طبيب في البيت
عصام قضماني
جو 24 : الطبيب هو مهاتير محمد والبيت هو رئاسة الوزراء , ومدّة حُكمه هي واحدة من أطول فترات الحُكم في آسيا, حل ضيفا ومحاضرا في عمان بدعوة من مؤسسة عبدالحميد شومان ورئيسها صبيح المصري.
رأيت مهاتير محمد في كوالالمبور قبل أن يترك منصبه بعد أقل من عام , كان يعتلي مسرحا أعد للإحتفال بالعيد الوطني لبلاده , لم يستغرق خطابه سوى دقيقة واحدة , أعقب معزوفة موسيقية بايقاع هرموني موحد يصدر عن آلة واحدة يمسك بها مجموعة من الشبان والفتيات تدل سماتهم على تنوع الشعب الماليزي , مالاويين وهنود وصينيين , فقال «هذه هي ماليزيا أقدمها لكم , تعددية تعزف لحنا واحدا , هذا هو سر نجاحنا «.
في محاضرته التي حظيت بحضور وإهتمام بارز وكبير عرج مهاتير محمد على التجربة الماليزية، في النهوض التنموي والاقتصادي الذي جلعت من بلاده دولة صناعية متقدمة، لكن الأهم كان في تجاوز المجتمع الماليزي الصراعات والخلافات بين (المالايو والصينيين والهنود)، وهي المجموعات العرقية الثلاث المكونة للسكان، بالإضافة إلى العمل على الوحدة بين فئات الشعب مع اختلاف دياناتهم، بوجود الديانة الأساسية وهي الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى.
عند مهاتير محمد فهم مميز للإسلام , يعكس التجديد والابتكار الذي تميزت به الأمة عندما شرعت أبوابها للحضارات والثقافات الأخرى غير العربية دون تحفظ أو خوف على الدين , فالإسلام يبدأ بالقراءة , بهدف التعلم وإكتساب العرفة , فلو أن كل المجتمع شيوخ دين أو ممتهنين للإفتاء , فمن سيتولى صناعة الطائرات والحواسيب والتطبيب والهندسة.
نهضت ماليزيا بسرعة من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بدول شرق أسيا عام 1997 التي أحالتها الى نمور من ورق وتمكنت وخلافاً لتوقعات خبراء في أقل من عامين فقط من من جعل الأزمة شيئا من الماضي.. فما الذي حدث ؟.
التجربة الماليزية كما يرويها صانعها نجحت في تحويل الرماد الى نار مجددا , بالتعليم والمعرفة , وتاسيس مبدأ المواطنة وتوزيع واحترام الأدوار في المجتمع , وتعظيم الموارد من دون وصفات دولية ما وضع اقتصادها على طريق النمو الثابت والسريع ( وصل الى 10% سنويا ) ، مقارنة بالنمور الأسيوية الأخرى.
ما يميز تجربة الاقتصاد الماليزي هو أنه نهض دون مساعدة صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، فماليزيا في مواجهة الأزمة وتدني سعر صرف عملتها لم تغلق الباب أمام اقتصاد السوق كما أنها لم تمنع تدفقات الاستثمار الأجنبي , لكنها وجهته كما أنها استقطبت مليارات الدولارات الباحثة عن الاستثمار في الصكوك الاسلامية فأصبحت من أهم مراكز الاستثمار , اسلامي الأدوات , وحفزت السياحة بأن مزجت بين النموذجين الغربي المنفتح والشرقي المحافظ , فحققت عائدات قياسية (أكثر من 20 مليون سائح سنويا , بعائد تجاوز 8 مليارات دولار).
مهاتير محمد يزور الأردن للمرة الثالثة , ومع ذلك لم يسد نصائح في إدارة الاقتصاد الأردني , وتحاشى في إجابته عن أسئلة إستحثته لذلك صرف وصفات , واكتفى بالقول أن مواطني هذا البلد هم الأقدر على تحديد مواطن القوة والضعف واختيار الأفضل لاقتصاد بلدهم دون الحاجة الى وصفات جاهزة.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)
رأيت مهاتير محمد في كوالالمبور قبل أن يترك منصبه بعد أقل من عام , كان يعتلي مسرحا أعد للإحتفال بالعيد الوطني لبلاده , لم يستغرق خطابه سوى دقيقة واحدة , أعقب معزوفة موسيقية بايقاع هرموني موحد يصدر عن آلة واحدة يمسك بها مجموعة من الشبان والفتيات تدل سماتهم على تنوع الشعب الماليزي , مالاويين وهنود وصينيين , فقال «هذه هي ماليزيا أقدمها لكم , تعددية تعزف لحنا واحدا , هذا هو سر نجاحنا «.
في محاضرته التي حظيت بحضور وإهتمام بارز وكبير عرج مهاتير محمد على التجربة الماليزية، في النهوض التنموي والاقتصادي الذي جلعت من بلاده دولة صناعية متقدمة، لكن الأهم كان في تجاوز المجتمع الماليزي الصراعات والخلافات بين (المالايو والصينيين والهنود)، وهي المجموعات العرقية الثلاث المكونة للسكان، بالإضافة إلى العمل على الوحدة بين فئات الشعب مع اختلاف دياناتهم، بوجود الديانة الأساسية وهي الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى.
عند مهاتير محمد فهم مميز للإسلام , يعكس التجديد والابتكار الذي تميزت به الأمة عندما شرعت أبوابها للحضارات والثقافات الأخرى غير العربية دون تحفظ أو خوف على الدين , فالإسلام يبدأ بالقراءة , بهدف التعلم وإكتساب العرفة , فلو أن كل المجتمع شيوخ دين أو ممتهنين للإفتاء , فمن سيتولى صناعة الطائرات والحواسيب والتطبيب والهندسة.
نهضت ماليزيا بسرعة من الأزمة الاقتصادية التي عصفت بدول شرق أسيا عام 1997 التي أحالتها الى نمور من ورق وتمكنت وخلافاً لتوقعات خبراء في أقل من عامين فقط من من جعل الأزمة شيئا من الماضي.. فما الذي حدث ؟.
التجربة الماليزية كما يرويها صانعها نجحت في تحويل الرماد الى نار مجددا , بالتعليم والمعرفة , وتاسيس مبدأ المواطنة وتوزيع واحترام الأدوار في المجتمع , وتعظيم الموارد من دون وصفات دولية ما وضع اقتصادها على طريق النمو الثابت والسريع ( وصل الى 10% سنويا ) ، مقارنة بالنمور الأسيوية الأخرى.
ما يميز تجربة الاقتصاد الماليزي هو أنه نهض دون مساعدة صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، فماليزيا في مواجهة الأزمة وتدني سعر صرف عملتها لم تغلق الباب أمام اقتصاد السوق كما أنها لم تمنع تدفقات الاستثمار الأجنبي , لكنها وجهته كما أنها استقطبت مليارات الدولارات الباحثة عن الاستثمار في الصكوك الاسلامية فأصبحت من أهم مراكز الاستثمار , اسلامي الأدوات , وحفزت السياحة بأن مزجت بين النموذجين الغربي المنفتح والشرقي المحافظ , فحققت عائدات قياسية (أكثر من 20 مليون سائح سنويا , بعائد تجاوز 8 مليارات دولار).
مهاتير محمد يزور الأردن للمرة الثالثة , ومع ذلك لم يسد نصائح في إدارة الاقتصاد الأردني , وتحاشى في إجابته عن أسئلة إستحثته لذلك صرف وصفات , واكتفى بالقول أن مواطني هذا البلد هم الأقدر على تحديد مواطن القوة والضعف واختيار الأفضل لاقتصاد بلدهم دون الحاجة الى وصفات جاهزة.
qadmaniisam@yahoo.com
(الرأي)