المواجهة مع الإخوان وحلم التعددية
لميس أندوني
جو 24 : للأسف ما زال المشهد محكوماً بالاستقطاب بين مركزي الحكم وحركة الإخوان المسلمين فيما يزداد التوتر مع اقتراب موعد مسيرة الـ 50000 في الخامس من الشهر المقبل.
لا شك أن رفض الإخوان عرض اللحظة الأخيرة الذي نقله رئيس الوزراء السابق فيصل الفايز، بإجراء تعديلات في قانون الانتخاب مقابل مشاركة الحركة في الانتخابات قد زاد من الفرز السياسي ووضع جميع التيارات أمام خيار الاصطفاف الجاري بين الطرفين.
فشل الوساطات بين الجهات الرسمية والحركة أدى إلى حصر مواقف الاتجاهات السياسية بين المشاركة بالانتخابات أو المشاركة في المسيرة، التي دعا لها تنظيم لإخوان أصلاً وانضمت إليها بعض الحراكات.
لكن الكثيرين يرفضون إلى هذه اللحظة الانجرار إلى أي من "المعسكرين" ؛ فهناك خطر من الانجرار إلى مواجهة مع الإسلاميين تبرر القمع وتَغَول السلطة وفي الوقت نفسه هناك تبعات للحاق بتكتيكات تنظيم الإخوان غير واضحة المسار والاتجاه.
البعض يتوجه باللوم الى حركة الإخوان لرفضها العرض الرسمي، ويجده مؤشراً على عدم صدق نيتها، لكن في الوقت نفسه من حق الحركة الأكثر تنظيماً أن لا تقبل عرضاً لا يغير في جوهر قانون الانتخاب وتلجأ إلى قواعدها والشارع لإظهار قوتها ومحاولة منها لإجبار مراكز القرار بتقديم عروض أفضل – لأنها في النهاية تسعى إلى مكاسب تبرر تغيير موقفها.
فخيار ترك الإسلاميين وجزء مهم من المعارضة في الشارع، له تبعاته أيضاً، ليس على صعيد مصداقية البرلمان القادم فقط بل على صعيد مصداقية "العملية الإصلاحية" التي تبشر الجهات الرسمية بها أمام العالم خاصة أمام الجهات الدولية المالية، لما يترتب على مرحلة ما بعد الانتخابات من رفع الدعم الحكومي للسلع والطاقة وبالتالي رفع أسعارها.
تجاهل النظام لخيار فتح حوار وطني واسع للوصول إلى برنامج إصلاح وطني دفع إلى حالة الاستقطاب الحالي، لأنه تعامل بهوس مع الإسلاميين سواء من خلال محاولات تهميش التنظيم أو من خلال عقد صفقة معه تقصي الفئات السياسية الأخرى .
لكن مشكلة قانون الانتخاب الرئيسة، ليس في هدفها إقصاء الإسلاميين لكن هدفها الحقيقي تهميش القوى والآراء المعارضة بشكل عام، وتعميق الولاءات والعصبويات وحتى الانقسامات العشائرية هروباً من استحقاقات الإصلاح والتغيير.
في مقابلته مع البرنامج السياسي الأمريكي ذي دايلي شو شدد الملك عبدالله الثاني على أن المرحلة الجديدة تهدف إلى تطوير مفاهيم ظهور الأحزاب وفرزها الطبيعي إلى أحزاب يسار ، ووسط ويمين.
وأشار أن حداثة التجربة أدت إلى غياب الوعي لتلك المفاهيم التي تؤدي إلى تواجد مثل الأحزاب وتقسيماتها وتمثيلها في البرلمان.
من الطبيعي أن يكون هناك على الأقل ضعف في الممارسة على الأقل لمثل هذه التقاليد نتيجة تعطل الحياة البرلمانية، وسيادة الأحكام العرفية لثلاثة عقود، ومن ثم عرقلة بناء التعددية من خلال إقرار نظام الصوت الواحد عام 1993 مما أدى إلى تقويض تقاليد الحزبية والتعددية.
في الواقع ما يؤكده التاريخ هو أن الشعب الأردني أظهر وعياً متقدماً في العقود الأولى لبناء الدولة خاصة في انتخابات عام 1956، دلت على فهم يسبق عمر المؤسسات الرسمية، بالاقتراع وفقاً لمواقف المرشحين والأحزاب من القضايا المحلية والوطنية والقومية، لكن بتر المسيرة البرلمانية ساهم في تشويه الممارسات والوعي؛ لكن ذلك لا يعني عدم وجود تيارات وأحزاب يسارية ويمينية ووسطية في الأردن، فالمشكلة تكمن بالأساس بالقوانين والإجراءات التي تمنع عن سابق إصرار وعمد نمو هذه التيارات ولعبها دور فعال في الساحة السياسية.
لذا نسأل مجدداً كيف يمكن إرساء قواعد التعددية الحزبية والسياسية في ظل قانون الانتخاب المفروض الذي من أهم سلبياته عدم إتاحة الفرصة للتيارات والأحزاب بالنمو والتطور و يوطد حالة الاستقطاب المؤذية بين المركز الأمني السياسي والحركة الإسلامية؟
الخوف أن الوضع، وحتى قبل الانتخابات يتجه إلى المواجهة، وليس إلى التعددية والحوار خاصة فيما يتردد عن الإعداد والتحشيد لمسيرة "ولاء" مقابلة لمسيرة الجمعة القادمة، وما يترتب على ذلك السيناريو من ضرب الإصلاح وحلم التعددية."العرب اليوم"
لا شك أن رفض الإخوان عرض اللحظة الأخيرة الذي نقله رئيس الوزراء السابق فيصل الفايز، بإجراء تعديلات في قانون الانتخاب مقابل مشاركة الحركة في الانتخابات قد زاد من الفرز السياسي ووضع جميع التيارات أمام خيار الاصطفاف الجاري بين الطرفين.
فشل الوساطات بين الجهات الرسمية والحركة أدى إلى حصر مواقف الاتجاهات السياسية بين المشاركة بالانتخابات أو المشاركة في المسيرة، التي دعا لها تنظيم لإخوان أصلاً وانضمت إليها بعض الحراكات.
لكن الكثيرين يرفضون إلى هذه اللحظة الانجرار إلى أي من "المعسكرين" ؛ فهناك خطر من الانجرار إلى مواجهة مع الإسلاميين تبرر القمع وتَغَول السلطة وفي الوقت نفسه هناك تبعات للحاق بتكتيكات تنظيم الإخوان غير واضحة المسار والاتجاه.
البعض يتوجه باللوم الى حركة الإخوان لرفضها العرض الرسمي، ويجده مؤشراً على عدم صدق نيتها، لكن في الوقت نفسه من حق الحركة الأكثر تنظيماً أن لا تقبل عرضاً لا يغير في جوهر قانون الانتخاب وتلجأ إلى قواعدها والشارع لإظهار قوتها ومحاولة منها لإجبار مراكز القرار بتقديم عروض أفضل – لأنها في النهاية تسعى إلى مكاسب تبرر تغيير موقفها.
فخيار ترك الإسلاميين وجزء مهم من المعارضة في الشارع، له تبعاته أيضاً، ليس على صعيد مصداقية البرلمان القادم فقط بل على صعيد مصداقية "العملية الإصلاحية" التي تبشر الجهات الرسمية بها أمام العالم خاصة أمام الجهات الدولية المالية، لما يترتب على مرحلة ما بعد الانتخابات من رفع الدعم الحكومي للسلع والطاقة وبالتالي رفع أسعارها.
تجاهل النظام لخيار فتح حوار وطني واسع للوصول إلى برنامج إصلاح وطني دفع إلى حالة الاستقطاب الحالي، لأنه تعامل بهوس مع الإسلاميين سواء من خلال محاولات تهميش التنظيم أو من خلال عقد صفقة معه تقصي الفئات السياسية الأخرى .
لكن مشكلة قانون الانتخاب الرئيسة، ليس في هدفها إقصاء الإسلاميين لكن هدفها الحقيقي تهميش القوى والآراء المعارضة بشكل عام، وتعميق الولاءات والعصبويات وحتى الانقسامات العشائرية هروباً من استحقاقات الإصلاح والتغيير.
في مقابلته مع البرنامج السياسي الأمريكي ذي دايلي شو شدد الملك عبدالله الثاني على أن المرحلة الجديدة تهدف إلى تطوير مفاهيم ظهور الأحزاب وفرزها الطبيعي إلى أحزاب يسار ، ووسط ويمين.
وأشار أن حداثة التجربة أدت إلى غياب الوعي لتلك المفاهيم التي تؤدي إلى تواجد مثل الأحزاب وتقسيماتها وتمثيلها في البرلمان.
من الطبيعي أن يكون هناك على الأقل ضعف في الممارسة على الأقل لمثل هذه التقاليد نتيجة تعطل الحياة البرلمانية، وسيادة الأحكام العرفية لثلاثة عقود، ومن ثم عرقلة بناء التعددية من خلال إقرار نظام الصوت الواحد عام 1993 مما أدى إلى تقويض تقاليد الحزبية والتعددية.
في الواقع ما يؤكده التاريخ هو أن الشعب الأردني أظهر وعياً متقدماً في العقود الأولى لبناء الدولة خاصة في انتخابات عام 1956، دلت على فهم يسبق عمر المؤسسات الرسمية، بالاقتراع وفقاً لمواقف المرشحين والأحزاب من القضايا المحلية والوطنية والقومية، لكن بتر المسيرة البرلمانية ساهم في تشويه الممارسات والوعي؛ لكن ذلك لا يعني عدم وجود تيارات وأحزاب يسارية ويمينية ووسطية في الأردن، فالمشكلة تكمن بالأساس بالقوانين والإجراءات التي تمنع عن سابق إصرار وعمد نمو هذه التيارات ولعبها دور فعال في الساحة السياسية.
لذا نسأل مجدداً كيف يمكن إرساء قواعد التعددية الحزبية والسياسية في ظل قانون الانتخاب المفروض الذي من أهم سلبياته عدم إتاحة الفرصة للتيارات والأحزاب بالنمو والتطور و يوطد حالة الاستقطاب المؤذية بين المركز الأمني السياسي والحركة الإسلامية؟
الخوف أن الوضع، وحتى قبل الانتخابات يتجه إلى المواجهة، وليس إلى التعددية والحوار خاصة فيما يتردد عن الإعداد والتحشيد لمسيرة "ولاء" مقابلة لمسيرة الجمعة القادمة، وما يترتب على ذلك السيناريو من ضرب الإصلاح وحلم التعددية."العرب اليوم"