حين يشعر النواب "بلا جدواهم"!
بسام حدادين
جو 24 : انبرى لسان رئيس مجلس النواب معالي الزميل عبدالكريم الدغمي، وهو يلفت نظر النواب ويرجوهم، في كل جلسة، عدم مغادرة القبة، خوفاً على النصاب القانوني. وفي جلسة الأربعاء الماضي، استشاط الرئيس غضباً لضرب النصاب للمرة الثالثة خلال الدورة الاستثنائية الثانية، متوعداً بنشر أسماء المتغيبين، في محاولة منه للحد من ظاهرة الغياب والتسرب من الجلسات.
لماذا يغيب النواب عن جلسات المجلس واللجان؟ وهل يكفي التهديد الذي لا ينفذ (إحكي وإن نفذ) بنشر أسماء المتغيبين في الصحف، لردع هؤلاء وإعادتهم الى بيت الطاعة والالتزام بحضور الجلسات وأداء مهماتهم بكل تفانٍ؟ هذا رهان جرب ولم يعط نتيجة.
السبب الحقيقي لغياب كثير من النواب ولاأباليتهم، هو الشعور بـ"لا جدواهم"، وأن مهمتهم انحصرت في تمرير التشريعات التي تريدها الحكومة، ووفق الأولويات التي تراها. أما التشريعات التي يطالب النواب بإدراجها على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، ويرغبون في مناقشتها، في إطار حقوقهم الدستورية الواضحة والصريحة وغير القابلة للتصرف استناداً للمادة 82/ 2 من الدستور، فيتم تجاهلها والقفز "بخفة الريشة" عنها. ومع كل هذا، فلا حمداً ولا شكوراً.. فلا خدمات ولا تعيينات إلا لمن رحم ربي، وقانون تقاعد النواب مجهول المصير.
ببساطة، قواعد اللعبة البرلمانية لم تعد تغري نواب الموالاة، ناهيك عن نواب المعارضة والنواب المسيسين الذين باتوا يشعرون بعبثية وجودهم وحضورهم جلسات المجلس، بسبب آلية صنع القرار البرلماني. أحد الزملاء النواب الجادين (عبدالقادر الحباشنة) أصبحت مداخلاته بطريقة الكوميديا السوداء. وأنا شخصياً غبت عن جلستين سابقتين، ولن أحضر الجلسة القادمة أيضاً. وسوف يكون حضوري للجلسات انتقائياً، وحسب جدول أعمال كل جلسة.. سئمت اللعبة، وضقت ذرعاً بسياسة التجاهل والاستخفاف.
أليس من حقي ومن حق النواب أن نعرف لماذا لم يدرج مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، وقد "دق رئيس الوزراء على صدره"، ووعد "باستئذان الملك" لإضافته؟ وقد مضى أسبوعان على هذا الوعد ولم ينفذ بعد، مع أن إضافة بند على جدول أعمال "الاستثنائية"، على كل حال، هو من صلاحية رئيس الوزراء صاحب الولاية العامة وصاحب الحق بالتنسيب للملك. أليس من حقنا أن نعرف لماذا ذهب الوعد الرئاسي أدراج الرياح؛ ولماذا لم تلتزم السلطة التنفيذية بكل مستوياتها بما جاء من حقوق للنواب في المادة 82 من الدستور؟
من حقنا أن نعرف من يقدم المشورة القانونية والدستورية للملك، وأن نعرف ماهية الفتاوى الدستورية التي يصدرونها. ولماذا يقرأ هؤلاء نصوص الدستور من خرم إبرة؟
هذا في الشأن السياسي والعام، أما في الشأن النيابي الداخلي، فلم يعد ممكناً إدارة مجلس النواب بنفس الأسس والقواعد التي يحكمها النظام الداخلي الحالي، والذي يعطي صلاحيات مطلقة للرئيس، بحيث يتحول عملياً إلى رئيس للنواب وليس رئيساً لمجلس النواب (وأنا لا أشير إلى رئيس بعينه)، يقرر وحدة جدول الأعمال وأولويات النقاش، والأهم تمثيل مجلس النواب أمام السلطة التنفيذية بدون محددات نظامية تضبط موقفه وسلوكه والتزاماته.
الطريق لمواجهة ظاهرة فقدان النصاب والغياب تبدأ بتغيير قواعد اللعبة البرلمانية؛ بتطوير النظام الداخلي للمجلس، ووضع أسس ديمقراطية لتشكيل هيئاته ولجانه وقواعد سلوك لأعضائه وأساليب عمله، بما يتناسب مع الديمقراطية النيابية العصرية الحديثة. حينها، لن يتجاوز أحد على حقوق النواب الدستورية أيضاً."الغد"
لماذا يغيب النواب عن جلسات المجلس واللجان؟ وهل يكفي التهديد الذي لا ينفذ (إحكي وإن نفذ) بنشر أسماء المتغيبين في الصحف، لردع هؤلاء وإعادتهم الى بيت الطاعة والالتزام بحضور الجلسات وأداء مهماتهم بكل تفانٍ؟ هذا رهان جرب ولم يعط نتيجة.
السبب الحقيقي لغياب كثير من النواب ولاأباليتهم، هو الشعور بـ"لا جدواهم"، وأن مهمتهم انحصرت في تمرير التشريعات التي تريدها الحكومة، ووفق الأولويات التي تراها. أما التشريعات التي يطالب النواب بإدراجها على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، ويرغبون في مناقشتها، في إطار حقوقهم الدستورية الواضحة والصريحة وغير القابلة للتصرف استناداً للمادة 82/ 2 من الدستور، فيتم تجاهلها والقفز "بخفة الريشة" عنها. ومع كل هذا، فلا حمداً ولا شكوراً.. فلا خدمات ولا تعيينات إلا لمن رحم ربي، وقانون تقاعد النواب مجهول المصير.
ببساطة، قواعد اللعبة البرلمانية لم تعد تغري نواب الموالاة، ناهيك عن نواب المعارضة والنواب المسيسين الذين باتوا يشعرون بعبثية وجودهم وحضورهم جلسات المجلس، بسبب آلية صنع القرار البرلماني. أحد الزملاء النواب الجادين (عبدالقادر الحباشنة) أصبحت مداخلاته بطريقة الكوميديا السوداء. وأنا شخصياً غبت عن جلستين سابقتين، ولن أحضر الجلسة القادمة أيضاً. وسوف يكون حضوري للجلسات انتقائياً، وحسب جدول أعمال كل جلسة.. سئمت اللعبة، وضقت ذرعاً بسياسة التجاهل والاستخفاف.
أليس من حقي ومن حق النواب أن نعرف لماذا لم يدرج مشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي على جدول أعمال الدورة الاستثنائية، وقد "دق رئيس الوزراء على صدره"، ووعد "باستئذان الملك" لإضافته؟ وقد مضى أسبوعان على هذا الوعد ولم ينفذ بعد، مع أن إضافة بند على جدول أعمال "الاستثنائية"، على كل حال، هو من صلاحية رئيس الوزراء صاحب الولاية العامة وصاحب الحق بالتنسيب للملك. أليس من حقنا أن نعرف لماذا ذهب الوعد الرئاسي أدراج الرياح؛ ولماذا لم تلتزم السلطة التنفيذية بكل مستوياتها بما جاء من حقوق للنواب في المادة 82 من الدستور؟
من حقنا أن نعرف من يقدم المشورة القانونية والدستورية للملك، وأن نعرف ماهية الفتاوى الدستورية التي يصدرونها. ولماذا يقرأ هؤلاء نصوص الدستور من خرم إبرة؟
هذا في الشأن السياسي والعام، أما في الشأن النيابي الداخلي، فلم يعد ممكناً إدارة مجلس النواب بنفس الأسس والقواعد التي يحكمها النظام الداخلي الحالي، والذي يعطي صلاحيات مطلقة للرئيس، بحيث يتحول عملياً إلى رئيس للنواب وليس رئيساً لمجلس النواب (وأنا لا أشير إلى رئيس بعينه)، يقرر وحدة جدول الأعمال وأولويات النقاش، والأهم تمثيل مجلس النواب أمام السلطة التنفيذية بدون محددات نظامية تضبط موقفه وسلوكه والتزاماته.
الطريق لمواجهة ظاهرة فقدان النصاب والغياب تبدأ بتغيير قواعد اللعبة البرلمانية؛ بتطوير النظام الداخلي للمجلس، ووضع أسس ديمقراطية لتشكيل هيئاته ولجانه وقواعد سلوك لأعضائه وأساليب عمله، بما يتناسب مع الديمقراطية النيابية العصرية الحديثة. حينها، لن يتجاوز أحد على حقوق النواب الدستورية أيضاً."الغد"