لماذا لم ينتصر العرب ؟
أسعد العزوني
جو 24 : نحن كثيرون ومتجذرون في أرضنا العربية من الماء إلى الماء ، وعندنا إحساس بالنخوة والكرامة ، ونحن أصحاب حق واضح ، وهم شرذمة قليلون ، كانوا ولا يزالون منبوذين في بلدانهم الأصلية ، وجاؤوا إلى فلسطين بقرار أممي مشفوع بقبول إقليمي ، وكانوا يأتوننا زرافات ، وأسست عصاباتهم المحمية - من قبل بريطانيا التي كانت أول من ذاق طعم إرهابهم – لهم كيانا عنصريا سجل إنتصارات متتالية ومتوالية على جيوشنا العربية الرسمية ، لكن جيشهم ومستدمريهم ذاقوا الأمرين في المواجهات مع المقاومة ، إلى درجة أن قائد الهجوم الإسرائيلي على جنوب لبنان عام 1974 بعث لقيادته في تل أبيب بعد مواجهات العرقوب مع المقاومة الفلسطينية ، وقف إطلاق النار مؤكدا في برقيته "إنهم يطلعون علينا كالقرود من بين أوراق الشجر ومن تحت الصخور"!!!
كما أن مستدمريهم في الأغوار كانوا قبل مؤامرة عام 1982 يغادرون مستدمراتهم عصرا ، ويعودون إليها صباح اليوم التالي خوفا من العمليات الفدائية ، في حين أن بعضهم كان يقضي ليله في الملاجيء طيلة الليل خوفا على حياته ، والسؤال الملح هنا هو : لماذا كانت المقاومة تحقق نصرا مؤزرا في المواجهات ، بينما تمنى الجيوش العربية الرسمية بالهزائم وتخسر الأراضي ؟ حتى أن نصر حرب عام 1973 تحول في نهاية المطاف إلى هزيمة منكرة ما نزال نعاني من آثارها حتى اليوم!!!!
لا يتسع المقام هنا لسرد الواقع المرير ، فأول المواجهات العسكرية مع عصابات الصهاينة عام 1948 قادها البريطاني كلوب باشا الذي كان يقود الجيش الأردني ، مع أن الجيش الأردني إستطاع بقيادة البطل عبد الله التل تحقيق إنتصارات يزهو بها التاريخ ، وأجبر قائد عصابة الهاجاناة الإرهابية في القدس القديمة موشيه روزنيك على الإستسلام وفق وثيقة إستسلام رسمية ، نصت على أن يهود القدس القديمة يرغبون بالإستسلام وفق الشروط الآتية وهي: إلقاء السلاح وتسليمه للجيش الأردني بقيادة عبد الله التل ، وأخذ جميع المحاربين من الرجال كأسرى حرب ، والسماح للشيوخ والأطفال والمصابين بالخروج إلى القدس الجديدة بواسطة الصليب الأحمر ، وأن الفريق الأول "الأردني " يتعهد بحماية أرواح جميع اليهود المستسلمين ، وأن يتسلم الجيش العربي الأردني الأحياء اليهودية في القدس القديمة ، جرى التوقيع عليها في 28 من شهر أيار عام 1948 ، ما أزعج كلوب باشا بطبيعة الحال ، وطلب من الأمير عبد الله الأول آنذاك ، أن يضع حدا لتصرفات التل ، لكن الأمير عبد الله الأول ترك الأمور على حالها ، ولم يرضخ لضغوط كلوب باشا ومنعه من التوجه إلى أرض المعارك هناك .
لم يكن حال الجيوش العربية المشاركة في جيش الإنقاذ أفضل - وعموما فإن تلك البذرة التآمرية أينعت هذه الأيام ثمارا صهيونية ، بدليل أن قادة مستدمرة إسرائيل باتوا يصرحون علنا ، أنهم يقيمون علاقات سرية دافئة مع دول عربية معتدلة ، وان القضية الفلسطينية لم تعد مثار إهتمام هذه الدول!!!- فهناك نوري السعيد في العراق والملك فاروق في مصر ، وكانت دمشق قد طردت القائد عبد القادر الحسيني دون ان تعطيه قطعة سلاح واحدة .
وحتى نكون منصفين ، فإن الجرثومة السامة التي عانت منها الجيوش الرسمية العربية المهزومة ، إنتقلت بكامل لياقتها السمية إلى المقاومة ، وقضت عليها ، وبالتالي لم يعد لدينا مقاومة عربية بمعنى الكلمة ، ما أوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه ، وتحولت المقاومة إلى شبه جيش مهمته حفظ أمن مستدمرة إسرائيل!!!! ولا أستثني احدا.
لا أضع اللوم على جيوشنا العربية المجردة ، ولا أنتقص من قدرها ومكانتها وإمكانياتها ، فهذه الجيوش مشهود لها وفي المقدمة الجيش العربي في الأردن ، والجيش العراقي سابقا وكذلك الجيش المصري والجيش السوري ، لكن المشكلة تكمن في ان هذه الجيوش ، محكومة بقرار سياسي يمنعها من ممارسة دورها القومي الذي أسست لأجله ، وبالتالي تم تحويلها من محتواها وأنيط بها القيام بالإحتفالات الوطنية والإستعراضات الشكلية فقط ، وجرى أيضا تفريغها من العقيدة القتالية الصحيحة والتسليح اللازم للمواجهة ، إلى درجة أنه بات يقال عن المواجهات مع مستدمرة إسرائيل ، بأنها حروب ممسرحة متفق عليها سلفا وتصنف على أنها عمليات "سلم وإستلم".
لم يقم القائمون على هذاه الجيوش بتعليم جيوشهم العقيدة العسكرية الصحيحة والإستراتيجية القائمة على كيفية" تحقيق الإنتصار "، لأن الهدف من وراء وجود هذه الجيوش ليس تحقيق النصر على مستدمرة إسرائيل ، بل حمايتها والحفاظ على امنها وعلى عروش الحكام فقط ، وهذا يعني أن قادة الجيوش العربية لم يقوموا بتثقيف جيوشهم بالثقافة القتالية ، ما جعلها جيوشا غير مثقفة بمثل هذه الثقافة الضرورية.
وللإنصاف فإن هناك نماذج من الجيوش العربية تمردت على قرارات الإنسحاب في المواجهات مع جيش مستدمرة إسرائيل ، وسجل عدد من ضباط الجيش الأردني في مواجهة حزيران 1967 ، إنتصارات فردية مشهود لها ، ويتقدمهم الضابط صالح شويعر في معارك وادي التفاح في منطقة نابلس ، وكذلك آخرون في مواجهات أسوار القدس والزبابدة في جنين .
يروى في إحدى أساطير التوراة أن الراعي اليهودي ديفيد "داوود" قتل جالوت العملاق ، لأن داوود كانت لديه ثقافة القتال والرغبة الملحة في تحقيق النصر بعكس جالوت ، وهذا هو حال العصابات الصهيوينة والجيوش العربية التي كانت مسلحة بثقافة الإنسحاب والهزيمة ، بينما كانت العصابات الصهيوينة مدججة بسلاح الإنتقام وتحقيق النصر المضمون والمكفول!!!!!!!
لو أن دول الطوق العربية المحيطة بفلسطين ، غضت الطرف وسمحت لأبناء المخيمات الفلسطينية وللفقراء من هذه الدول ، بإقتحام مستدمرة إسرائيل دون أن تسلحهم وتزودهم بشيء ، فإنهم سيحدثون تغييرا إستراتيجيا ، وسيكون تسليحهم من المستدمرات ذاتها القريبة من الحدود.
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فإنه لزاما علينا كشف المستور فيما يتعلق بالضباط العرب الذين يلتحقون بدورات عسكرية تدريبية في الخارج ، إذ يعود بعضهم وقد تم تجنيدهم للعمل لصالح أجندة الدولة التي دربتهم ، وليس سرا القول أن الموساد الإسرائيلي كان له نصيب من الكعكة .
روى لي صديق موثوق كان على علاقة بضابط سوري كبير ، إنتهى به المطاف بعد عودته من دورة تدريبية في بريطانيا ، ورفض عروض المخابرات البريطانية أن يكون من ضمن عملائها في لجيش السوري ، إلى مسؤول كراج الكتيبة التي يداوم فيها ، وقد أخبروه أن زميله آنذاك حافظ "......" وبقية أفراد المجموعة وافقوا ، وبالتالي أصبحوا قادة مرموقين في الجيش السوي ، وترقى حافظ إلى وزير للدفاع ومن ثم رئيسا للدولة ، ولم تسجل سوريا أي إنتصار في عهده.
هناك قضية أخرى يجب التطرق إليها رغم فوات الأوان ، وهي أنه كان يتوجب على الدول العربية الغنية ، أن تقوم بتسليح دول الطوق العربية وتوفير غطاء جوي لها يحميها من الهجمات الجوية الإسرائيلية ، هذا في حال صدقت النوايا في الإنتماء .
كما أن مستدمريهم في الأغوار كانوا قبل مؤامرة عام 1982 يغادرون مستدمراتهم عصرا ، ويعودون إليها صباح اليوم التالي خوفا من العمليات الفدائية ، في حين أن بعضهم كان يقضي ليله في الملاجيء طيلة الليل خوفا على حياته ، والسؤال الملح هنا هو : لماذا كانت المقاومة تحقق نصرا مؤزرا في المواجهات ، بينما تمنى الجيوش العربية الرسمية بالهزائم وتخسر الأراضي ؟ حتى أن نصر حرب عام 1973 تحول في نهاية المطاف إلى هزيمة منكرة ما نزال نعاني من آثارها حتى اليوم!!!!
لا يتسع المقام هنا لسرد الواقع المرير ، فأول المواجهات العسكرية مع عصابات الصهاينة عام 1948 قادها البريطاني كلوب باشا الذي كان يقود الجيش الأردني ، مع أن الجيش الأردني إستطاع بقيادة البطل عبد الله التل تحقيق إنتصارات يزهو بها التاريخ ، وأجبر قائد عصابة الهاجاناة الإرهابية في القدس القديمة موشيه روزنيك على الإستسلام وفق وثيقة إستسلام رسمية ، نصت على أن يهود القدس القديمة يرغبون بالإستسلام وفق الشروط الآتية وهي: إلقاء السلاح وتسليمه للجيش الأردني بقيادة عبد الله التل ، وأخذ جميع المحاربين من الرجال كأسرى حرب ، والسماح للشيوخ والأطفال والمصابين بالخروج إلى القدس الجديدة بواسطة الصليب الأحمر ، وأن الفريق الأول "الأردني " يتعهد بحماية أرواح جميع اليهود المستسلمين ، وأن يتسلم الجيش العربي الأردني الأحياء اليهودية في القدس القديمة ، جرى التوقيع عليها في 28 من شهر أيار عام 1948 ، ما أزعج كلوب باشا بطبيعة الحال ، وطلب من الأمير عبد الله الأول آنذاك ، أن يضع حدا لتصرفات التل ، لكن الأمير عبد الله الأول ترك الأمور على حالها ، ولم يرضخ لضغوط كلوب باشا ومنعه من التوجه إلى أرض المعارك هناك .
لم يكن حال الجيوش العربية المشاركة في جيش الإنقاذ أفضل - وعموما فإن تلك البذرة التآمرية أينعت هذه الأيام ثمارا صهيونية ، بدليل أن قادة مستدمرة إسرائيل باتوا يصرحون علنا ، أنهم يقيمون علاقات سرية دافئة مع دول عربية معتدلة ، وان القضية الفلسطينية لم تعد مثار إهتمام هذه الدول!!!- فهناك نوري السعيد في العراق والملك فاروق في مصر ، وكانت دمشق قد طردت القائد عبد القادر الحسيني دون ان تعطيه قطعة سلاح واحدة .
وحتى نكون منصفين ، فإن الجرثومة السامة التي عانت منها الجيوش الرسمية العربية المهزومة ، إنتقلت بكامل لياقتها السمية إلى المقاومة ، وقضت عليها ، وبالتالي لم يعد لدينا مقاومة عربية بمعنى الكلمة ، ما أوصلنا إلى ما نحن فيه وعليه ، وتحولت المقاومة إلى شبه جيش مهمته حفظ أمن مستدمرة إسرائيل!!!! ولا أستثني احدا.
لا أضع اللوم على جيوشنا العربية المجردة ، ولا أنتقص من قدرها ومكانتها وإمكانياتها ، فهذه الجيوش مشهود لها وفي المقدمة الجيش العربي في الأردن ، والجيش العراقي سابقا وكذلك الجيش المصري والجيش السوري ، لكن المشكلة تكمن في ان هذه الجيوش ، محكومة بقرار سياسي يمنعها من ممارسة دورها القومي الذي أسست لأجله ، وبالتالي تم تحويلها من محتواها وأنيط بها القيام بالإحتفالات الوطنية والإستعراضات الشكلية فقط ، وجرى أيضا تفريغها من العقيدة القتالية الصحيحة والتسليح اللازم للمواجهة ، إلى درجة أنه بات يقال عن المواجهات مع مستدمرة إسرائيل ، بأنها حروب ممسرحة متفق عليها سلفا وتصنف على أنها عمليات "سلم وإستلم".
لم يقم القائمون على هذاه الجيوش بتعليم جيوشهم العقيدة العسكرية الصحيحة والإستراتيجية القائمة على كيفية" تحقيق الإنتصار "، لأن الهدف من وراء وجود هذه الجيوش ليس تحقيق النصر على مستدمرة إسرائيل ، بل حمايتها والحفاظ على امنها وعلى عروش الحكام فقط ، وهذا يعني أن قادة الجيوش العربية لم يقوموا بتثقيف جيوشهم بالثقافة القتالية ، ما جعلها جيوشا غير مثقفة بمثل هذه الثقافة الضرورية.
وللإنصاف فإن هناك نماذج من الجيوش العربية تمردت على قرارات الإنسحاب في المواجهات مع جيش مستدمرة إسرائيل ، وسجل عدد من ضباط الجيش الأردني في مواجهة حزيران 1967 ، إنتصارات فردية مشهود لها ، ويتقدمهم الضابط صالح شويعر في معارك وادي التفاح في منطقة نابلس ، وكذلك آخرون في مواجهات أسوار القدس والزبابدة في جنين .
يروى في إحدى أساطير التوراة أن الراعي اليهودي ديفيد "داوود" قتل جالوت العملاق ، لأن داوود كانت لديه ثقافة القتال والرغبة الملحة في تحقيق النصر بعكس جالوت ، وهذا هو حال العصابات الصهيوينة والجيوش العربية التي كانت مسلحة بثقافة الإنسحاب والهزيمة ، بينما كانت العصابات الصهيوينة مدججة بسلاح الإنتقام وتحقيق النصر المضمون والمكفول!!!!!!!
لو أن دول الطوق العربية المحيطة بفلسطين ، غضت الطرف وسمحت لأبناء المخيمات الفلسطينية وللفقراء من هذه الدول ، بإقتحام مستدمرة إسرائيل دون أن تسلحهم وتزودهم بشيء ، فإنهم سيحدثون تغييرا إستراتيجيا ، وسيكون تسليحهم من المستدمرات ذاتها القريبة من الحدود.
ولأن الشيء بالشيء يذكر ، فإنه لزاما علينا كشف المستور فيما يتعلق بالضباط العرب الذين يلتحقون بدورات عسكرية تدريبية في الخارج ، إذ يعود بعضهم وقد تم تجنيدهم للعمل لصالح أجندة الدولة التي دربتهم ، وليس سرا القول أن الموساد الإسرائيلي كان له نصيب من الكعكة .
روى لي صديق موثوق كان على علاقة بضابط سوري كبير ، إنتهى به المطاف بعد عودته من دورة تدريبية في بريطانيا ، ورفض عروض المخابرات البريطانية أن يكون من ضمن عملائها في لجيش السوري ، إلى مسؤول كراج الكتيبة التي يداوم فيها ، وقد أخبروه أن زميله آنذاك حافظ "......" وبقية أفراد المجموعة وافقوا ، وبالتالي أصبحوا قادة مرموقين في الجيش السوي ، وترقى حافظ إلى وزير للدفاع ومن ثم رئيسا للدولة ، ولم تسجل سوريا أي إنتصار في عهده.
هناك قضية أخرى يجب التطرق إليها رغم فوات الأوان ، وهي أنه كان يتوجب على الدول العربية الغنية ، أن تقوم بتسليح دول الطوق العربية وتوفير غطاء جوي لها يحميها من الهجمات الجوية الإسرائيلية ، هذا في حال صدقت النوايا في الإنتماء .