بشرى سارة.. عيد بلا مخالفات
هي بشرى سارة حقا , مخالفات السير ستدخل في عطلة مثلها مثل عموم الموظفين في البلاد , وقد تستغلها بأن تحجز مقعدا على أول طائرة مغادرة الى شرم الشيخ أو سواحل الريفيرا التركية , للإستجمام , والراحة , فقد تعبت لكثرة ما أتبعتنا واستنزفت جيوبا , هي قررت أن تبقى في جيوبنا على بعض المال من حظ الأطفال في العيد , ومن أجل أقلام الرصاص ودفاتر المدارس , وهي فرصة لبحبوحة مؤقتة قبل أن تعود بعد العطلة جائعة تستأنف إلتهام النقود والأعصاب .
الخبر يقول إن إدارة السير المركزية قررت البدء بتخفيف المخالفات على المواطنين حتى نهاية العيد وهذا اعتراف بكثرتها وإلا ما القصد من تخفيفها إن لم تكن كثيرة والسبب هو مراعاة ظروف المواطنين قبل حلول عيد الاضحى وبالتزامن مع افتتاح المدارس ولإعطاء الفرصة للمواطنين للتسوق.
ما سبق ليس من بنات أفكار الكاتب بل هو تصريح رسمي نشر أمس على نطاق واسع وصدر عن إدارة السير المركزية وهو إقرار بأن مخصصات مخالفات السير التي يقتطعها المواطن باتت مثلها مثل مخصصات أية سلعة في سلة الإستهلاك , فهو يتحوط لها كما يتحوط لشراء وقود التدفئة ودجاج الغذاء والأرز وهكذا .
اليوم سينام المواطن مرتاحا من غير هموم وتحسب لمخالفة تسقط من هنا أو هناك لتستقر تحت مساحة السيارة ، فالمخالفات لن تشمل الاصطفاف المزدوج .
كنا نقول في وقت سابق أن ثمة دورية ورجل سير لكل عشرة كيلومترات أما اليوم فقد أصبحت واحدة لكل بضعة أمتار غير الدوريات الواقفة والسيارة و الراجلة والسرية .
أن توقفك دورية أو رجل سير فهذا يعني أن المخالفة حاصلة , فهي موجودة والبحث عنها في قائمة المخالفات لا يعجز من يقصدها , وقد كان ذلك يحدث عندما تقع المخالفة لكنها اليوم قد تحدث لسبب ومن دون سبب , ولا ننادي هنا بوقف المخالفات , فمن يرتكب مخالفة , لا بد أن يكون جزاؤه أن يخالف , لكن توقيف السيارات على الطرق على طريقة اليانصيب ليست الا تصيدا وهو ما لا يمكن أن يكرس سياسة الردع إنما يكرس الغضب والكره للحالة التي يفترض أن تلقى كل التعاون لأن في غاياتها حماية السائقين من أنفسهم وحمايتهم من المتهورين والعابثين , والتوعية والتثقيف والارشاد هو الغاية قبل العقوبة , أليس كذلك .
هذا سيحتاج لاعادة نظر من جانب دائرة السير في أسلوب تحقيق أهدافها ومضامين الشعار الجديد الذي أطلقته مؤخرا , فاذا كان كل هذا التشدد لم يصنع شيئا حيال الحوادث المتكررة والمتزايدة وبذات الأسباب , فبالتأكيد هناك خطأ سيحتاج الى وقفة .
قيمة إيرادات مخالفات السير السنوية تبلغ نحو 30 مليون دينار، وهي تقديرات متواضعة بالنظر الى واقع الحال, وهي ما يفترض بها أن تنفق في تحسين الطرق والأرصفة وهي مهمة أمانة عمان التي يعود لها ريع هذه المخالفات , وهو ما لا يسير بصورة مقبولة حتى اللحظة ..
نحترم ونقدر ونشجع للأمن العام دوره , فالأمن العام الذي يخطب شراكة المواطنين في بسط الأمن سيحتاج لتحقيق هذا الهدف الى تجاوز فكرة تقديم العقوبة على التوعية والارشاد .
تكثيف دوريات السير أكثر مما يلزم فيه ضغط على ميزانية الدولة وعلى المواطن في ظل ظروف إقتصادية صعبة , خصوصا إن كانت النتائج لا تؤتي أكلها كما هو واضح من إحصائيات حوادث السير .