2024-11-13 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حياتنا.. موبوءة

جميل ابوبكر
جو 24 : منذ بداية رمضان بشكل خاص والإعلانات الرسمية تتوالى عن مواقع وأحجام فساد الطعام والغذاء، وعن تورط أسماء وعلامات تجارية لامعة في هذا المستنقع، وعند اقتران الفساد في هذا المجال بالفساد العام، الذي أخرج المواطنين إلى الشارع ورفع أصواتهم بالهتاف ضده ولإسقاطه والمطالبة بمحاربته ومحاسبة الفاسدين الذين باعوا مؤسسات وطنية تعتبر أصولاً في الاقتصاد الوطني، حيث كشفت التحقيقات التي تم وقفها عن حالة مرعبة من الفساد، وغياب الضمير والشفافية، والمسؤولية الوطنية، عندما تقترن كل صور الفساد هذا وحالاته يصاب المرء بالاختناق ويكاد يسقط على الأرض إغماءً، ويفقد الثقة بكل شيء، ويرى أن هذا الفساد والدمار ما كان ليستشري لولا غياب مخافة الله والمراقبة الذاتية وانهيار كثير من القيم النبيلة، نتيجة غياب القدوات الصالحة والقيادات الكفؤة والأمينة في دوائر التأثير والقرار والتوجيه، حيث أبعد الموصوفون بالنظافة والعفة أو حصروا وعزلوا، وأعلي شأن الفهلوة والنفاق والسمسرة الحرام والنهب، والكسب المشبوه بواسطة المنصب والإثراء غير الشرعي من خلال السلطة أو بالتحالف اللئيم بين السلطة والمال، واستباحة مقدرات الوطن، واستحلال الأخذ بأي طريقة والسرقة لدى كثيرين، بحجة أن هناك من لديه ساقية للاختلاس، وهذا ليس أكثر من صنبور صغير، وأن هناك من يتلقى دفقات من المال وسيلا من المنافع بأساليب ملتوية واحتيال مقنن وهذا مجرد جامع للنقاط والفتات، فيتشبه الصغير بالكبير انحرافاً واقترافاً للموبقات، ويسوغ فعله بضآلة غلته قياساً بغيره من حيتان، وكأنه لا يعلم أن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
هذا يحدث عندما أصبحت زكاة الأنفس والمال والعفة مغرماً، والإمساك والتهتك والدناءة والخسة مغنماً، وأضمحلت المصالح العامة بل توارت، وتسيدت المصالح الخاصة والأنانية الفردية والشللية، وتم العبث بمقدرات الوطن، وأسس بنيان المجتمع والدولة، الذي يتهدد العمران والنماء ويؤذن بالخراب والزوال.
وهذا لا يعني اننا لا نؤيد وندعم الكشف عن الفساد وملاحقته في كل مجال، ولكننا نخشى من الفزعات الآنية والمبرمجة لأهداف أخرى، ونرفض المعالجة السطحية والغوغائية، ونريد التعامل مع كل ذلك من خلال إصلاح حقيقي، ومناهج تربوية حقيقية ورؤى بعيدة النظر، وبرامج مدروسة مستندة في كل ذلك إلى إرادة سياسية وخلقية رسمية ومجتمعية فولاذية، وإلا فإنه اللهو في مصائر بائسة، واللعب في مقدمات الزلال.
"ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون" (ابراهيم:42)"السبيل"
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير