العرب المسيحيون ..أغصان الكرمة
أسعد العزوني
جو 24 : هذه الكلمات هي عنوان لكتاب المفكر العربي من العراق ، الصديق د. عبد الحسين شعبان، الذي جرى إشهاره في منتدى الفكر العربي في عمّان برعاية الأمير الحسن بن طلال مساء الأحد الماضي، تحدث فيه عن الوجود المسيحي في المنطقة.
لست بصدد قراءة للكتاب، بل أرغب بتثبيت بعض الحقائق التي ربما غابت عن البعض ، وأهمها أن المسمى الصحيح لهم هو "العرب المسيحيون"، وليس المسيحيين العرب ، كما يحلو للبعض أن يطلق عليهم ، دون معرفة منه مساحة الفرق الشاسع بين التسميتين، وقد أصبحنا وإياهم في خطر داهم ، فنحن نتعرض لإجتياح الخوارج الجدد ، فرع الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية الخارجية "داعش”SISI” ، وهم بطبيعة الحال يتعرضون لإجتياح لا يقل خطرا عن داعش ، وهو خطر المسيحية الصهيونية التي تؤيد مستدمرة إسرائيل ، وإفتتحت لها سفارة في القدس المحتلة.
هم ملح الأرض نعم، وهم أغصان الكرمة أيضا ، فلا طعام مستساغ بدون ملح ، والكرمة شجرة وارفة الظلال مثمرة ومفيدة، وثمرها طيب وهي من أشجار الجنة ، ولذلك فإن هذا الوصف ينطبق عليهم ويليق بهم.
وهم أساس نهضتنا ، ومن حافظ على لغتنا ، كما أنهم منبع التنوير في المنطقة ، بصماتهم لن تنسى ، لأن حضورهم متأصل ومتجذر في هذه الأرض ، ولا شك أن العرب المسلمين بغض النظر عن بعض الإستثناءات غير المحسوبة ، كما هو عندنا ، نماذج تنوير ووطنية وقومية وتضحية.
نحن مدينون للعرب المسيحيين ، وأول دين حملناه في رقابنا كمسلمين هو موقف أسقف مكة ورقة بن نوفل ، الذي طمأن إبنة عمه خديجة /زوج رسول الله محمد "صلى الله عليه وسلم" ، عندما لجأت إليه بعد نزول الوحي على رسولنا الكريم ، وقال لها أنه النبي الذي ورد ذكره في الكتب السماوية ، وأن أهله سيبعدوه ، وتمنى لو أنه يعيش لذلك اليوم كي يؤازره.
أما الجانب الآخر فهو توجيه الرسول بعد البعثة لنفر من أصحابه تعرضوا لمضايقات من كفار قريش ، ونصحهم بالتوجه إلى الحبشة المسيحية لأن فيها ملك عادل ، وكانت تلك أول هجرة إسلامية ، إنتصر فيها الملك النجاشي للمسلمين ، وآواهم ووقف معهم حتى بعد أن أوفدت قريشا وفدا يحمل من الهدايا الشيء الكثير للنجاشي ، كي يسلمهم المهاجرين المسلمين ، لكنه رفض الهدية وتعهد بحماية ضيوفه من المسلمين.
ومن أوجه التضحية التي لا تنسى في تاريخ العرب المسيحيين الضابط الحمصي من سوريا جول جمال ، الذي فجر المدمرة الفرنسية "جان بار "في البحر المتوسط بالقرب من شاطيء الإسكندرية ، وكانوا يطلقون عليها "تنين البحر المتوسط" ، حيث إنقض عليها بطائرته ودمرها ، وعلى متنها 88 ضابطا و2055 جنديا فرنسيا كانوا يشاركون في العدون الثلاثي على المحروسة مصر عام 1956.
ولا ننسى أيضا البطل عيسى العوام الذي كان نائبا للقائد صلاح الدين في حربه ضد الفرنجة ودوره في الدفاع عن عكا إبان الحصار ، كما أن لنا في موقف العربي المسيحي السوري فارس بيك الخوري ،الذي شغل منصب أول رئيس للوزراء في سوريا بعد رحيل العثمانيين عام 1918 ، وتكرر ذلك مرارا ، كما تولى رئاسة مجلس النواب السوري أيضا ، ووزير الأوقاف فيها ، حيث رد على هرطقات قائد الحملة الفرنسية على سوريا غورو عندما قال له أنه جاء لحماية المسيحيين في سوريا ، وكان الرد صاعقا أنه - أي الخوري - يفضل العيش تحت الظلم الإسلامي على أن يعيش في ظل العدالة الفرنسية.
كما لا ننسى البطل القومي أنطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري الإجتماعي ، الذي تحدى القاضي الفرنسي إبان محاكمته ورفض قيام القاضي بتغيير إسمه من أنطون إلى أنطوان ، ما إستفز القاضي الفرنسي وعجل بإصدار حكم الإعدام عليه ، وهناك صفحة عربية مسيحية ناصعة البياض ، وهي موقف بابا الأقباط الراحل البابا شنودة ، الذي أصدر فتوى تحرم على الأقباط المسيحيين بالحج إلى القدس المحتلة.
وعليه فإن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عندما تسلم مفاتيح القدس من المطران الدمشقي صفرونيوس ، وحان وقت الصلاة ، رد لهم بعض الجميل ، وخرج من كنيسة القيامة ، وإبتعد عنها قليل وأقام الصلاة ، وعندما سألوه عن سبب صلاته خارج الكنيسة ، أجاب أنه يخاف من إستيلاء المسلمين عليها بعد موته بحجة أنه صلى فيها .
وقبل هذا وذاك فإن نظرة الإسلام والمسلمين إلى السيد المسيح عليه السلام ، وأمه الطاهرة البتول مريم العذراء عليها السلام تنصفهما وتضعهما في منزلة مقدسة بحق ، وقد أفرد الله جل في علاه لها سورتين طويلتين هما "آل عمران ، ومريم" ، ولعل القيمة الكبرى في هاتين السورتين هي سمو الخطاب الذي ورد فيهما ، ليليق بالمتحدث وهو الله سبحانه وتعالى ، والمتحدث إليه وهو النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" ، وجامل الرسالة الملاك جبريل عليه السلام ، والمتحدث عنهما وهما السيد المسيح وأمه الطاهرة البتول عليهما السلام.
نحن كعرب مسلمين بحاجة للعرب المسيحيين ، وهم بحاجة لنا أيضا ، فكلانا مستهدفون ، لأن هناك من يعمل على إختطاف المسيحية وتحويلها من الشرق إلى الغرب ، بدليل أن الكنيسة العربية جرى مصادرتها ، وأصبحت الكنيسة الغربية هي المرجع ، مع أن السيد المسيح عربي ولد وترعرع في أرض عربية ، ولم يكن إنجليزيا ولا إيطاليا .
لست بصدد قراءة للكتاب، بل أرغب بتثبيت بعض الحقائق التي ربما غابت عن البعض ، وأهمها أن المسمى الصحيح لهم هو "العرب المسيحيون"، وليس المسيحيين العرب ، كما يحلو للبعض أن يطلق عليهم ، دون معرفة منه مساحة الفرق الشاسع بين التسميتين، وقد أصبحنا وإياهم في خطر داهم ، فنحن نتعرض لإجتياح الخوارج الجدد ، فرع الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية الخارجية "داعش”SISI” ، وهم بطبيعة الحال يتعرضون لإجتياح لا يقل خطرا عن داعش ، وهو خطر المسيحية الصهيونية التي تؤيد مستدمرة إسرائيل ، وإفتتحت لها سفارة في القدس المحتلة.
هم ملح الأرض نعم، وهم أغصان الكرمة أيضا ، فلا طعام مستساغ بدون ملح ، والكرمة شجرة وارفة الظلال مثمرة ومفيدة، وثمرها طيب وهي من أشجار الجنة ، ولذلك فإن هذا الوصف ينطبق عليهم ويليق بهم.
وهم أساس نهضتنا ، ومن حافظ على لغتنا ، كما أنهم منبع التنوير في المنطقة ، بصماتهم لن تنسى ، لأن حضورهم متأصل ومتجذر في هذه الأرض ، ولا شك أن العرب المسلمين بغض النظر عن بعض الإستثناءات غير المحسوبة ، كما هو عندنا ، نماذج تنوير ووطنية وقومية وتضحية.
نحن مدينون للعرب المسيحيين ، وأول دين حملناه في رقابنا كمسلمين هو موقف أسقف مكة ورقة بن نوفل ، الذي طمأن إبنة عمه خديجة /زوج رسول الله محمد "صلى الله عليه وسلم" ، عندما لجأت إليه بعد نزول الوحي على رسولنا الكريم ، وقال لها أنه النبي الذي ورد ذكره في الكتب السماوية ، وأن أهله سيبعدوه ، وتمنى لو أنه يعيش لذلك اليوم كي يؤازره.
أما الجانب الآخر فهو توجيه الرسول بعد البعثة لنفر من أصحابه تعرضوا لمضايقات من كفار قريش ، ونصحهم بالتوجه إلى الحبشة المسيحية لأن فيها ملك عادل ، وكانت تلك أول هجرة إسلامية ، إنتصر فيها الملك النجاشي للمسلمين ، وآواهم ووقف معهم حتى بعد أن أوفدت قريشا وفدا يحمل من الهدايا الشيء الكثير للنجاشي ، كي يسلمهم المهاجرين المسلمين ، لكنه رفض الهدية وتعهد بحماية ضيوفه من المسلمين.
ومن أوجه التضحية التي لا تنسى في تاريخ العرب المسيحيين الضابط الحمصي من سوريا جول جمال ، الذي فجر المدمرة الفرنسية "جان بار "في البحر المتوسط بالقرب من شاطيء الإسكندرية ، وكانوا يطلقون عليها "تنين البحر المتوسط" ، حيث إنقض عليها بطائرته ودمرها ، وعلى متنها 88 ضابطا و2055 جنديا فرنسيا كانوا يشاركون في العدون الثلاثي على المحروسة مصر عام 1956.
ولا ننسى أيضا البطل عيسى العوام الذي كان نائبا للقائد صلاح الدين في حربه ضد الفرنجة ودوره في الدفاع عن عكا إبان الحصار ، كما أن لنا في موقف العربي المسيحي السوري فارس بيك الخوري ،الذي شغل منصب أول رئيس للوزراء في سوريا بعد رحيل العثمانيين عام 1918 ، وتكرر ذلك مرارا ، كما تولى رئاسة مجلس النواب السوري أيضا ، ووزير الأوقاف فيها ، حيث رد على هرطقات قائد الحملة الفرنسية على سوريا غورو عندما قال له أنه جاء لحماية المسيحيين في سوريا ، وكان الرد صاعقا أنه - أي الخوري - يفضل العيش تحت الظلم الإسلامي على أن يعيش في ظل العدالة الفرنسية.
كما لا ننسى البطل القومي أنطون سعادة مؤسس الحزب القومي السوري الإجتماعي ، الذي تحدى القاضي الفرنسي إبان محاكمته ورفض قيام القاضي بتغيير إسمه من أنطون إلى أنطوان ، ما إستفز القاضي الفرنسي وعجل بإصدار حكم الإعدام عليه ، وهناك صفحة عربية مسيحية ناصعة البياض ، وهي موقف بابا الأقباط الراحل البابا شنودة ، الذي أصدر فتوى تحرم على الأقباط المسيحيين بالحج إلى القدس المحتلة.
وعليه فإن الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عندما تسلم مفاتيح القدس من المطران الدمشقي صفرونيوس ، وحان وقت الصلاة ، رد لهم بعض الجميل ، وخرج من كنيسة القيامة ، وإبتعد عنها قليل وأقام الصلاة ، وعندما سألوه عن سبب صلاته خارج الكنيسة ، أجاب أنه يخاف من إستيلاء المسلمين عليها بعد موته بحجة أنه صلى فيها .
وقبل هذا وذاك فإن نظرة الإسلام والمسلمين إلى السيد المسيح عليه السلام ، وأمه الطاهرة البتول مريم العذراء عليها السلام تنصفهما وتضعهما في منزلة مقدسة بحق ، وقد أفرد الله جل في علاه لها سورتين طويلتين هما "آل عمران ، ومريم" ، ولعل القيمة الكبرى في هاتين السورتين هي سمو الخطاب الذي ورد فيهما ، ليليق بالمتحدث وهو الله سبحانه وتعالى ، والمتحدث إليه وهو النبي محمد "صلى الله عليه وسلم" ، وجامل الرسالة الملاك جبريل عليه السلام ، والمتحدث عنهما وهما السيد المسيح وأمه الطاهرة البتول عليهما السلام.
نحن كعرب مسلمين بحاجة للعرب المسيحيين ، وهم بحاجة لنا أيضا ، فكلانا مستهدفون ، لأن هناك من يعمل على إختطاف المسيحية وتحويلها من الشرق إلى الغرب ، بدليل أن الكنيسة العربية جرى مصادرتها ، وأصبحت الكنيسة الغربية هي المرجع ، مع أن السيد المسيح عربي ولد وترعرع في أرض عربية ، ولم يكن إنجليزيا ولا إيطاليا .