نحتفظ بحق الرد
يسري غباشنة
جو 24 : في كل مرة تقصف إسرائيل منشأة عسكرية أو أمنية في البلاد العربية، يتسابق الناطق الإعلامي للحكومة أو أحد الوزراء ليطل علينا معلنا الجملة الشهيرة التي تميزنا بها من دون خلق الله تعالى جميعهم: نحتفظ بحقّ الرّدّ على الاعتداء الغاشم، وسنرد في الزمان والمكان المناسبين. ويترافق هذا طبعا مع ما عهدناه من شجب واستنكار وإدانة، مع الدعوة إلى ضبط النفس من أجل عدم جرّنا إلى مصيدة أو شَرَك قد بيتته لنا إسرائيل.
ليس موضوع الحديث مدى مصداقية ردّة الفعل تلك ولا جديتها، فقد خبرناها عقودا من السنين؛ لقد أصبحت لازمة شعرية لموشح ذلّ وقصيدة هوان مخزّنة في ذاكرة الشعوب العربية. ولكن السؤال الذي يتراقص أمام أعيننا هو عن مدى جدوى وفائدة المليارات التي تُصرف على التّسلّح والتّسليح الحربي، والذي يستنزف الحصة الكبرى من ميزانيات الدول العربية، على حساب الحدّ الأدنى من العيش الكريم للمواطن. فإذا كانت الرّادارات، والتي يُفترض أن تكشف طائرات الأعادي المغيرة، هي أول من تُقصف، فما فائدتها إذن. ومثال ذلك قصف موقع للرادار السوري في البقاع اللبناني. وقس على ذلك قصف المفاعل النووي العراقي، و( سيران) الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق القصر الرئاسي في سوريا، وأخيرا قصف مجمع اليرموك للتصنيع الحربي في السودان الذي هدّد أيضا كـ( ربعه) بالاحتفاظ بحق الرّدّ؛ والأخوة في السودان ينتقلون من مجاعة إلى جفاف إلى حروب أهلية، إلى ملحمة دارفور، وانفصال الجنوب بدولة حوت أكثر من 85% من نفط السودان.
قُصف المجمع، وأدينت العملية بأشد عبارات التنديد؛ عبارة قصفت مفاعل ديمونا، وأخرى دمّرت موقعا عسكريا حساسا، وعبارة ثالثة جعلت الصهاينة يضربون أسباعا في أثمان وأتساع للرّدّ الذي يجهلون زمانه ومكانه.
وكأني بهذه الآفة قد تسربت إلى نفوس الشعوب العربية أيضا؛ نفد المداد، وجفّ الإنترنت، ونشف الريق، وانبرت الألسن، واحطوطبت الأحبال الصوتية وهي تصرخ مندّدة وشاجبة ومستنكرة الأفعال المشينة للفاسدين من المحيط إلى الخليج، والتي أفقرت الشعوب، وباعت المقدرات، وتاجرت بالدينار والدرهم والليرة والجنيه والريال والتعريفة والبيسة دون شبع ولا ارتواء. وما يزال المواطن العربي يهدّد ويتوعد بأنه يحتفظ بحقّ الرد في الزمان والمكان المناسبين.
المواطن يتهدّد والفاسدون يتمددون على الأرائك ساخرين. المواطن يتوعّد والمارقون يتسيدون المناصب هازئين. المواطن يتحفّظ ومن كانوا حفاة انتعلوا، ومن كانوا عراة اكتسوا.
في كل مرة يريد فيها العربي وضع النقاط على الحروف، يكتشف بعد لأي وجهد أنه قد أضاع النقاط والنقط؛ وبقيت الحروف غير منقوطة، والأحرف غير مشكولة.
ولا يزال الفساد يضرب في خواصرنا ألما وغصة وحرقة. ولا نزال نحتفظ بحقّ الرّدّ.
ليس موضوع الحديث مدى مصداقية ردّة الفعل تلك ولا جديتها، فقد خبرناها عقودا من السنين؛ لقد أصبحت لازمة شعرية لموشح ذلّ وقصيدة هوان مخزّنة في ذاكرة الشعوب العربية. ولكن السؤال الذي يتراقص أمام أعيننا هو عن مدى جدوى وفائدة المليارات التي تُصرف على التّسلّح والتّسليح الحربي، والذي يستنزف الحصة الكبرى من ميزانيات الدول العربية، على حساب الحدّ الأدنى من العيش الكريم للمواطن. فإذا كانت الرّادارات، والتي يُفترض أن تكشف طائرات الأعادي المغيرة، هي أول من تُقصف، فما فائدتها إذن. ومثال ذلك قصف موقع للرادار السوري في البقاع اللبناني. وقس على ذلك قصف المفاعل النووي العراقي، و( سيران) الطائرات الحربية الإسرائيلية فوق القصر الرئاسي في سوريا، وأخيرا قصف مجمع اليرموك للتصنيع الحربي في السودان الذي هدّد أيضا كـ( ربعه) بالاحتفاظ بحق الرّدّ؛ والأخوة في السودان ينتقلون من مجاعة إلى جفاف إلى حروب أهلية، إلى ملحمة دارفور، وانفصال الجنوب بدولة حوت أكثر من 85% من نفط السودان.
قُصف المجمع، وأدينت العملية بأشد عبارات التنديد؛ عبارة قصفت مفاعل ديمونا، وأخرى دمّرت موقعا عسكريا حساسا، وعبارة ثالثة جعلت الصهاينة يضربون أسباعا في أثمان وأتساع للرّدّ الذي يجهلون زمانه ومكانه.
وكأني بهذه الآفة قد تسربت إلى نفوس الشعوب العربية أيضا؛ نفد المداد، وجفّ الإنترنت، ونشف الريق، وانبرت الألسن، واحطوطبت الأحبال الصوتية وهي تصرخ مندّدة وشاجبة ومستنكرة الأفعال المشينة للفاسدين من المحيط إلى الخليج، والتي أفقرت الشعوب، وباعت المقدرات، وتاجرت بالدينار والدرهم والليرة والجنيه والريال والتعريفة والبيسة دون شبع ولا ارتواء. وما يزال المواطن العربي يهدّد ويتوعد بأنه يحتفظ بحقّ الرد في الزمان والمكان المناسبين.
المواطن يتهدّد والفاسدون يتمددون على الأرائك ساخرين. المواطن يتوعّد والمارقون يتسيدون المناصب هازئين. المواطن يتحفّظ ومن كانوا حفاة انتعلوا، ومن كانوا عراة اكتسوا.
في كل مرة يريد فيها العربي وضع النقاط على الحروف، يكتشف بعد لأي وجهد أنه قد أضاع النقاط والنقط؛ وبقيت الحروف غير منقوطة، والأحرف غير مشكولة.
ولا يزال الفساد يضرب في خواصرنا ألما وغصة وحرقة. ولا نزال نحتفظ بحقّ الرّدّ.