اخدعني بالثمن ولا تخدعني بالبضاعة ...!
عشرات الموضوعات تتقافز إلى الأقلام أو إلى الكيبورد بين أصابع أهل الصحافة في الوطن ، وكلها تذكرنا ببيت الشعر العربي الذي يختصر تدافع الأحداث حولنا ، حتى أننا نشبه " خراش " الذي تكاثرت عليه الظباء ،ولشدة تدافعها أصابه الذهول ( فلم يعد يعرف ما يصيد ) تتراكض حوله الظباء ، فيفقد القدرة على الصيد ..! هكذا نحن في عالم الصحافة اليوم ، تغلبنا الأحداث وتتنازعنا في كل لحظة حيث يولد حدث يستحق أن يكون موضوعا لمقالة ، وحولنا الزلازل الحقيقية والنيران والتغيرات التي لم يشهدها زمن من قبل .. ألا يشبه هذا حال " خراش "..؟
يعني ، هل يمكننا أن نتجاهل هذا الصراع المكشوف بين رأس السلطة التنفيذية ورأس السلطة التشريعية ..؟ لقد أشبعتنا وسائل التواصل الاجتماعي بتتبعها لكل صغيرة وكبيرة ...! و هل يمكننا أن نغمض عين الصحفي عن تعيينات أقارب النواب ، وألا نستمتع بذكاء أحد الأردنيين الشباب الذي كتب على صورة مجلس النواب ( مجلس النواب وأولادهم ...!) وكأن مجلس الشعب الذي اخترناه شركة مساهمة غير محدودة ..؟ أليسوا هم الذين خولناهم حق المراقبة والتشريع ..؟ مراقبة مَن وتشريع ماذا ..؟ رواتب تقاعدية خيالية أم وظائف غير تنافسية ..؟ وهل يمكننا أن ندير الظهور للصراع غير المبرر على منصب رئيس الجامعة ( أي جامعة أردنية ) وللضبابية التي ما زالت تغلف إجراءات اختيار رئيس الجامعة ، وتدخل الإعلام في هذه المسألة التي كانت تتم من قبل بهدوء وسلام ، بلا عشائرية ولا جهوية ولا تطبيل إعلامي ..؟ وهل نستطيع أن نصمت على تخبط صاحب القرار في وزارة التعليم العالي وهو يمنع ويستنكر طرح أعضاء مجلس التعليم العالي لأنفسهم في قائمة المرشحين لرئاسة الجامعات ، ويقيل أعضاء مجلس سابق ، ليقوم الآن ويسمح للمجلس بالترشح لنفس الموقع ..؟ حتى لو استقالوا ...؟ أما موضوع ازدواج الجنسية فحدث ولا حرج ( بالمناسبة هذه مقولة تفش الخلق .. حدثّ ولا حرج ..!) لماذا الآن ..الآن وليس غدا ..؟ لمصلحة من توضع التعديلات ..؟ وبالتأكيد فإن موضوع " المترك " الذي فاجأنا به معالي وزير التربية والتعليم ومن غير سابق إنذار ، وفجَره مثل قنبلة ، يستحق كل الدهشة التي انعقدت على جبين كل مواطن أردني .. ومعروف بأن جبين المواطن الأردني دائما مجعد بالكشرة المشهورة ، فكيف وقد بشرّه معالي وزير التربية والتعليم بأن مفاجأة " المترك " قريبة ..؟ من يقرر هذا ومتى وكيف ,,؟ وما هو مصير توجيهي السودان وتوجيهي تركيا وتوجيهي بلاد الواق واق ..؟ تشرد طلبتنا في أنحاء الأرض ليحصلوا على التوجيهي ..! فيا للهول ، ونحن الوطن الذي نعتز فيه بملف التعليم الذي نرفع فيه كل الرؤوس ..! أين إستراتيجيتنا يا كليات التربية في عشرات الجامعات الأردنية ..؟ ماذا سنفعل بهؤلاء الذين تشردوا والذين أضعناهم وقرروا ألا يتقدموا لامتحان الثانوية العامة ..؟ إنهم آلاف وآلاف يا وزارة التربية والتعليم ..!
حدث في كل لحظة وخبر في كل ثانية ، وكلها أحداث تهزّ البدن ،أريد أن اعترف لكم بأن أصابعي أسرع من أن أسيطر عليها وهي تطبع الأحرف ، وأنني أقوم بسرعة البرق بمحوها بلا أسف ..!
لكنني وبدون أن يرمش لي جفن ، وضعت عنوانا لا علاقة له بالمقالة (اخدعني بالثمن ولا تخدعني بالبضاعة ) أليست هذه مشكلتنا كلنا في السوق ، عندما نشتري بندورة أو خوخا أو تفاحا نجد البائع " يوجه " البضاعة بالأكبر والأنضج ويضع التالف في النهايات ، ففقدنا الثقة بالبضاعة وتعودنا على " وجه البكسة " كما يقول كل أردني مجرب ، ولو أن البائع يزيد الثمن ولا يغش بالبضاعة لبقيت لنا الثقة .. وهذا يكفينا .. نعم هذا يكفي ، ولا تسألوني ما علاقة العنوان بالمقالة ، فقد تكاثرت الظباء علينا فما ندري ما نصيد وعن ماذا سنكتب ..؟ ولكن يكفينا أننا نكتب لأجل هذا الوطن الذي لا مثيل له ، وطن معجزة نحبه ، ونحبه بإصرار ، ونخاف عليه ، ونظل نحبه لأنه الملاذ ، فهل أقول أخيرا : " اخدعونا بالثمن ولا تخدعونا بالبضاعة " ..؟ .