2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

السفيرة والنخب المحترمة

عدنان الروسان
جو 24 : يا الله، كم هي خسيسة هذه الدنيا، و كم هي وضيعة، يظنها البعض شيئا و هي لا شيء، يا الله كيف نغدو حينما نتنازل عن تاريخنا ومبادئنا و تهون علينا أنفسنا، وحينما نفرح بضعفنا، و نعتز بهواننا على الناس، و حينما تتراءى لنا أعمالنا كسراب بقيعة نحسبه على ظمئنا ماء فإذا جئناه لم نجده شيئا و وجدنا الله عنده.

كانت عيناه تكادان تخرجان من محجريهما من الفرح وهو يقبلها (..) ويضمها إليه بحنان وابتسام وكأنه يعانق سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، يكاد يطير من الفرح، يكاد وجهه يضيء ولو تمسسه نار، فهاهو يظفر بما لا يظفر به الآخرون، و يدعو ناديه ويمهل الله الجمع فلا يدعو الزبانيه، يجلس الجمع و تجلس (..) ربيبة نعمتهم، و سيدة ناديهم و عزيزة قومهم، يتسامرون على مائدة لها أول و لا يبدو أن لها آخر بينما أبناء المخيمات يتعشون على ساندويش فلافل بجانب المجاري السطحية التي تمر أمامهم، وبينما الكثيرون من أبناء الشعب يلتفون حول "طاسة" عدس و صوبة علاء الدين يتسامرون و يتلهون برشف العدس المصفى على وقع مرور المشاهد على قناة الجزيرة للأطفال الذين يبحثون في النفايات في سوريا على بقايا لقمة خبز تسد جوعهم فلا يموتون، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بئست الوليمة الطعام يدعى إليها الأغنياء ويترك الفقراء".

ويتبادل المنتدون نظرات الغيرة والحسد والإعجاب فقد خرج الرجل على قومه بكل ما يملك من زينة وطعام وبهرجة وفوق كل ذلك هي..

يجلس بجانبها أو تجلس بجانبه، إنه لذو حظ عظيم، و تدق قلوب المنتدين والقاعدين الطاعمين الكاسين في صدورهم، يا ليت لنا مثل ما أوتي ق....ارون، و ترتدي السفيرة هدية من هدايا المضيف، ثوبا مزركشا تطل من بين ثناياه كل مفاسد الأمة العربية، والنخب العربية، والمحافل العربية، وتتجسد فيمن يلبسه كل أنواع الطائرات التي قصفت غزة و قتلت أطفال الفلسطينيين، وكل القنابل التي سقطت على رؤوس العراقيين وحبل المشنقة الذي تدلى منه صدام حسين وهو يهتف الله أكبر، عاشت فلسطين حرة عربية... وتنطلق الزغاريد مؤذنة بالفرح العارم والنصر العرمرمي الأكيد.

رأيت في عينيه كل فرح الدنيا، و كأنما وقف أمام من عزّ وجلّ، فقال له اذهب فقد غفرت لك ما تقدم من ذنبك وتأخر، ادخل الجنة، فقد كنت من أبناء الأمة المجاهدين، لقد أولمت فأطعمت الفقراء والمساكين ودعوت فاستجيب لك وأنت اليوم عندنا مكين، رأيته يكاد يقول للجمع وهو يتعبطها بكل الرقة والحنية والفرح الموجود في هذه الدنيا "هاؤم اقرؤوا كتابي، إني ظننت أني ملاق حسابي" ويتدفق بعض الجمع، من شيوخ ولحى وشوارب يسلمون باليمين ومنهم من يحاول أن يكون السلام أكثر حميمية، فماذا ستكتب لوزير خارجيتها.

هل ستقول له أن الشعب يكره بلادها، هل ستكتب أن النخب عاتبة على الولايات المتحدة أم أنها سترسل له صور الدعوة والوليمة التي لا يحلم بنصف نصفها أبناء غزة أو أبناء الخليل، وتتحدث له عن كرمنا وحبنا وعشقنا ووداعتنا وغرامنا بالأمريكيين الذين لم يتركوا مواطنا إلا أذلوه على طلب تأشيرة حتى يكاد يلعق أحذيتهم للحصول عليها بينما يدخل الأمريكي فارعا دارعا لبيوتنا بدون استئذان، كيف لا و نحن "صافين على الدور لدعوة السفيرة على العشاء والغداء" بعد أن دمرنا السفير السابق الذي كان قبلها فقد أصيب بكل أنواع الكوليسترول و تضيق الشرايين من "كثر ما لط مناسف" متنقلا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

رأيته والدنيا لا تسعه وهو يضمها ضمة المحب، كيف لا و هي التي إن ضحكت ضحك لها نصف نخب عمان دون أن يدروا لماذا ضحكت، والتي يتهافت على دعوتها كل المتسلقين حتى يحظوا بابتسامة من صاحبة الصون والعفاف و ربة الحسن والجمال، المندوبة السامية لكثير من المتأمركين الذين لا يرون إلا ما تريهم وما تهديهم إلا سبل الرشاد، لقد تغير الزمان ولكل زمان دولة ورجال، فما نراه اليوم لم يكن يحدث حينما كان للرجال لحى وشوارب يحلفون بها، و كانت وجوههم تتمعر لضيم يقع على أهلهم أو جيرانهم وكانوا يزنون الكلام بالحرف والتصرف بالقيراط، وكان الناس يراقبون الله وضمائرهم.

مبروك لأصحاب الفرح الغامر والبيت العامر، ومبروك على هذا الفتح الكبير والنصر المؤزر لقضايا الوطن، ومبروك للرجولة في كل شبر من حمى الوطن، ومبروك علينا القنابل الأمريكية والطائرات الأمريكية وتقسيم العراق الأمريكي ومبروك علينا مرة أخرى إعدام صدام حسين بأيد أمريكية.
تابعو الأردن 24 على google news