2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الحرمان من الحقوق بقانون

أسعد العزوني
جو 24 :

يظهر جليا في العالم الثالث قاطبة ،أن الحرمان من كافة الحقوق المشروعة يأتي بقانون،وتعتقد الحكومات المتعاقبة أن الله سخر شعوبها لخدمتها ،وليس العكس ،اذ أن الوضع الطبيعي أن تسخر الحكومات نفسها لخدمة شعوبها وتحقيق الرفاه والتقدم المطلوبين،من أجل الوصول الى حكم رشيد ،وأداء حكومي شفاف.


وهذا ما نلمسه في العديد من دول العالم المتقدم ،التي تعمل بالمجمل بما نادى به الاسلام ،في حين أن دول العالم الثالث وتحديا المسلمة منها ،نبذت التعاليم الاسلام وأخذت أسوأ ما هو موجود في الحضارة الغربية ..ورحم الله امامنا الغزالي الذي قال :ذهبت الى الغرب فوجدت الاسلام ولم أجد المسلمين ،وعدت الى الشرق فوجدت المسلمين ولم أجد الاسلام.


ولعل التأخر والتبعية التي نلمسها في الشرق وخاصة العالم الثالث انما مرد ذلك ،الى عدم وجود قوانين ناظمة للحياة ،تعمل على تلبية طموحات الشعوب ،وتضمن العيش الكريم للجميع ،لكنها بدلا من ذلك تقدّ القوانين قدّ،ا وتفصلها على مقاس الحكومات.


ففي الأردن مثلا هناك العديد من القوانين المفروضة فرضا ولا تخدم مصالح الشعب ،ومع ذلك تصر الحكومات المتعاقبة على العمل بها ،رغم الصراخ الشعبي الذي يطالب بتغييرها واستبدالها بقوانين أخرى تعمل على نظم الحياة بما يؤدي الى توافق واتفاق وحياة كريمة ،وبالتالي نصل الى حالة أمنية لا أقول أنها طبق الأصل عن حكم العمرين : الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي قال فيه المبعوث الفارسي بعد أن وجده نائما في صحن المسجد وهو الخليفة:حكمت فعدلت فأمنت فنمت! والخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز صاحب الشمعتين الأولى لقضاء مصالح الدولة ،والثانية لقضاء مصالحه الشخصية.


هناك قانون الانتخاب الذي نحن الآن بصدده وندفع ثمنا باهظا من أمننا وطمأنينتنا وهدوء بالنا بسببه ،فهذا القانو ن لا يعمل به الا في احدى الجزر العالمية الصغيرة النائية التي جرى استيراده منها وهو قانون الصوت الواحد ،وقد عارضه الشعب وطالبت الفعاليات السياسية والحزبية استبداله بقانون عصري يليق بموقع الأردن على الخريطة العالمية ،لكن الحكومات المتعاقبة تصر على موقفها الرافض لأي شكل من أشكال الاصلاح .وهاهي الانتخابات المقبلة معلقة بموافقة الحكومة على استبداله.


وهناك أيضا قانون الضمان الاجتماعي الذي يجبر كل من وصل سن الستين وغير مرضي عنه ،على الاحالة الى التقاعد رغم قدرته على العطاء وتزاحم الالتزامات المادية لديه ،وهذا يعني حكما رسميا بالاعدام عليه.


وكذلك يمكن ادراج قانون المطبوعات الذي يزاحم قانون الانتخاب هذه الأيام في اعتصامات الشوارع ،واصرار الحكومة عليه رغم أن المعنيين المتضررين من هذا القانون يصرخون وكأنهم في واد والحكومة في واد آخر.


ونتحدث كذلك عن قانون التجمعات والذي يقونن الحركة الشعبية ويتعامل معها من منطلق مصلحي ،فعند الرغبة في تنظيم حراك يعارض الحكومة ،تظهر هالة الأمن والخوف على مقدرات الوطن ،بينما عندما تريد الحكومة حراكا لصالحها يتم تكريس كافة مرافق الدولة لانجاح الدعوة.


وليس بعيدا عن ذلك قانون تنظيم الأحزاب الذي يعد الأكثر تخلفا في العالم الثالث ،ومعه قانون الضرائب الذي يخالف كافة نواميس الطبيعة ،فبدلا من تطبيق النداء الرباني من فوق سبع سماوات قبل أكثر من 1400 عاما :خذ من أموالهم "أي يا محمد خذ من أموال الأغنياء ووزعها على الفقراء "أقرت الحكومة قانونا يأخذ من دين الفقراء ليزيد من غني الأغنياء ، حيث الاعفاءات الضريبية لصالح الهوامير بينما الضرائب تلاحق الفقراء وتعد عليهم أنفاسهم،ونجد من يتحدث عن العدل .
كل هذه القوانين التي تصر الحكومات الأردنية على العمل بها رغم اعتراض الشعب بأسره عليها، تؤشر على افتقاد المساواة والمواطنة الحقة وتدفع الجميع الى حراك غير مدروس وغير مرغوب فيه أيضا.


ويدفعنا واقع الحال هذا الى القول أن الحراك الحالي الذي يشهده الأردن رغم ملاحظاتنا عليه ووجود من يحاول ركوب موجته كما هو الحال بالنسبة للحراك العربي عموما ،انما سببه اصرار الحكومات على التمسك بهذه القوانين المسمومة فهل من متعظ قبل فوات الأوان؟

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير