«دون ان تريق قطرة واحدة من دمه»

" قبل ان تقوم بقطع الرطل عليك ان تقطع رطلا من لحم"انطونيو" دون ان تريق ولو قطرة واحدة من دمه"..

هذا مشهد من رواية تاجر البندقية لويليام شكسبير يلخص قاعدة قانونية عمل بها منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا , "المدين , مدين بماله وليس بنفسه".

أسوق هذه القصة , بمناسبة التقرير المنشور في عدد " الرأي " أمس يقول فيه مدير مراكز الإصلاح والتأهيل العميد أيمن العوايشة، إن هناك 19200 نزيل داخل مراكز الإصلاح 12 % منهم سجنوا على خلفية قضايا مالية.

تقول إحصائية غير رسمية أن التنفيذ القضائي يطارد 200 ألف مواطن مطلوب الى المحاكم والتنفيذ القضائي اغلبها على قضايا مالية.

كان الملك يتحدث لكتاب صحفيين إلتقاهم مؤخرا وكاتب هذا العمود واحد من بينهم, عن قانون العفو العام, وقاعدته هي احترام سيادة القانون، دون الاضرار بالأمن الوطني والمجتمعي، وحقوق المواطنين, إعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم.

في مداخلة بين يدي جلالته, قلت إن هناك 200 ألف مطلوب عدد كبير منهم على خلفية قضايا مالية, ماذا لو قرر هؤلاء التوقف عن الإختباء وذهبوا الى التنفيذ القضائي ليسلموا أنفسهم , هل تستطيع مراكز الإصلاح الفائضة بنحو 7 آلاف سجين زيادة استيعابهم , هذه مشكلة تحتاج الى حلول مختلفة.

كان الملك أجاب عن هذه الملاحظة سلفا في توجيهه للحكومة "التخفيف من الأعباء التي تثقل كاهل المواطنين، و التخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمرون بها، حفاظا على كرامتهم وطيّ صفحة من صفحات الحياة الصعبة التي مرّوا بها".

ظلت المفاضلة بين تطبيق عقوبة السجن مقابل الدين أو تسويتها مدنيا بضمانات وآليات تحقق الهدف مثار نقاش , وهناك من القضاة وأصحاب الرأي الفقهي القانوني يرون في الحل الثاني طوق نجاة للدائن والمدين, فمن وجهة نظرهم أن الحبس لا يساعد في سداد الدين, بل ترك المدين حرا يعمل ليتمكن من السداد أكثر فائدة للدائن وللمجتمع, لكن وفق آليات وضمانات قانونية, والسجن هو آخر الحلول مثل الكي هو آخر العلاج.

مهما كانت كلفة الرقابة الالكترونية عالية فإنها لا توازي كلفة السجن على الخزينة وأحيانا في جرائم بسيطة جدا, والمالية من بينها.

تكلفة النزيل الواحد منهم بحسب إحصائيات رسمية 450 دينارا شهريا فالسجون تعمل على مدار ال24 ساعة وباضافة كلفة مرتبات الادارة والحراسة والأطباء والمعلمين والمرشدين ترتفع الكلفة الى 700 دينار.

qadmaniisam@yahoo.com