الملك لن يرد القانون المعدل للانتخاب
للمرة الثانية، يناشد سياسيون وحزبيون وكتّاب، جلالة الملك استعمال صلاحياته الدستورية (المادة 93/ 3)، برد مشروع القانون المعدل لقانون الانتخاب لسنة 2012 الذي أقره مجلس الأمة، والمتعلق تحديدا بالتعديل الذي طرأ على الفقرة (جـ) من المادة الثامنة من القانون الأصلي الذي سبق أن صادق عليه الملك قبل أن يوجه الحكومة بتعديله.
يأمل هؤلاء المعارضون لقانون الانتخاب "بطبعته الثانية" المعدلة، أن يتدخل الملك مرة أخرى من خلال رد مشروع القانون المعدل المشار إليه، لتلبية "طموح الشارع" و"القوى السياسية والحزبية" بتجاوز "الصوت الواحد".
هل يمنح الدستور الأردني صلاحيات للملك لتحقيق رغبة هؤلاء المعارضين "بتجاوز الصوت الواحد"؟ وهل يمكن لرغبتهم هذه أن تتحقق برد الملك لمشروع القانون المعروض عليه؟
الجواب القطعي: لا. لأن الملك ينظر فقط في مشروع القانون المعروض أمامه. وفي هذه الحالة، ينظر الملك فقط في التعديل الذي أدخله مجلس الأمة على الفقرة (جـ) من المادة الثامنة، وله أن يقبل التعديل أو يرفضه. وفي كلتا الحالتين، فإن الفقرة (د) من المادة الثامنة من القانون الأصلي التي تسمح "بتجاوز الصوت الواحد"، غير معروضة لإبداء الرأي من قبل الملك أو مجلس الأمة، إذا ما قرر الملك رد مشروع القانون المعروض عليه، والذي يتعلق حصرا بالمادة (8/جـ).
إذن، الرهان على أن يرد الملك مشروع القانون المعدل للانتخاب رهان غير ذي صلة برغبة المعارضين للقانون، وليس للرد أي مفاعيل سياسية يمكن لهم الرهان عليها. وأعجب من هؤلاء الذين يحبسون أنفاسهم بانتظار عودة الملك ليقرر رد مشروع التعديل أو المصادقة عليه. لم أكن أتمنى أن يوضع الملك في دائرة "الحرج"، وأن يجري تحميله المسؤولية بأي من الاتجاهات.
كان يمكن إعفاء الملك من هذه الجلبة ومن التدخل الأول. كان يمكن لصناع القرار أن يأخذوا الرغبة الملكية في الوقت المناسب، سواء من خلال مشروع القانون الذي تضعه الحكومة أو من خلال أغلبيتها البرلمانية، لأن صلاحيات الملك الدستورية برد مشاريع القوانين يلجأ إليها الملك في حالة وجود "انسداد" في العلاقة ما بين الملك ومجلس الأمة. والحال عندنا عكس ذلك تماما.
لا أتوقع "طبعة ثالثة" من قانون الانتخاب. أتوقع أن يصادق الملك على المشروع المعدل ويصبح عندنا قانون انتخاب دائم، لا يتغير حرف واحد فيه إلا بعد أن يمر من جديد في كل المراحل الدستورية.
أمام الملك سيناريو آخر للاستجابة لرغبة الذين يناشدونه التدخل، وهو: ترحيل الحكومة وتكليف الحكومة الجديدة وضع قانون جديد، أو ادخال التعديلات المناسبة على القانون الحالي. وإمكانية اللجوء إلى هذا السيناريو في تقديري: صفر، وهو احتمال مستثنى لعامل الزمن، ولأنني -وهذا هو الأهم- لا أستشعر رغبة لدى أصحاب القرار لإعادة النظر في المخرجات المتوافق عليها في القانون.
أغرب ما قرأت من فتاوى للخروج من المأزق، دعوة البعض إلى إعلان "حالة الطوارئ" بحجة "العاصفة السورية"، واستثمار هذه الذريعة لاستصدار قانون مؤقت للانتخاب. ومن المحزن أن يكون من بين أصحاب هذا الرأي "العرفي" من يدعون أنهم من فئة السبع نجوم. سمعت من آخرين أنهم يريدون "الطوارئ" لنفس الذريعة، لكن "لحماية الجبهة الداخلية". والحدق يفهم!
الحمد لله.. أن أصبح عندنا محكمة دستورية تحمينا من "أضغاث أحلام" العرفيين وهواجسهم.
bassam.haddahdin@alghad.jo
(الغد)