jo24_banner
jo24_banner

"المراسلات جيت"

بسام حدادين
جو 24 : لم يقدم نواب "التجمع الديمقراطي النيابي" الذين حجبوا الثقة عن الحكومة، التهنئة لرئيس الوزراء فايز الطراونة لنيله ثقة مجلس النواب، وذلك تعبيرا عن استيائهم من الإهانة السياسية التي حملتها مراسلات الدغمي-الطراونة المثيرة. إذ جرت العادة أن يبادر نواب "التجمع" إلى تقديم التهنئة لرؤساء الحكومات على فوزهم بثقة المجلس، تعبيرا عن احترام إرادة الأغلبية وقبولا بنتائج اللعبة الديمقراطية البرلمانية.
"التجمع الديمقراطي" طالب باعتذار من المتراسلين. رئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمي برر رسالته "بالدعابة"، ولم يعلق على التأويلات السياسية التي أعقبت "المراسلات جيت" ولا حتى بكلمة مجاملة عابرة نحو من طالهم الاستهزاء من نواب وسياسيين. أما الرئيس الطراونة، فقد لاذ بالصمت، متجاهلا ردود الفعل الناقدة والمستهزئة من قطاعات واسعة من النواب والسياسيين وقادة الرأي. كان بإمكان الرئيس أن يعلق، من باب رفع العتب على الأقل، من خلال رده على مداخلات النواب، وهو الذي وجد وقتا لتقديم العزاء لزميل نائب والتهنئة لزميل آخر بالشفاء من المرض من على المنصة؛ لكنه لم يفعل ذلك.
أبدع الزميل فهد الخيطان في تعليقه على "المراسلات جيت" في مقالته المنشورة في "الغد" أول من أمس، والتي حملت عنوانا مثيرا يذكرنا بصرخة القذافي وهو يخاطب الثوار الليبيين بعبارته الشهيرة: "من أنتم؟!". ولم يكن تعليق الزميل ناهض حتر بأقل فصاحة وسخرية من مقالة الخيطان.
الرئيس الطراونة يستفزه وصف اليساريين له بأنه "محافظ". وزاد الطين بلة أن وصفه ابن البيروقراطية الأردنية "المنشق"، النائب
د. عبدالله النسور، بأنه "شيخ المحافظين وعرابهم"، ما دفعه إلى درء "التهمة" عن نفسه في رده على مداخلات النواب، مذكرا ومتباهيا بأنه كان عضوا في لجنة مراجعة الدستور، واصفا مخرجاتها بأنها "قمة الإصلاحات". وحبذا لو قدم لنا الرئيس سجالا سياسيا مع "الرأي الآخر" الذي هزئ منه في رده على "مناغشة" الدغمي، وقدم نموذجا للسياسي المحاور وصاحب الرؤية. لكنه اختار الصمت والحياد إزاء دعوة "التجمع" لحكومات برلمانية، وهي الدعوة التي ينادي بها الملك صباح مساء.
مراسلات الدغمي-الطراونة عكست التوجس الذي ينتاب قطاعا واسعا من الطبقة السياسية الحاكمة، من الذين يجدون في الحكومات البرلمانية تهديدا لنفوذهم وامتيازاتهم وتفردهم في إدارة البلاد، ورفضهم توسيع القاعدة السياسية والاجتماعية للحكم، وعنادهم في مقاومة المتغيرات الكونية التي تستوجب عصرنة وتجديد أساليب الحكم.
وصف "محافظ" ليس سُبة أو شتيمة، إنه تعبير سياسي دارج، يتباهى به سياسيون في الديمقراطيات الغربية، ويطلقونه على أحزابهم.
تيار البيروقراطية السياسية الأردني الذي ينتمي إليه أغلب "المحافظين" له رؤيته في الإصلاح، ومن واجبنا أن نحترم رأيه، وأن نرد الحجة بالحجة؛ فليس منا من يملك الحقيقة وحده. ما نطالب به وندعو إليه من خلال دعوتنا للإصلاح السياسي، هو أن يعترفوا بوجودنا أولا، وحقنا في الاختلاف معهم والتنافس الديمقراطي وحتى التحالف معهم إذا توفرت أرضية لذلك، ثانياً. نطالبهم بأن يتواضعوا وأن يتخلوا عن تنصيب أنفسهم دون غيرهم سدنة "الولاء والانتماء".
تجربة البيروقراطية السياسية الأردنية في الحكم وفي البرلمان، خلال العشرين سنة الماضية، ليس فيها ما يعتد به. فهم عرابو برنامج التصحيح الاقتصادي، ورواد الخصخصة، ومن أسس لفساد البلاد والعباد. وهم من شرعنوا الأحكام العرفية وضيقوا على الحريات، وأعاقوا كل مبادرات الإصلاح.
البيروقراطية الأردنية تريد التيارات السياسية الأخرى تحت إبطها وفي خدمتها، تماما مثلما فعلت مع الإسلاميين أيام الأحكام العرفية، وعندما شقوا عصا الطاعة وطالبوا بالمشاركة في الحكم من موقع مستقل وليس تابع أو متذيل، أصبحوا أشد الخصوم.
ننتظر من الرئيس الطراونة، الدبلوماسي البشوش وصاحب الأخلاق الرفيعة واليد النظيفة، إشارة ندم على ما صدر منه، وذلك "أضعف الإيمان".
الغد
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير