محكومون.. لكن طلقاء !
عصام قضماني
جو 24 : أضافت تعديلات قانون العقوبات عقوبات مجتمعية بديلة عن السجن وفي حال أقرها مجلس الأمة فإن الأردن سيكون أول بلد عربي يطبقها.
على المواطنين أن يعتادوا وجود المحكومين في بعض القضايا طلقاء بينهم، لكن عليهم أن يعتادوا رؤية أشكال جديدة من الرقابة كأن مثل رنين مفاجئ يصدر عن جهاز على شكل «إسوارة « الكترونية على معصم محكوم بمثل هذه العقوبات في حال حاول مغادرة موقع تنفيذ العقوبة أو الهرب.
في النقاشات التي سبقت هذه التعديلات الهامة كان للأمن العام رأي مخالف فربط الشكل الجديد للعقوبة بطبيعة المجتمع العشائري وعاداته وتقاليده لتحديد شكل الرقابة الالكترونية. وهو يقصد بذلك قبول الناس وتعاملهم مع الأوضاع الجديدة والتفريق بين الجرائم التي تستحق الحبس بسلب الحرية وأخرى لا تستحق أن يحمل مرتكبها صفة المجرم.
مهما كانت كلفة الرقابة الالكترونية عالية فإنها لا توازي كلفة السجن على الخزينة وأحيانا في جرائم بسيطة جدا، وكنا قد ضرينا مثلا في وقت سابق كيف أن شابين سرقا 36 دينارا، فنالا عقوبة السجن لعامين ونصف، ليكلفا خزينة الدولة 36 ألف دينار.
السجون مليئة بمثل هذه الحالات التي تتمتع بأجواء أفضل مئة مرة من تلك التي دفعت الى سرقة دراهم قليلة.
تكلفة النزيل الواحد منهم تصل بحسب إحصائيات رسمية إلى 450 دينارا شهريا فالسجون تعمل على مدار ال24 ساعة وباضافة كلفة مرتبات الادارة والحراسة والأطباء والمعلمين والمرشدين ترتفع الكلفة الى 700 دينار وربما أكثر مراكز الإصلاح والتأهيل، تضم في المعدل العام بين 7-8 آلاف سجين على نحو دائم.
هناك عقوبات سجن تستبدل بغرامة بموجب القانون، لكن هناك أيضا عقوبات بالسجن مقابل جرائم لا تصنف باعتبارها خطرة، وهي تلك التي يمكن استبدالها بما يسمى بالعقوبات البديلة مثل خدمات المجتمع.
هناك عقوبات بالسجن لا تتجاوز الشهر والشهرين وحتى عام أو عامين لقاء الجرائم غير الخطرة أو تلك التي ترتكب لأول مرة، إن بالامكان منح فرصة لمرتكبي هذه الجرائم لاثبات حسن السلوك، عبر خدمات اجتماعية ربما تكون أكثر قسوة من السجن ذاته وأكثر أثرا على على السلوك، لكنها في ذات الوقت لا تكلف الخزينة شيئا.
هناك قائمة طويلة بحوزة وزارة العدل للعقوبات المقترح تعديلها، وانواع هذه العقوبات واهدافها والشريحة المستهدفة التي ستطبق عليها العقوبات البديلة.
العقوبات المجتمعية ستثير جدلا في أوساط المجتمع، الذي لم يألف وجود « مجرمين» طلقاء يعملون في مؤسسات عامة أو خاصة أو على الطرق، والمشكلة ليست في طبيعة المجتمع العشائري بل في الثقة وهي التي ستترسخ بالنظام الجديد كلما أحرز نجاحا في النتائج، وهي تستحق أن تمنح فرصة.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)
على المواطنين أن يعتادوا وجود المحكومين في بعض القضايا طلقاء بينهم، لكن عليهم أن يعتادوا رؤية أشكال جديدة من الرقابة كأن مثل رنين مفاجئ يصدر عن جهاز على شكل «إسوارة « الكترونية على معصم محكوم بمثل هذه العقوبات في حال حاول مغادرة موقع تنفيذ العقوبة أو الهرب.
في النقاشات التي سبقت هذه التعديلات الهامة كان للأمن العام رأي مخالف فربط الشكل الجديد للعقوبة بطبيعة المجتمع العشائري وعاداته وتقاليده لتحديد شكل الرقابة الالكترونية. وهو يقصد بذلك قبول الناس وتعاملهم مع الأوضاع الجديدة والتفريق بين الجرائم التي تستحق الحبس بسلب الحرية وأخرى لا تستحق أن يحمل مرتكبها صفة المجرم.
مهما كانت كلفة الرقابة الالكترونية عالية فإنها لا توازي كلفة السجن على الخزينة وأحيانا في جرائم بسيطة جدا، وكنا قد ضرينا مثلا في وقت سابق كيف أن شابين سرقا 36 دينارا، فنالا عقوبة السجن لعامين ونصف، ليكلفا خزينة الدولة 36 ألف دينار.
السجون مليئة بمثل هذه الحالات التي تتمتع بأجواء أفضل مئة مرة من تلك التي دفعت الى سرقة دراهم قليلة.
تكلفة النزيل الواحد منهم تصل بحسب إحصائيات رسمية إلى 450 دينارا شهريا فالسجون تعمل على مدار ال24 ساعة وباضافة كلفة مرتبات الادارة والحراسة والأطباء والمعلمين والمرشدين ترتفع الكلفة الى 700 دينار وربما أكثر مراكز الإصلاح والتأهيل، تضم في المعدل العام بين 7-8 آلاف سجين على نحو دائم.
هناك عقوبات سجن تستبدل بغرامة بموجب القانون، لكن هناك أيضا عقوبات بالسجن مقابل جرائم لا تصنف باعتبارها خطرة، وهي تلك التي يمكن استبدالها بما يسمى بالعقوبات البديلة مثل خدمات المجتمع.
هناك عقوبات بالسجن لا تتجاوز الشهر والشهرين وحتى عام أو عامين لقاء الجرائم غير الخطرة أو تلك التي ترتكب لأول مرة، إن بالامكان منح فرصة لمرتكبي هذه الجرائم لاثبات حسن السلوك، عبر خدمات اجتماعية ربما تكون أكثر قسوة من السجن ذاته وأكثر أثرا على على السلوك، لكنها في ذات الوقت لا تكلف الخزينة شيئا.
هناك قائمة طويلة بحوزة وزارة العدل للعقوبات المقترح تعديلها، وانواع هذه العقوبات واهدافها والشريحة المستهدفة التي ستطبق عليها العقوبات البديلة.
العقوبات المجتمعية ستثير جدلا في أوساط المجتمع، الذي لم يألف وجود « مجرمين» طلقاء يعملون في مؤسسات عامة أو خاصة أو على الطرق، والمشكلة ليست في طبيعة المجتمع العشائري بل في الثقة وهي التي ستترسخ بالنظام الجديد كلما أحرز نجاحا في النتائج، وهي تستحق أن تمنح فرصة.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)