الانتخابات النيابية مخرجات جديدة أم إعادة إنتاج للمشهد!!
زيد محمد النوايسة
جو 24 :
لا حديث في الشارع الأردني الا عن الانتخابات النيابية المنوي عقدها في العشرين من شهر أيلول، والتي ستجري بقانون القائمة النسبية المفتوحة التي اقرها البرلمان المنحل في شهر حزيران الماضي. القانون الذي يراهن عليه العقل السياسي في الدولة الأردنية كخطوة في طريق الإصلاح السياسي والتي يرى من "شرع" ذلك القانون أنه قد يؤسس لنموذج أردني في الديمقراطية البرلمانية يراعي الخصوصية الأردنية وطبيعة نظام الحكم فيه؛ وينهي حالة الجدل والخلاف التي سادت المشهد الانتخابي في الأردن منذ ان أقدمت حكومة الدكتور عبد السلام المجالي على إقرار قانون الصوت الواحد وألغت قانون الانتخاب الذي يعتمد على التصويت الكامل لعدد المترشحين بغض النظر عن القوائم والذي جرت على أساسه انتخابات عام 1989؛ ذلك القانون الذي ما زال الناخب الأردني يعتبره القانون الأفضل بالرغم من الملاحظات العديدة عليه ولعل أهمها هو إمكانيات استئثار تيار سياسي معين على المقاعد النيابية او جزء كبير منها وبالتالي يفرض رؤيته ومشروعه السياسي على الدولة بكل أطيافها السياسية والفكرية وبطبيعة الحال النسيج الاجتماعي وتنوعه، دون أن ننسى أن الظرف السياسي في تلك المرحلة وبعد مؤتمر مدريد في أيلول سنة 1991 لم يكن ليسمح بوجود مناكفات ليست الدولة بوارد تحملها فكلفتها على التيار السياسي وتحديداً الإسلاميين كانت حينها بسيطة ولكن على الدولة باهظة.
انتظر الأردنيين ثلاثة وعشرين عاماً حتى تقدم الدولة قانوناً يخرجهم من دائرة الفرز على أساس العشيرة ودون أن يكون للمال السياسي أي تأثير أو على الأقل الحد من قدرته التأثيرية ولكن يبدو أن المؤشرات الأولية توحي بغير ذلك؛ ولعل المضحك حد السخرية أن أكثر من تواجههم صعوبات في فهم القانون وشرحه لقواعدهم هم ذاتهم النواب الذين اقروا القانون في المجلس المنحل وهللوا له باعتباره انجازاً عتيداً سيظل الأردنيين يلهجون بالدعاء لهم شاكرين ممتنين، ولعل قراءة سريعة للقانون تؤكد لنا ذلك بدءاً من صعوبات تشكيل القوائم التي تتضمن حالة القلق لدى المرشح القوي من المرشح الضعيف او قواعده وهي بطبيعة الحال في معظمها عشائرية لجهة التصويت أو ما يسمى التشطيب داخل القوائم بمعنى ان المرشح الذي يملك قاعده قليلة سيطلب من قواعده التصويت له فقط حتى ينال فرصة ولو على حساب نسبة البواقي الأقل من واحد صحيح (المقعد) دون أن نغفل أن عدم وجود رأس يتزعم القائمة وفي ضوء إصرار الهيئة المستقلة للانتخاب على أن يكون الترتيب للأسماء حسب الأحرف الهجائية ضمن القائمة المشكلة سيخلق فرق في النتيجة وخاصة بالنسبة لفئة الاميين وكبار السن الذين غالبا ما يصوتوا للشخص الأول والثاني أو للقائمة فقط، والقلق الذي يساور المرشح الذي يعتقد ان فرصه قليلة وانه مجرد رافعه أو "كومبارس" عددي لا أكثر ولا أقل، وبالمقابل فأن التزام المتحالفين داخل القائمة وتعاهدهم على التصويت لكل الافراد ضمن القائمة يعني بالمحصلة ان القيمة التصويتية هي "صفر" لأن الجميع سيأخذ نفس الصوت وبالتالي نفس الوزن لن يحدث فرق ويكون الرهان هنا على فروق بسيطة جداً ويتحول التصويت هنا لتصويت داخلي بين أعضاء القائمة حتى يستفيد أحدهم من النسبة العامة للقائمة في صيغة أقرب ما تكون لقانون الدوائر الوهمية عام 2010 حيث كانت المنافسة بين أعضاء الدائرة الوهمية وهي هنا بين أعضاء القائمة النسبية.
ويبدو أن هناك مشكلة حقيقة في تشكيل القوائم على مستوى المملكة دون أدنى شك ومعظم خبراء الانتخابات بما فيهم النواب المخضرمين غير قادرين على تحقيق الفوز بأكثر من مقعد الا بالاعتماد على مقاعد الكوتا سواء للمكون المسيحي او الشركسي بالإضافة لمقعد المرأة في غير دوائر العاصمة والزرقاء وأربد والتي من المتوقع ان تكون المنافسة فيها للإسلاميين على اختلاف تسمياتهم ومرجعياتهم.
أغلب الظن أن النتائج الاجتماعية للانتخابات بعد العشرين من أيلول هي الأخطر وخاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على التجمعات والتحالفات العشائرية إذ سيكتشف الجميع ان حسابات البيدر لم تطابق حسابات الحقل وان حجم عدم الالتزام داخل القائمة والفروقات في الأصوات كبير مما يطلق مرحلة الاتهامات والتشكيك.
يقول العارفون بالانتخابات أن الدوائر الانتخابية التي لا يتجاوز عدد النواب فيها 4-5 أو أقل كالعقبة مثلاً من المستحيل ان تحقق فيها القائمة مهما كانت أكثر من نائب اذ يتطلب الامر تجاوز نسبة 40-50% من عدد المقترعين بالدائرة وربما تزداد الفرص في الدوائر الكبرى ولكن من المستحيل ان تتجاوز مقعدين للنواب من غير الكوتا أحدهما أساسي والأخر على البواقي.
ربما كان هذا القانون مناسب لو جرت الانتخابات على أسس حزبية مع وجود عتبه أو نسبة معينة من يتجاوزها يدخل في المنافسة، وبغير ذلك أعتقد وبعض الاعتقاد جائز في الانتخابات؛ أن التشكيك سيكون هو سيد الموقف، ويبدو أن القناعة تزداد يوماً بعد الأخر أننا امام إعادة لإنتاج قانون الصوت الواحد وتحديدا قانون حكومة السيد سمير الرفاعي سنة 2010 أو قانون الدوائر الوهمية بل ان قانون الدوائر الوهمية اخرج المترشح من دائرة القلق من مخاطر عدم الالتزام كونه يتنافس مع مرشحين ضمن الدائرة وليس ضمن القائمة نفسها.
أتمنى ان تكون الأمور على غير ما يتوقع الناس؛ وأن يساهم القانون بتقديم منتج برلماني جديد ومختلف يعيد الثقة بالمجلس؛ فالصورة التي تكرست عن مجالس النواب خلال ربع قرن من الحياة السياسية في الأردن ليست مشجعه، بل انها تركت انطباعاً لدى الغالبية العظمى بأن استمرار الحياة النيابية بهذه الصورة لا جدوى ولا فائدة مرجوه منه، إلا اذا اعتبرنا أننا مضطرين لصنع زعامات جديدة كل اربع سنوات مهمتها تحسين أوضاعها أولاً واخيراً بالإضافة لمهرجانات الشتائم والتشكيك والاستعراضات وتعزيز حالة العداء بين مكونات المجتمع وخصوصاً العشائر والعائلات، ولعل الأمل بأن يكون خروجنا هذه المرة من دائرة البيات السنوي الذي يستمر أربع سنوات بحجم طموحنا ببرلمان قوي وفاعل وبحجم التطلعات وقادر على أن يعبر عن هموم الناس وأحلامهم لا أن يكون مجرد إعادة إنتاج لذات التركيبة المعتادة!!
انتظر الأردنيين ثلاثة وعشرين عاماً حتى تقدم الدولة قانوناً يخرجهم من دائرة الفرز على أساس العشيرة ودون أن يكون للمال السياسي أي تأثير أو على الأقل الحد من قدرته التأثيرية ولكن يبدو أن المؤشرات الأولية توحي بغير ذلك؛ ولعل المضحك حد السخرية أن أكثر من تواجههم صعوبات في فهم القانون وشرحه لقواعدهم هم ذاتهم النواب الذين اقروا القانون في المجلس المنحل وهللوا له باعتباره انجازاً عتيداً سيظل الأردنيين يلهجون بالدعاء لهم شاكرين ممتنين، ولعل قراءة سريعة للقانون تؤكد لنا ذلك بدءاً من صعوبات تشكيل القوائم التي تتضمن حالة القلق لدى المرشح القوي من المرشح الضعيف او قواعده وهي بطبيعة الحال في معظمها عشائرية لجهة التصويت أو ما يسمى التشطيب داخل القوائم بمعنى ان المرشح الذي يملك قاعده قليلة سيطلب من قواعده التصويت له فقط حتى ينال فرصة ولو على حساب نسبة البواقي الأقل من واحد صحيح (المقعد) دون أن نغفل أن عدم وجود رأس يتزعم القائمة وفي ضوء إصرار الهيئة المستقلة للانتخاب على أن يكون الترتيب للأسماء حسب الأحرف الهجائية ضمن القائمة المشكلة سيخلق فرق في النتيجة وخاصة بالنسبة لفئة الاميين وكبار السن الذين غالبا ما يصوتوا للشخص الأول والثاني أو للقائمة فقط، والقلق الذي يساور المرشح الذي يعتقد ان فرصه قليلة وانه مجرد رافعه أو "كومبارس" عددي لا أكثر ولا أقل، وبالمقابل فأن التزام المتحالفين داخل القائمة وتعاهدهم على التصويت لكل الافراد ضمن القائمة يعني بالمحصلة ان القيمة التصويتية هي "صفر" لأن الجميع سيأخذ نفس الصوت وبالتالي نفس الوزن لن يحدث فرق ويكون الرهان هنا على فروق بسيطة جداً ويتحول التصويت هنا لتصويت داخلي بين أعضاء القائمة حتى يستفيد أحدهم من النسبة العامة للقائمة في صيغة أقرب ما تكون لقانون الدوائر الوهمية عام 2010 حيث كانت المنافسة بين أعضاء الدائرة الوهمية وهي هنا بين أعضاء القائمة النسبية.
ويبدو أن هناك مشكلة حقيقة في تشكيل القوائم على مستوى المملكة دون أدنى شك ومعظم خبراء الانتخابات بما فيهم النواب المخضرمين غير قادرين على تحقيق الفوز بأكثر من مقعد الا بالاعتماد على مقاعد الكوتا سواء للمكون المسيحي او الشركسي بالإضافة لمقعد المرأة في غير دوائر العاصمة والزرقاء وأربد والتي من المتوقع ان تكون المنافسة فيها للإسلاميين على اختلاف تسمياتهم ومرجعياتهم.
أغلب الظن أن النتائج الاجتماعية للانتخابات بعد العشرين من أيلول هي الأخطر وخاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على التجمعات والتحالفات العشائرية إذ سيكتشف الجميع ان حسابات البيدر لم تطابق حسابات الحقل وان حجم عدم الالتزام داخل القائمة والفروقات في الأصوات كبير مما يطلق مرحلة الاتهامات والتشكيك.
يقول العارفون بالانتخابات أن الدوائر الانتخابية التي لا يتجاوز عدد النواب فيها 4-5 أو أقل كالعقبة مثلاً من المستحيل ان تحقق فيها القائمة مهما كانت أكثر من نائب اذ يتطلب الامر تجاوز نسبة 40-50% من عدد المقترعين بالدائرة وربما تزداد الفرص في الدوائر الكبرى ولكن من المستحيل ان تتجاوز مقعدين للنواب من غير الكوتا أحدهما أساسي والأخر على البواقي.
ربما كان هذا القانون مناسب لو جرت الانتخابات على أسس حزبية مع وجود عتبه أو نسبة معينة من يتجاوزها يدخل في المنافسة، وبغير ذلك أعتقد وبعض الاعتقاد جائز في الانتخابات؛ أن التشكيك سيكون هو سيد الموقف، ويبدو أن القناعة تزداد يوماً بعد الأخر أننا امام إعادة لإنتاج قانون الصوت الواحد وتحديدا قانون حكومة السيد سمير الرفاعي سنة 2010 أو قانون الدوائر الوهمية بل ان قانون الدوائر الوهمية اخرج المترشح من دائرة القلق من مخاطر عدم الالتزام كونه يتنافس مع مرشحين ضمن الدائرة وليس ضمن القائمة نفسها.
أتمنى ان تكون الأمور على غير ما يتوقع الناس؛ وأن يساهم القانون بتقديم منتج برلماني جديد ومختلف يعيد الثقة بالمجلس؛ فالصورة التي تكرست عن مجالس النواب خلال ربع قرن من الحياة السياسية في الأردن ليست مشجعه، بل انها تركت انطباعاً لدى الغالبية العظمى بأن استمرار الحياة النيابية بهذه الصورة لا جدوى ولا فائدة مرجوه منه، إلا اذا اعتبرنا أننا مضطرين لصنع زعامات جديدة كل اربع سنوات مهمتها تحسين أوضاعها أولاً واخيراً بالإضافة لمهرجانات الشتائم والتشكيك والاستعراضات وتعزيز حالة العداء بين مكونات المجتمع وخصوصاً العشائر والعائلات، ولعل الأمل بأن يكون خروجنا هذه المرة من دائرة البيات السنوي الذي يستمر أربع سنوات بحجم طموحنا ببرلمان قوي وفاعل وبحجم التطلعات وقادر على أن يعبر عن هموم الناس وأحلامهم لا أن يكون مجرد إعادة إنتاج لذات التركيبة المعتادة!!