الانتحار والوظيفة وداعش!
طارق مصاروة
جو 24 :
لم تتحول قضية الشباب الذين حاولوا الانتحار, الى قضية رأي عام!! ولم يقتنصها الحراك الشعبي ليثير قضية البطالة والفقر والفساد.. فساد الدولة طبعاً.. لانه لم يعد هناك حراك شعبي ولا غيره.
فالشباب يبحثون عن «وظيفة» والوظيفة في العرف الاردني هي طاولة, ومقعد, وجرس, ومراسل يحضر القهوة والشاي! ويبدو ان رجال الامن اقنعوهم بالبحث عن عمل.
ونعود الى الانتحار, او محاولة الانتحار فنقول: يشغلنا وقوف احدهم على جسر عبدون ويهدد بالانتحار أو يلقي بنفسه فعلاً, ولكننا نجد أنه من الطبيعي وجود آلاف من الاردنيين يحملون السلاح في سوريا من «نشامى» داعش والنصرة واخواتهما, وهي بكل المفاهيم انتحار وليس محاولة الانتحار!! فهل الدين سبب رحلة الموت؟ هل هي البطالة والفقر كما يروج يتامى الربيع العربي؟! أم هو الوطن الذي لم يعد فيه ما يدعو الى الحياة؟!
الاحصاءات العالمية تضع بلداً مثل السويد في أعلى قوائم الانتحار, مع ان هذا البلد العظيم لا بطالة ولا فقر فيه. ومع أن الدولة ليست فاسدة!! ويحلل علماء النفس والاجتماع هذه الظاهرة, وموضوعنا لا يحتمل التوسع فيها!! لكن المؤكد أن البلد الذي يعمل فيه قرابة المليون من «العمال الضيوف» من مصر وسوريا وبنغلادش والفلبين وسريلانكا.. وحديثاً الحبشة وكينيا وبلاد تركب الافيال. لا يمكن أن نبقى فيه نتحدث عن البطالة والفقر.. والفساد, وجلد النظام والبلد والعرب!!
ولهذه الظاهرة تفرعات مثل ظاهرة قبول الاتهام بأن الاسلام هو الارهاب وأن المسلمين وحدهم هم الذين يقتلون المسلمين. وحين نقول إن مجموع ما يمكن ان يقتله الارهابيون الاردنيون لا يوازي عدد الذين يسقطون صرعى في المدارس والجامعات وميادين المدن الاميركية: بقاتل اميركي ليس مسلماً وبقتلى ليسوا مسلمين, وبسلاح لم يصنعه المسلمون!
نعم هناك هاربون من الحياة ممن دخلوا دار الارهاب, وهاربون من قبول العمل في بلدهم.. لانه ليس «وظيفة»! وهناك من يجلدون نظامهم وبلدهم كل يوم لانه لا يقدم لهم حياة مواطن دبي وابوظبي والكويت دون فهم لطبيعة اختلاف ظروف الاردن عن ظروف البلدان الشقيقة او البلدان الاسكندنافية.. فالكدح هو قدرنا لنصل الى الحياة الكريمة اما الجلوس وراء المكتب الحكومي وقراءة الصحف وطلب القهوة والشاي فهو ما ندّعي اننا نحاربه.. وهو بكل مسمياته: الفساد!(الراي)