الخروج من التكاذب
طارق مصاروة
جو 24 :
عاد إلينا الصديق نضال السماعين بخبر مفرح من نيروبي. فقد نجح الصناعيون الأردنيون في الخروج من اللطم الكربلائي على الصناعة الوطنية، الى فتح عيونهم على أسواق جديدة: فغرب إفريقيا يسكنه 300 مليون مستهلك. وهو لا يكذب على نفسه كما نتكاذب نحن على أنفسنا حين نوقع وثائق السوق العربية المشتركة ونعلّي الحدود ونخلق الأعذار الواهنة لاغلاقها.
رتّب القطاع الخاص مشاركته في المعرض الكيني وقام الصناعيون بجهدهم لترويج صناعات أردنية ممتازة. وفتح الافارقة عيونهم على القادمين العرب الجدد فوقعوا معهم اتفاقات تصدير كثيرة وحقيقية.
كنا نقول حين حاصرنا اخواننا في استيرادهم لأدويتنا الممتازة: العالم أوسع من حسد الحاسدين وإذا كانت منتجاتنا جيدة فإنها ببعض الجهد ستجد لها أسواقاً في أوروبا وإفريقيا وحتى الولايات المتحدة.. وكان لنا ذلك. فالدواء الأردني في كل مكان، ومصانع الدواء الأردنية موجودة في أوروبا وأميركا وإفريقيا.
كنا نقول دائماً: إن إغلاق الحدود في وجهنا يعطينا القوة لنصنع لجهدنا عالماً أرحب. فالحياة والتقدم كما يقول تويني هي نتيجة صراع الإنسان مع الطبيعة ثم صراعه مع الإنسان المعتدي. وكم كان الكلام يغثي النفس حين كانت شاحنات الخضار والفواكه تبقى على الحدود.. وتعاد إلينا لأن: لا صادم أمامي لها. أم أن الأشقاء حريصون على مصالح شاحناتهم.. فهم ينزلون بضائعنا على الحدود ويحملونها على شاحناتهم. لكن الأردن مفتوح الحدود لتجارة الترانزيت، وطرقه.. وعلى الرحب والسعة.
سمعنا خلال الشهر الماضي أن 5000 مصنع أردني أغلق أبوابه بسبب الحدود المغلقة غرباً وشرقاً وشمالاً. وذهب آلاف العمّال إلى بيوتهم. وكنا نعجب: هل عندنا كل هذه المصانع؟!.
ويقول أهل المعرفة: نعم عندنا. ولكننا لا نهجم لتسويق منتجات هذه المصانع. ونطالب الحكومة، ونلطم.
لقد اكتشف صناعيون «غامروا» في معرض نيروبي ان هناك عالماً آخر لا يغلق أبوابه في وجه المنتج الجيد. وأن الحدود في غرب إفريقيا لا تضع جدراناً من التكاذب على جيرانهم فتغلق وتفتح حسب المزاج.. وصغارة النفوس..(الرأي)