الفريق المجالي يقدم روايته الأولى!
زيد محمد النوايسة
جو 24 : لا يميل الأردنيين كثيراً إلى متابعة اللقاءات الرسمية وخاصة للمسؤولين عندما يغادرون موقعهم الرسمي على المحطات الأردنية؛ فما بالكم في فضائيات عربية وعالمية. إذ غالباً ما تنطلق الشهادات التي يقدمونها من رد فعل شخصي ومحاولة للتنصل من أية أخفاقات أو فشل في الإنجاز، وبالتالي فالصورة الانطباعية عن تلك اللقاءات راسخة في العقل الشعبي الأردني في أنها لا تتجاوز محاولة البقاء في المشهد السياسي وتوجيه الرسائل لا أكثر ولا أقل.
لكن مساء الاثنين 14/12/2015، كان مختلفاً بشكل كلي. وأكاد أجزم أن نسبة كثيرة "تسمرت" أمام شاشة BBC ، برغبة واهتمام لمتابعة اللقاء مع الفريق حسين المجالي وزير الداخلية السابق الذي غادر موقعه قبل أشهر قليلة ضمن ما سمي يومها بعملية إقالة لمديري جهازين مهمين من الأجهزة الأمنية ثم استقالة الوزير نفسه نتيجة عدم التنسيق وتضارب المرجعيات وخصوصا في بعض القضايا الأمنية في معان. إذ يملك الرجل رصيداً مهماً لدى الأردنيين عموماً والجيل الشاب في الأردن خصوصاً؛ فرضته شخصيته السمحة والعقلانية ودوره في التعامل مع ارتدادات الربيع العربي والتي ساهمت في تجنيب الأردن مزالق خطيرة واستيعاب الناس بحكمة ونعومة .
برنامج المشهد السياسي والذي تقدمه الإعلامية والمحاورة اللبنانية جيزيل خوري التي تقرأ جيداً تاريخ ضيوفها وتجربتهم وتستند إلى أرشيف مهم حول تاريخهم المهني والشخصي؛ يحظى بمتابعة واهتمام ومشاهدة كبيرة بالرغم من أن مدته الزمنية لا تتجاوز الثلاثين دقيقة. وباحترافية الإعلامي الممارس تستطيع جيزيل اختصار المفاصل المهمة في تجربة الضيف وتستثمر الوقت باحترافية عالية!!
المؤكد أن الضيف كان استثنائياً فهو الآتي من إرث عائلي في الولاء للدولة الأردنية وللعائلة الهاشمية في أوقات الشدة قبل الرخاء؛ ويملك تجربة مهمة قلما توافرت في معظم من شغلوا المواقع الرسمية. فهو النجل الثالث للشهيد هزاع المجالي رئيس الوزراء الأردني الأسبق (أول رئيس وزراء شرق أردني منذ تأسيس الدولة) والذي استشهد في تفجير مبنى رئاسة الوزراء في 29/8/1960، واستشهد معه كوكبة من الشخصيات الأردنية، إذ كان يستقبل يومها شخصيات عشائرية من مختلف أنحاء الأردن؛ والآتي أيضاً من تجربة مهمة لقربه من الراحل الحسين رحمه الله وخلال توليه قيادة الحرس الملكي الخاص وخلال مراحل في غاية الدقة من تاريخ الدولة الأردنية فغياب الحسين رحمه الله عن الأردن كقائد استثنائي أرتبط في وجدان الأردنيين خلال ما يقارب النصف قرن من الزمن أمر لا يمكن استيعابه بسهولة وقد سُجل للفريق المجالي مساهمته في إجراءات وداع الحسين بصورة سلسة ومنضبطة أدهشت العالم يومها عندما كانت عمان تستقبل قادة الكون كله على تناقضاتهم واختلافهم في مشهد سيظل ماثلاً في الذاكرة للأبد.
قدم المجالي وبصورة وجدانية طغت عليها العاطفة والمشاهد الإنسانية تجربته مع الملك الحسين رحمه الله خلال رحلة العلاج في مايوكلينك، وخلال العمل كضابط محترف يتولى قيادة الحرس الملكي الخاص كان يقوم بمهمته دون أي زيادة أو نقصان ولم يقدم نفسه كصاحب دور سياسي وكان واضحاً في إجابته أنه يعرف دوره بدقة في صورة تثبت مهنية الرجل وعدم رغبته في صنع نجومية لا يحتاجها ولا تضيف له شيئاً!!
سيتوقف كثيرون عند اللقاء وسيقال فيه الكثير لكن بمعزل عن كل ذلك يمكن الخروج بانطباعات هامة أأبرزها أن الرجل قدم لنا أول رواية دقيقة عن قصة الإقالة والاستقالة، وهو يعترف بأن استقالته جاءت بقرار منه وتحمللاً لمسؤوليته السياسية والأدبية إذ لا يعقل أن ينسب هو بإقالة مديري جهازين مهمين ويبقى في موقعه؛ وهو بذلك يدحض كل ما قيل حينذاك والاهم انه يقدم نموذج نفتقده للأسف في غالبية من يتسنم الموقع الحكومي في شجاعة الاعتراف والإقدام على تحمل المسؤولية السياسية على الأقل.
حسين المجالي الذي فقد والده وهو بعمر السبعة أشهر لم يبادل القتلة الذين اغتالوا والده الحقد فهو لا يريد أن يكون مثلهم، فالله والتاريخ هو من ينتقم في صورة تعزز أسمى معاني النبل وتلك الصفات ليست مستغربة عن ابن شهيد دفع عمره ثمناً للدفاع عن الدولة في مرحلة من أكثر المراحل سوداوية وقسوة وهو من قبل ذلك فهو سليل عائلة شكلت جزءً مهما من المشهد السياسي الأردني منذ أن أعدم إسماعيل الشوفي المجالي على أسوار القدس سنة 1832 مرورا بثورة الكرك "الهية" وقائدها قدر المجالي ضد العثماني المستبد سنة 1910، وصولاً إلى خاله المشير الراحل حابس المجالي الذي يعرفه الأردنيون ويعرفون تاريخه جيداً ودوره في معارك القدس ولاحقاً في الدفاع عن الدولة في مرحلة من أكثر المراحل خطورة كادت أن تعصف بالأردن.
باختصار شديد كان الوزير حسين المجالي نجماً فرضته السياقات لعائلته ولشخصه ولتجربته المهمة وربما دونما أن يسعى لذلك أو يقصد. فرغم حداثة انتقاله للعمل السياسي وعلى مدى سنوات سفيراً ووزيراً للداخلية أستطاع أن يؤثر في المشهد السياسي ويغادره بصمت ودونما أن يشير إلى أن ثمة خصوم سياسيين من داخل "السيستم" لم "يرُق" لهم أن يستمر في الصعود السياسي، ولعل ما يسعف أن ذاكرة الأردنيين وقدرتهم على المقارنة والمقاربة ستظل حاضرة دائماً، والأكيد أن شخصية تملك تلك التجربة لا يمكن أن تظل بعيدة عن أداء دورها المأمول منها!!
لكن مساء الاثنين 14/12/2015، كان مختلفاً بشكل كلي. وأكاد أجزم أن نسبة كثيرة "تسمرت" أمام شاشة BBC ، برغبة واهتمام لمتابعة اللقاء مع الفريق حسين المجالي وزير الداخلية السابق الذي غادر موقعه قبل أشهر قليلة ضمن ما سمي يومها بعملية إقالة لمديري جهازين مهمين من الأجهزة الأمنية ثم استقالة الوزير نفسه نتيجة عدم التنسيق وتضارب المرجعيات وخصوصا في بعض القضايا الأمنية في معان. إذ يملك الرجل رصيداً مهماً لدى الأردنيين عموماً والجيل الشاب في الأردن خصوصاً؛ فرضته شخصيته السمحة والعقلانية ودوره في التعامل مع ارتدادات الربيع العربي والتي ساهمت في تجنيب الأردن مزالق خطيرة واستيعاب الناس بحكمة ونعومة .
برنامج المشهد السياسي والذي تقدمه الإعلامية والمحاورة اللبنانية جيزيل خوري التي تقرأ جيداً تاريخ ضيوفها وتجربتهم وتستند إلى أرشيف مهم حول تاريخهم المهني والشخصي؛ يحظى بمتابعة واهتمام ومشاهدة كبيرة بالرغم من أن مدته الزمنية لا تتجاوز الثلاثين دقيقة. وباحترافية الإعلامي الممارس تستطيع جيزيل اختصار المفاصل المهمة في تجربة الضيف وتستثمر الوقت باحترافية عالية!!
المؤكد أن الضيف كان استثنائياً فهو الآتي من إرث عائلي في الولاء للدولة الأردنية وللعائلة الهاشمية في أوقات الشدة قبل الرخاء؛ ويملك تجربة مهمة قلما توافرت في معظم من شغلوا المواقع الرسمية. فهو النجل الثالث للشهيد هزاع المجالي رئيس الوزراء الأردني الأسبق (أول رئيس وزراء شرق أردني منذ تأسيس الدولة) والذي استشهد في تفجير مبنى رئاسة الوزراء في 29/8/1960، واستشهد معه كوكبة من الشخصيات الأردنية، إذ كان يستقبل يومها شخصيات عشائرية من مختلف أنحاء الأردن؛ والآتي أيضاً من تجربة مهمة لقربه من الراحل الحسين رحمه الله وخلال توليه قيادة الحرس الملكي الخاص وخلال مراحل في غاية الدقة من تاريخ الدولة الأردنية فغياب الحسين رحمه الله عن الأردن كقائد استثنائي أرتبط في وجدان الأردنيين خلال ما يقارب النصف قرن من الزمن أمر لا يمكن استيعابه بسهولة وقد سُجل للفريق المجالي مساهمته في إجراءات وداع الحسين بصورة سلسة ومنضبطة أدهشت العالم يومها عندما كانت عمان تستقبل قادة الكون كله على تناقضاتهم واختلافهم في مشهد سيظل ماثلاً في الذاكرة للأبد.
قدم المجالي وبصورة وجدانية طغت عليها العاطفة والمشاهد الإنسانية تجربته مع الملك الحسين رحمه الله خلال رحلة العلاج في مايوكلينك، وخلال العمل كضابط محترف يتولى قيادة الحرس الملكي الخاص كان يقوم بمهمته دون أي زيادة أو نقصان ولم يقدم نفسه كصاحب دور سياسي وكان واضحاً في إجابته أنه يعرف دوره بدقة في صورة تثبت مهنية الرجل وعدم رغبته في صنع نجومية لا يحتاجها ولا تضيف له شيئاً!!
سيتوقف كثيرون عند اللقاء وسيقال فيه الكثير لكن بمعزل عن كل ذلك يمكن الخروج بانطباعات هامة أأبرزها أن الرجل قدم لنا أول رواية دقيقة عن قصة الإقالة والاستقالة، وهو يعترف بأن استقالته جاءت بقرار منه وتحمللاً لمسؤوليته السياسية والأدبية إذ لا يعقل أن ينسب هو بإقالة مديري جهازين مهمين ويبقى في موقعه؛ وهو بذلك يدحض كل ما قيل حينذاك والاهم انه يقدم نموذج نفتقده للأسف في غالبية من يتسنم الموقع الحكومي في شجاعة الاعتراف والإقدام على تحمل المسؤولية السياسية على الأقل.
حسين المجالي الذي فقد والده وهو بعمر السبعة أشهر لم يبادل القتلة الذين اغتالوا والده الحقد فهو لا يريد أن يكون مثلهم، فالله والتاريخ هو من ينتقم في صورة تعزز أسمى معاني النبل وتلك الصفات ليست مستغربة عن ابن شهيد دفع عمره ثمناً للدفاع عن الدولة في مرحلة من أكثر المراحل سوداوية وقسوة وهو من قبل ذلك فهو سليل عائلة شكلت جزءً مهما من المشهد السياسي الأردني منذ أن أعدم إسماعيل الشوفي المجالي على أسوار القدس سنة 1832 مرورا بثورة الكرك "الهية" وقائدها قدر المجالي ضد العثماني المستبد سنة 1910، وصولاً إلى خاله المشير الراحل حابس المجالي الذي يعرفه الأردنيون ويعرفون تاريخه جيداً ودوره في معارك القدس ولاحقاً في الدفاع عن الدولة في مرحلة من أكثر المراحل خطورة كادت أن تعصف بالأردن.
باختصار شديد كان الوزير حسين المجالي نجماً فرضته السياقات لعائلته ولشخصه ولتجربته المهمة وربما دونما أن يسعى لذلك أو يقصد. فرغم حداثة انتقاله للعمل السياسي وعلى مدى سنوات سفيراً ووزيراً للداخلية أستطاع أن يؤثر في المشهد السياسي ويغادره بصمت ودونما أن يشير إلى أن ثمة خصوم سياسيين من داخل "السيستم" لم "يرُق" لهم أن يستمر في الصعود السياسي، ولعل ما يسعف أن ذاكرة الأردنيين وقدرتهم على المقارنة والمقاربة ستظل حاضرة دائماً، والأكيد أن شخصية تملك تلك التجربة لا يمكن أن تظل بعيدة عن أداء دورها المأمول منها!!