تطوير القطاع العام!
لطالما تذمر وزراء ومدراء من ملاحظات المدير التنفيذي لمركز الملك عبد الله الثاني للتميز التي تضمنها في العادة تقريرا سنويا يصدر عن المركز يكشف عيبوبا كثيرة لكنه يضع الإخفاق الإداري تحت عدسة مكبرة.
مثل هذه الإنتقادات للأداء الحكومي كانت بإستمرار تسترعي إنتباه جلالة الملك ويأخذها رؤساء الوزراء حجة على الوزراء وبدورهم ينالون بها من كبار المدراء والأمناء العامين وهكذا , يغرق الجميع في دوامة تبادل الملامة الى ان ينفض السامر , لتأت سنة جديدة بذات الملاحظات دون أن يتغير شيء على الأرض.
ياسرة غوشة المدير التنفيذي للمركز أصبحت اليوم وزيرة لتطوير القطاع العام , وستكتشف قريبا أن التنظير عن بعد هو غير الدخول في دهاليز اليات العمل الحكومي وهو غير الإقتراب من أعشاش البروقراطية والترهل وهي بالمناسبة ليست من صنع البشر موظفين كانوا أم مدراء بل هي مخبأة في دفاتر القوانين والأنظمة والتعليمات التي لا يستطيع الموظف ولا المدير تجاوزها ولا تجاهلها تحت طائلة المسؤولية.
كنا ننتقد الأداء الحكومي في إنجاز المعاملات والخدمة وتضييع الفرص وإرهاق المواطن , فوجدنا أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أسرع منا الى رفع سقف النقد بوصفه إياه بـ»المترهل» البيروقراطي بإجراءاته المعقدة ، وقال انه «لا يقدم الخدمة المطلوبة للمواطنين».
طبعا هذه القناعة لا يمكن أن تترجم بإجراءات مضادة ليصبح الجهاز الحكومي مرنا سريعا خلال شهور , لكن يكفي أن يتم وضع القواعد للبناء عليها مستقبلا , لفك شيفرة الترهل وحلحلة عقدة البيروقراطية وهي العقدة التي حبكتها سنوات من تراكم التعليمات والأنظمة والقوانين الإدارية الساكنة والجامدة.
رأيت موظفا غاضبا يكاد ينفجر لأنه لم يستطع إتمام معاملة صحيحة فقط لأن التعليمات والأنظمة والقوانين لا تسمح له بذلك , ورأيت موظفا مرتاحا كثيرا لأن ذات القوانين والأنظمة سمحت له برفض معاملة لا يريد تمريرها.
تضمن اخر تقرير للمركز ملاحظة رأت أن معالجة نقاط الضعف كما وردت في التقرير لم تجد ذات الحماسة من بعض الوزراء والموظفين كبارهم قبل صغارهم.. ياسرة غوشة في عين العاصفة الإدارية اليوم وزيرة لتطوير القطاع العام.. ماذا تستطيع أن تفعل.
qadmaniisam@yahoo.com
الراي