استفراد غزّة!
نخطىء اذا اعتقدنا ان الاجواء العسكرية المشحونة التي تخلقها اسرائيل حول غزة، هي مجرد ترهيب لحماس وبقية الفصائل المسلحة فالشحن جدي وغزة مستهدفة والايام الفاصلة عن نقطة البداية هي استكمال للشحن في عواصم الغرب التي لم تتردد.. في تأييد الجريمة القادمة!!
واسرائيل قبل كل شيء وبعد كل شيء لها اهدافا غير ضرب المنظمات الفلسطينية واهدافها تصل مصر، وتصل ليبيا، وتصل تونس.. وهي تمس لبنان والاردن في الصميم!! فليس من السهل على الذين اتهموا الانظمة السابقة بالخنوع لليهود ايام العدوان الاخير «الرصاص المسكوب» .. ان يعيدوا الموقف الخانع هذه المرة باسم الاسلام الحاكم!! والاعتداء على نظام اسلامي في غزة!!
لقد نبّه عدد من خبراء الجندية والاستراتيجية في مصر وعلى الفضائيات اياها، الى ان مصر لا تستطيع تقديم ما هو اكثر من العمل السياسي الدبلوماسي.. ونبهوا الى خطورة التصور بان مصر مستعدة للدفاع عسكريا عن غزة!! لان مصر بالظروف الراهنة ليست في الوضع الذي يسمح لها بدخول معركة، او حتى باغضاب واشنطن، او البنك الدولي، وكذلك ما الذي يمكن ان يفعله اسلاميو ليبيا وتونس والمغرب؟ وهل يستطيع حزب الله ان يفعل شيئا وحماس انحازت الى اعداء النظام السوري؟
عام 1967 نجح نظام المتشنجين البعثيين في سوريا في استدراج جمال عبدالناصر الى دخول حرب حزيران، وهو غير مستعد للحرب، ونصف جيشه في اليمن، ووجد الاردن والعراق والعرب جميعا انه لا خيار لهم في قبول استفراد مصر، فكانت الكارثة التي اسميناها النكسة.
لا يملك شجعان غزة غير الوقوف المشرف في وجه العدوان بما في أيديهم من السلاح، ولا يطلب احد من شجعان غزة ان يطأطئوا رؤوسهم في مواجهة الغطرسة الصهيونية، لكن حسابات المعركة تجعلنا نعظّم من التضحيات، ونقلل من الخسائر، واذا كانت القاهرة تنشط الان سياسيا ودبلوماسيا، فلا مانع من تصليب الموقف الفلسطيني بالعودة الى الاتفاقات بين المتمترسين في غزة، والمتمترسين في الضفة الفلسطينية، واقامة وحدة فلسطينية داخل الارض المحتلة وفي الشتات!!
صمود في غزة وفي الضفة، صمود عربي فهذا اساس العمل الدبلوماسي والسياسي.