2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

المطلوب حل الأزمة بدل التعايش معها

طاهر العدوان
جو 24 : مضى حتى الآن ٢٠ شهرا على وجود الازمة في البلاد وهى فترة طويلة تلقي باعبائها وآثارها السلبية على حالة الأمن والاستقرار اضافة الى تداعياتها السيئة على الاقتصاد والاستثمار وبالتالي على المديونية وضروراتها القاسية على جيب المواطن وغلاء الأسعار والبطالة وغير ذلك.

لقد واجهت الدولة حالة الربيع الاردني بكثير من الحكمة والصبر الذي ترجم الى ما سمي بالأمن الناعم في التعامل مع آلاف المسيرات والاعتصامات والإضرابات وهو ما يستدعي الإشادة بهذا الأسلوب الحضاري وبالجهد والصبر الذي اظهره رجال الأمن. لقد ادى هذا الأسلوب الى حالة من التعايش مع ازمة الربيع الاردني ، أحزاب المعارضة ومجموعات الحراك الشعبي تجد الحرية في تسيير المسيرات كل جمعة في عدد من المدن والعاصمة، وعمال الشركات الكبرى ، مثل الفوسفات والبوتاس ما ان ينهوا إضرابا حتى يدخلوا في آخر . بالمقابل يواصل رجال الأمن الحالة القائمة باستنفار مستمر لم يعرفوا فيه طعم الراحة كل هذه المدة.

ولو كان التعايش مع الأزمة وحده كافيا للخروج من دوامة الربيع الاردني لشهدنا حلا مبكرا لها ولما احتاجت البلاد الى هذه الشهور الطويلة من الانتظار بدون جدوى فما نشاهده من احداث وردود فعل في أيلول الحالي لا يختلف عما كان في شباط من العام الماضي ( وكأنك يا ابو زيد ما غزيت ). التعايش مع الازمة ينجح اذا ما رافقته حلول سياسية تؤدي الى اختفاء المسيرات والاعتصامات ، لكن التعايش معها من باب المراهنة على ان كسب الوقت هو الحل الذي أثبت عدم جدواه.

لقد ثبت أن حالة التعايش الطويلة مع الازمة قد ولد انطباعات خاطئة عند بعض الفئات والأفراد الذين باتوا يعتقدون أن الأمن الناعم هو علامة ضعف الدولة وتراجع سلطة القانون وأن الزمن مناسب( لحارة لكل من في ايده إله) والذي يترجم نفسه بظاهرة البسطات و حوادث الرد على الإجراءات الأمنية ضد المطلوبين بالفزعات ، اضافة الى اتساع استخدام الأعيرة النارية الكثيفة في المناسبات .
وادى استمرار حالة التعايش مع الازمة بدون حلها الى آثار سلبية اشد خطورة على الاقتصاد والاستثمار وعلى الثقة بالاوضاع العامة التي تهم كل مستثمر و سائح وحتى طالب علم او علاج ، وعندما تستمع الى المشاكل والتحديات التي تواجهها الشركات والقطاعات الاقتصادية ، تكتشف وجود( فايروس الانا ) ينتشر بين الناس ، يجعلهم ينظرون الى الشركات والمؤسسات التي يعملون بها وكانها مكان للحصول على اقصى حد من الغنائم ورفع المطالب المبالغ فيها بدون اي اهتمام بما ينجم عن مطالبهم وإضراباتهم من خسائر مادية كبيرة تلحق بالشركات التي يعملون بها وبالاقتصاد الوطني وبالتالي بمستقبل وظائفهم ودخولهم.

التعايش مع الأزمة علاج ناجح لو أخذ العامل الزمني في الاعتبار بحيث يتم نزع فتيلها في وقت مبكر وتجاوزها من خلال حلول إصلاحية توافقية تضع جميع الأطراف امام مسؤولياتهم الوطنية . كل الحلول التي جربت حتى الآن تخدم حالة التعايش بكل آثارها السلبية لانها لم تنجح في إقناع من يحتج و يعتصم

و يواظب على المشاركة في المسيرات بالتوقف عن كل هذه النشاطات.

وارجو ان لا يساء الفهم باني أدعو الى استخدام الحلول الأمنية في التعامل مع المسيرات ، على العكس أؤيد الاستمرار بسياسة الأمن الناعم مهما امتد الوقت، انها سياسة حكيمة تجسد حضارية المملكة وحكمة الملك ، لكني أنبه الى خطورة الاستمرار بالتعايش مع الوضع الراهن وما يتراكم عنه من اثار سلبية في غياب حلول سياسية واقتصادية تجعل الأردن خاليا من المسيرات، ليس بقمع الناس لكن بمد جسور التواصل معهم وتحقيق العادل والمنطقي من مطالبهم وكسب ثقتهم لإخراج البلاد من عنق الزجاجة.


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير