العين الحمرة
يبدو أن كثيرا من المسؤولين فاشلون في إدارة وزاراتهم السياسية منها والاقتصادية والخدمية، وينسحب هذا على الإدارات والمديريات التابعة في مختلف المحافظات والألوية؛ ولا أدلّ على ذلك من الاستجابة إلى مطالب المواطنين بعد أن يواجهوا فيما بات يُعرف بالعين الحمرة؛ فما إن يقوم المواطنون باعتصام أو حرق إطارات في الطرق العامة، أو أي مظهر آخر من مظاهر الرفض حتى يبادر المسؤول من تلبية مطلبهم، هكذا بكل بساطة. مثل هذه الإجراءات الترقيعية والعشوائية في اتخاذ القرارات المتأخرة ذات آثار سلبية كثيرة، منها أن المسؤول الفاشل عبء على الوطن والمواطن معا، وهو؛الفاشل، السبب الرئيس في استفزاز المواطن وإخراجه من بيته متظاهرا أو معتصما أو محتجا. إنه يقول بملء شدقيه: تظاهروا، اعتصموا، اخرجوا بمسيرات كي ألبي طلباتكم وحوائجكم. إنه يعترف ضمنا بفشله وبأنه لا يستوعب إلا عندما يرى العين الحمراء.
يقول الشهيد أخو عليا؛ وصفي التل رحمه الله تعالى: الخيانة والغباء يتساويان. والمواطن البسيط وقع بين فكين؛ الأول خائن والآخر غبي، بل هناك من جمع الخيانة والغباء معا، وأمثال هؤلاء هم الذين أوصلونا إلى الاستجداء على أبواب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وما تبع ذلك مما لا يخفى على أحد من مديونية وبيع مقدرات البلد بالخصخصة واللصلصة التي قام عليها خونة استحلوا المحرمات، وتنافسوا فيما بينهم بالموبقات.
وما الغباء ببعيد عن الفشل والفاشلين من مسؤولين لا يتناسب حجمهم مع حجم الكرسي الذي يشغلونه؛ فإذا اعتصم المواطنون احتجاجا على عدم إيصال المياه إلى منازلهم مثلا، تجد الحلول الفورية، والاستجابة المباشرة تقريبا؛ إنها العين الحمرة. على الرغم من أن هذا الأسلوب في الحل ذو آثار خطيرة مستقبلا وآنيا؛ إنه أسلوب سيربط بين فئتين: الأولى حانقة غاضبة محبطة، والأخرى فاشلة أو غبية. وبذلك ستتوالى مظاهر الاحتجاج حتى تصبح نهجا للتعامل بين المسؤول والمواطن. أضف إلى أن هذه التربية المجتمعية ستفرز نمطا قوامه الصوت العالي والعضلات ولي الأذرع في تحقيق المطالب. وبذلك سنبتدع حوار ونقاش( الشلاليط )الذي لن يسبقنا إليه أحد. وبأن حصولك على حقك كمواطن يستند إلى أن الدنيا لن تؤخذ إلا غلابا. وبأن المنطق سلعة لا سوق لها في نمط تفكير مثل هؤلاء المسؤولين.
أيها المعنيون، إننا مقبلون على صيف لاهب، وقد نستقبل موجات تهجير أخرى لا قدّر الله تعالى. فهل وزارة الري مثلا ممثلة بإداراتها ومديرياتها استعدت مسبقا حتى لا تقع أزمة مياه شرب في المملكة؟ هل سيأخذ المعنيون هذا الأمر بعين الاهتمام في المملكة عموما ومحافظات الشمال خصوصا ممن تستقبل المهجرين من الأخوة السوريين، والعائذين بنا، بعد الله، من القتل والتشريد؟ هل أعدوا العدة لاستقبال أبنائنا المغتربين وعوائلهم؟ هل من ضمن تفكيرهم وحساباتهم أعداد السائحين الذين سيأتون إلى التصييف في الأردن بعد أن أغلقت السوق السياحية في بعض دول الجوار، وتراجعت أخرى أمنيا؟ لقد وهبنا المولى تعالى موسما مطريا رائعا بحمده وفضله علينا، فهل استغللتم كمية الأمطار التي نزلت أو بعضا منها؟
أم ستعودون إلى استفزاز المواطنين ككل صيف مضى؟
أن يقوم المسؤول بما يملي عليه واجبه ومنصبه وكرسيه وضميره، أفضل بكثير له وللبلد من ليّ ذراعه، أو أن يُرى العين الحمرة؛إنه نمط تفكير فاشل، فالتزموا غيره.