باسل الطراونة ..نبض حقوق الإنسان في الأردن
أسعد العزوني
جو 24 :
عرفت الأستاذ باسل الطراونة في أواخر تسعينيات القرن المنصرم ،بتزاملنا في جريدة "العرب اليوم "المغدورة ،وكنت صحفيا ،بينما كان هو إداريا ،وإمتاز بحركته ونشاطه وبقدرته على إستقطاب الآخر، وكان يوثق إستقطاباته بمنح أصدقاء الجريدة دروعا تكريمية تقديرا لشخوصهم ،وكم كانت هذه اللفتة في محلها ،لمن يعرف معنى الترويج لشيء ما ،يرتبط بالمروج برباط مقدس ،وكانت جريدة "العرب اليوم" المغدروة تشدنا إليها صحفيين وإداريين برباط مقدس ،جعلنا جميعا وفي المقدمة السيد باسل الطراونة نخلص في عملنا ،ولكن للأقدار تقادير لسنا قادرين على مواجهتها.
مضى باسل الطراونة في هذا التقليد ،وشقت "العرب اليوم" طريقها محليا وإقليميا وفازت بالمرتبة الأولى في المحافظات ،وكادت ان تحتل المرتبة الأولى في العاصمة ،ولكن الظلاميين وقفوا لها بالمرصاد ومارسوا صلاحياتهم كحرس قديم في عرقلة المسيرة ،وكان بعض من إنتموا لنادي أعداء النجاح يغمزون من قناة باسل الطراونة لطريقته "الدرعية "في الترويج والإستقطاب ،ولكنه مضى في طريقته التي لا يتقنها سواه.
غادر باسل الطراونة مسرح "العرب اليوم"دون معرفة الأسباب،وتنقل بجهودة ونشاطه المميز في العديد من المؤسسات التربوية والإعلامية ،وترك في كل مؤسسة بصمته النافرة ،ووصل به الأمر إلى مسك ملف حقوق الإنسان في رئاسة الوزراء عام 2014،وهذه مهمة ليست سهلة ،ولا يمكن لأي كان أن يحمل مثل هذا الملف الشائك وفي هذه الظروف العصيبة التي يمر بها الأردن ،ولكن سليل الزعيم الوطني والشعبي المؤابي من عشيرة العضيبات الشيخ حسين باشا الطراونة روزفلت الأردن والعرب- الذي حذر في بيان له الأمة عام 1917 من خطورة التطبيع مع الصهاينة ،وإنعكاسات ذلك على الأردن ،كما إستنكر عام 1930بإسم أهالي "شرق الأردن"مطالب الصهاينة في حائط المبكى ،وطالب بإجلائهم عن عموم فلسطين قبل أن يستشري خطرهم ويعم المنطقة بأسرها ،ونظرا لصلابة الرجل فقد ترأس المؤتمر الوطني الأردني الأول ،وقد صدقت نبوءة الرجل وها هو الخطر الصهيوني محدق بالأردن بعد فلسطين – والإبن البكر لأبي القضاء الأردني القضي إبراهيم الطراونة،حمل الراية ومضى ،واضعا نصب عينيه مصلحة الوطن.
ليس مشهورا عن الرجل أنه يحمل "السلم بالعرض" كما يقول المثل ،لكنه ينتمي لفئة السهل الممتنع ،فدماثة خلقه وخفة دمه ،لا تقف حجر عثرة أمام إنجازاته في ملف حقوق الإنسان على وجه الخصوص،فهو دائم الدعوة لإحترام حرية الرأي التعبير ،ومن إنجازاته تفقد السجون للإطلاع على أوضاع السجناء ،وزيارة مركز توقيف المخابرات لتفقد الإجراءات على المستوى الرسمي.
يعمل باسل الطراونة على رأس فريق من ضباط الإرتباط من مختلف المؤسسات الحكومية والأمنية والهيئات الوطنية والجامعات ،وأسهم في تطوير منظومة التشريعات الوطنية ،وهو مدافع شرس عن الأردن في مجال حقوق الإنسان،ويعنى ببناء شراكة حقيقية وفاعلة مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية لتعزيز مباديء الشفافية والإنفتاح.
عندما يتحدث باسل الطراونة عن حقوق الإنسان في الأردن بنفس البشير وليس النذير ،نرى عينه على أوضاع حقوق الإنسان في الوطن العربي ،وهو متشبث بحقوق الأردنيين ما أمكن له ذلك ،لعلمه الأكيد أننا ما نزال في بداية الطريق وفي بواكير الأمل في هذا المجال ،ويعمل على أن تكون الحقوق في الأردن أساس العدل ،وألا يصول المتنفذون ويجولون في الأردن حاملين هراوات ظلمهم دون حسيب أو رقيب.
يشتهر باسل الطراونة بصوته العالي لرفض أي قرار جائر يمس الحقوق، وهو يقاتل بصمت بعيدا عن الضجيج الإعلامي المعيق او الشوشرة الفارغة كالطبل الأجوف،لإيمانه بان الإنجازات هي التي يجب أن تتحدث عن صاحبها وليس اللسان .
عند النظر والتدقيق في ممارسات باسل الطراونة ،نجد طيف الجد حسين باشا والأب القاضي إبراهيم ،دليلا على أصالة الرجل الذي لم تغره المناصب الحكومية ،ولم يخرج من ثوبه ، بل جسد الأصالة الوطنية الممزوجة بالثبات القومي على المباديء.