم من يستغل هذا الظرف لجني مكاسب مادية.
عدم الانصياع للإجراءات الحكومية هو خروج على القانون ويجب أن يتلقى كل من يقدم على ذلك العقاب اللازم حماية للدولة والمجتمع، فنحن فعليا في حالة حرب لا تهاون فيها، وعندما تعلن دول عظمى حالة الطوارئ والقلق من فشل نظامها الصحي والتهيؤ لخسارات كبيرة وهي تملك إمكانيات اقتصادية وطبية هائلة علينا هنا أن نستدرك ذلك بأن يتحمل الجميع مسؤولياته الأخلاقية والوطنية من مواطنين وقطاع خاص حتى نعبر هذا التحدي بسلام.
الحكومة قدمت للآن خطوات إيجابية لمنع التجمعات التي قد تشكل بيئة خصبة لانتشار الفيروس، فعطلت الجامعات والمدارس وهي أكبر تجمعات فعلية وأوقفت وبفتاوى شرعية مؤقتا التجمعات الدينية في المساجد والكنائس ومنعت إقامة الحفلات والمؤتمرات في الفنادق، والمفترض أن يتم ضبط التجمعات في المولات الكبيرة التي تشهد إقبالا غير منضبط لشراء المواد الغذائية تحسبا لأي قرارات قادمة من المرجح ألا تتأخر كثيرا ولا بد منها بكل صراحة، وهي اعلان حالة طوارئ طبية وحسب قانون الدفاع لأننا كبلد ومواطنين لا نملك ترف الوقت لإقناع من اعتاد على الاستهتار والتسويف وعدم الالتزام بالرهان على دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة فهذه لا تجدي ونحن على وشك الغرق-لا قدر الله- ونحن في سباق مع الزمن.
العالم اليوم يقف مبهورا أمام تجربة الصين التي بدأت تتعافى من الوباء الذي انطلق منها، بل أن السلطات الصينية بدأت تشعر بالقلق من القادمين إليها لنقل الفيروس، نجح الصين البلد الشمولي واستطاع أن يتجاوز أزمته بتكاتف مذهل بين الدولة والشعب وبشعار واحد هو الالتزام والانضباط، في حين يعجز الغرب الديمقراطي على مواجهة كورونا ويتحرك بلد كبريطانيا نحو استراتيجية "مناعة القطيع” وهي نظرية طبية معروفة ولكنها خطيرة تعتمد على مواجهة الفيروس بالفيروس نفسه بحيث تتشكل في النهاية مناعة ضد الفيروس عبر الأجيال القادمة ولكن هذا يعني وصول عدد المصابين إلى أربعين مليونا وبكلفة كبيرة وسقوط ضحايا كثيرة.
ربما نكون تأخرنا قليلا ولكننا نملك القدرة على أن ننتصر إذا التزمنا بالمرجعية الأساسية وهي الإجراءات الحكومية وتكاتفنا مجتمعيا بالابتعاد عن كل العادات والمظاهر السلبية التي تساهم في انتشار العدوى، والنصر دائما صبرُ ساعة وسنعبر هذا الخطر بإذن الله وبوعينا جميعا.