المجتمع العربي ..معاق
ما أكتبه ليس سبة في جبين العرب، ولا شتيمة لهم، أو انتقاصا ونيلا منهم ،بل هو تشخيص حالة، بتنا نلحظها ونعاني منها على وجه الخصوص، منذ الحرب العراقية –الايرانية التي تمنينا لو لم ننزلق اليها ،رغم أن الوضع الفلسطيني كان يؤشر على ذلك أيضا.
ولمزيد من التوضيح ،خارج اطار الموضوع حسب اللازم ،أن " المخ " العربي ما يزال هو الأغلى والأقوى ،لأنه لم يتم استخدامه بعد ،وانظروا الى العربي عندما يهاجر كيف يبدع ويتفتح عقله في بلاد برة ،ذلك أن الأجانب يوفرون له كل وسائل الابداع كي ينتج ويبتكر ويكون مشروع استثمار ناجح لهم .ولو استعرضنا ملفات وكالة الفضاء الأمريكية " ناسا" على وجه الخصوص،لرأينا العديد من الأسماء العربية اللامعة التي نجحت وأيما نجاح.
ويقابل هذه الحالة في الوطن العربي ،هدوء كبير في عمل المخ الى درجة الكسل ،ويتجلى ذلك في معاناة من يحاول كسر الايقاع العربي والخروج عن المألوف ودخول دائرة الابداع ،اذ يجد الصد الرسمي والاهمال بينما تتحين اسرائيل والغرب الفرصة للانقضاض على ذلك المبدع.
أعود الى الاعاقة التي أعنيها وأتحدث عنها وهي الاعاقة الجسدية الناجمة عن الاصابة وما أكثرها ،لأن العرب باتوا ومنذ ثمانينيات القرن المنصرم ،محترفون حروبا فرضت عليهم .
ولو اخذنا بداية العراق -الذي كنا نصنفه رأسمال العرب ومن يقع على عاتقه تحرير فلسطين ،ولكن الأمور انقلبت ،ووجدنا من يشعل النار في حدود العراق ليشتعل كله بعد ذلك ويقع تحت الاحتلال ولا من ناصر له،بعد ان كان محجا ل" القومجيين" قناصي الفرص ومن أصحاب الحناجر المشحوذة جيدا- بات يحتل المرتبة الأولى في الاعاقة الجسدية.
هذا البلد الذي دخل حربا مع ايران لمدة ثماني سنوات ،وما أصعبها ،وما خلفت من آثار سلبية على الشعب العراقي حيث الاعاقات الجسدية ،وما لحق ذلك من حصار تبعه حرب كونية عليه بعد دخول قواته الكويت ،مع مواصلة الحصار الذي منع دخول حتى حبة الدواء للشعب العراقي .
لم تنته مأساة الشعب العراقي ،بل تعمقت باحتلال القوات الغربية له" المسنودة " بتحالف حفر الباطن" ،في ربيع 2003 ،وها هو الشعب العراقي يعاني من آثار الانفجارات العشوائية التي طالت كل تجمعاته البشرية بغض النظر عن الهوية الطائفية.
وفي مصر وبسبب الحروب وسوء ادارتها جعلت الاعاقة تتزايد في صفوف المصريين خاصة وان الطائرات الاسرائيلية كانت تقصف حتى مدارس الأطفال دون هوادة او رحمة ولنا في مدرسة بحر البقر خير مثال.
اما بالنسبة للسودان فحدث ولا حرج فحرب الجنوب استمرت عشرات السنين ولم تتوقف حتى بعد انفصال الجنوب قبل عام.
وفي لبنان ،هذا البلد الذي فرض عليه أن يدفع الثمن الأكبر كان تحت رحمة الصلف الاسرائيلي في الوقت الذي كان البعض يحارب بالشعارات وما يزال ،ناهيك عن الحرب الأهلية التي أشعلها البعض في لبنان واستمرت نحو خمسة عشر عاما ،وما تزال ريحها تهب في أجواء هذا البلد ،ولن أنسى المجازر التي ارتكبتها اللقيطة اسرائيل فيه وفي مقدمتها " قانا".
وعند الحديث عن الفلسطينيين وهم الشعب المنسي المتآمر عليه من قبل بني جلدته أولا ،فانه وبحكم تواجده ووجوده في كافة الساحات القريبة من خطوط المواجهة ،فقد كان لهم النصيب الكبر من الاعاقة بسبب القصف المتواصل عليهم والمجازر التي طالت مخيماتهم وفي المقدمة تل الزعتر في لبنان ومخيم جنين وفي غزة واماكن كثيرة.
ولا شك أن ما يحلو للبعض ان يطلق عليه " الربيع العربي" قد عمق جراح العرب وزاد من اعاقتهم ،فها هو الشعب الليبي بسبب اصرار القذافي على البقاء وقصف حلف الناتو يسجل رقما قياسيا في موضوع الاعاقة.
كما ان الشعب السوري هو الآخر ربما يدخل كتاب غينتس للأرقام القياسية في موضوع الاعاقة بسبب ما يجري وسوف يجري في سوريا.
والحبل على الجرار لأن المواجهات المسلحة ستشمل كافة أرجاء العالم العربي.