في السقوف العالية
لميس أندوني
جو 24 : من المهم تحليل أسباب انحسار عدد المشاركين في المسيرات الاحتجاجية، مرفقاً بانخفاض سقف الشعارات، بشيء من الموضوعية من قبل الجهات الرسمية و الحراك الشعبي والمعارضة بشكل عام.
يجب أن لا تعتقد الجهات الرسمية، أن الاعتقالات ، وتحويل الموقوفين إلى محكمة أمن الدولة، تمثل حلاً حقيقياً، حتى لو نجحت الحلول الأمنية في تخويف الناس من الخروج إلى الشارع، وحتى في تخفيض سقف الشعارات.
فمثل هذه الأساليب، لها تأثير قصير الأمد، خاصة أن الأزمة السياسية، خاصة الأبعاد الاقتصادية مرشحة للتفاعل والتفاقم، لغياب حلول جذرية، لأنها تزيد من فقدان الثقة بين فئات واسعة من الشعب وأجهزة الدولة ومؤسساتها.
أية نية حقيقية تبدأ بإجراءات لبناء هذه الثقة، والحلول الأمنية ، ستزيد من التأزيم بل وخلق أجواء غضب ، حتى لو كان مكبوتاً بسبب الخوف والتخويف، فالاعتقالات و توجيه تهم كبيرة للمتظاهرين "كالتحريض على تقويض النظام" ، تهدم أية مصداقية لأية عملية إصلاحية، فالإصلاح إن كان جاداً يبدأ بإشاعة أجواء من الحرية وليس دفنها.
على الحراك الشعبي، أيضاً مراجعة نفسه، ليس بهدف التراجع، بل لأهمية ومركزية دوره ، ولأنه وبشجاعة وتصميم، أسبوعاً بعد أسبوع، أعطى صوتاً كان مفقوداً للمطالب الشعبية، فأية خطوات ولو بسيطة تحققت في الأردن، فالفضل الأول يعود إلى الحراك وشبابه وشاباته.
وعليه التفكير ملياً بما يعنيه عدم تجاوب أوساط واسعة مع شعارات محددة تتجاوز إصلاح النظام، خاصة أن مسيرات ليلة 13-11 ،جذبت وجوها وفئات، لم تخرج في مظاهرات قبل ذلك،رداً على إعلان رئيس الوزراء رفع الدعم الحكومي عن بعض المشتقات البترولية ، وبما يعنيه ذلك من رفع الأسعار واتساع المعاناة الشعبية.
تلك الليلة كانت فرصة ذهبية، لتنظيم حملة مستمرة لحماية المصالح الشعبية خاصة أنه إلى الجانب المنظم ، من الاحتجاجات فقد صاحبها خروج عفوي إلى الشارع لم يكن له علاقة بالحراك ولا الأحزاب.
لكن الشعارات المرتفعة السقف أبعدت الكثيرين ، فآثروا الانسحاب أو عدم المشاركة أصلاً، ليس فقط خوفاً من الاعتقال ، لكن لعدم تأييد مثل هذه الشعارات لأسباب عدة منها القلق على استقرار البلاد، والدخول في دوامة الفوضى.
فالحراك، لا يمكنه الاعتماد على الغضب والحماس، بل يجب أن يبقى على تماس مع المزاج الشعبي، فمن الخطأ أن يصب النشطاء غضبهم على الناس لعدم تجاوبهم الكافي، فالمناضل من أجل الحريات والعدالة يجب أن يكون مدفوعاً بالحب لمن يدافع عنه، وطويل النَّفَس.
كما يجب على الجهات الرسمية، أن تفهم أن ارتفاع الشعارات، بشكل غير مسبوق بحيث يتجاوز المطالبة بإصلاح النظام، هو نتيجة لتجاهل بل الضرب عرض الحائط المطالب الشعبية بل والسعي المتعمد إلى إغلاق الأبواب والنوافذ أمام حلول تخفف على الفئات الشعبية من التبعات الاقتصادية واللجوء إلى إجراءات تضرب أغلب الناس في مستواها المعيشي أو حتى في معيشتها.
عدا عن أن الشعارات يجب أن تُسمَع وتُفهَم على أنها صرخة صاخبة جداً، تهدف إلى خرق جدران التجاهل والصمت الرسمي تجاه مطالب الحراك، خاصة أن معظمها، وإن لم تكن جميعها، تمثل طموحات أوسع تتعدى أوساط الحراك.
إن التركيز على إظهار الحراك أنه مجموعة من الخارجين على القانون سواء في بعض التصريحات، أو من خلال الاعتقالات، مرفوض وليس فيه أية حكمة، إضافة إلى أن الترهيب من الحراك، لن يحل أزمة الناس المعيشية ، عندما تصل موجة الغلاء إلى حدودها العليا في الأشهر المقبلة.
أخيراً؛ فإن تجريم الحراك، يبعدنا عن الحلول الحقيقية، لأن الحل الأمني، ناعما كان أم خشناً، يحمل خطر إغلاق أفق الحل السياسي، وهنا يكمن الخطر الأساسي.
(العرب اليوم)
يجب أن لا تعتقد الجهات الرسمية، أن الاعتقالات ، وتحويل الموقوفين إلى محكمة أمن الدولة، تمثل حلاً حقيقياً، حتى لو نجحت الحلول الأمنية في تخويف الناس من الخروج إلى الشارع، وحتى في تخفيض سقف الشعارات.
فمثل هذه الأساليب، لها تأثير قصير الأمد، خاصة أن الأزمة السياسية، خاصة الأبعاد الاقتصادية مرشحة للتفاعل والتفاقم، لغياب حلول جذرية، لأنها تزيد من فقدان الثقة بين فئات واسعة من الشعب وأجهزة الدولة ومؤسساتها.
أية نية حقيقية تبدأ بإجراءات لبناء هذه الثقة، والحلول الأمنية ، ستزيد من التأزيم بل وخلق أجواء غضب ، حتى لو كان مكبوتاً بسبب الخوف والتخويف، فالاعتقالات و توجيه تهم كبيرة للمتظاهرين "كالتحريض على تقويض النظام" ، تهدم أية مصداقية لأية عملية إصلاحية، فالإصلاح إن كان جاداً يبدأ بإشاعة أجواء من الحرية وليس دفنها.
على الحراك الشعبي، أيضاً مراجعة نفسه، ليس بهدف التراجع، بل لأهمية ومركزية دوره ، ولأنه وبشجاعة وتصميم، أسبوعاً بعد أسبوع، أعطى صوتاً كان مفقوداً للمطالب الشعبية، فأية خطوات ولو بسيطة تحققت في الأردن، فالفضل الأول يعود إلى الحراك وشبابه وشاباته.
وعليه التفكير ملياً بما يعنيه عدم تجاوب أوساط واسعة مع شعارات محددة تتجاوز إصلاح النظام، خاصة أن مسيرات ليلة 13-11 ،جذبت وجوها وفئات، لم تخرج في مظاهرات قبل ذلك،رداً على إعلان رئيس الوزراء رفع الدعم الحكومي عن بعض المشتقات البترولية ، وبما يعنيه ذلك من رفع الأسعار واتساع المعاناة الشعبية.
تلك الليلة كانت فرصة ذهبية، لتنظيم حملة مستمرة لحماية المصالح الشعبية خاصة أنه إلى الجانب المنظم ، من الاحتجاجات فقد صاحبها خروج عفوي إلى الشارع لم يكن له علاقة بالحراك ولا الأحزاب.
لكن الشعارات المرتفعة السقف أبعدت الكثيرين ، فآثروا الانسحاب أو عدم المشاركة أصلاً، ليس فقط خوفاً من الاعتقال ، لكن لعدم تأييد مثل هذه الشعارات لأسباب عدة منها القلق على استقرار البلاد، والدخول في دوامة الفوضى.
فالحراك، لا يمكنه الاعتماد على الغضب والحماس، بل يجب أن يبقى على تماس مع المزاج الشعبي، فمن الخطأ أن يصب النشطاء غضبهم على الناس لعدم تجاوبهم الكافي، فالمناضل من أجل الحريات والعدالة يجب أن يكون مدفوعاً بالحب لمن يدافع عنه، وطويل النَّفَس.
كما يجب على الجهات الرسمية، أن تفهم أن ارتفاع الشعارات، بشكل غير مسبوق بحيث يتجاوز المطالبة بإصلاح النظام، هو نتيجة لتجاهل بل الضرب عرض الحائط المطالب الشعبية بل والسعي المتعمد إلى إغلاق الأبواب والنوافذ أمام حلول تخفف على الفئات الشعبية من التبعات الاقتصادية واللجوء إلى إجراءات تضرب أغلب الناس في مستواها المعيشي أو حتى في معيشتها.
عدا عن أن الشعارات يجب أن تُسمَع وتُفهَم على أنها صرخة صاخبة جداً، تهدف إلى خرق جدران التجاهل والصمت الرسمي تجاه مطالب الحراك، خاصة أن معظمها، وإن لم تكن جميعها، تمثل طموحات أوسع تتعدى أوساط الحراك.
إن التركيز على إظهار الحراك أنه مجموعة من الخارجين على القانون سواء في بعض التصريحات، أو من خلال الاعتقالات، مرفوض وليس فيه أية حكمة، إضافة إلى أن الترهيب من الحراك، لن يحل أزمة الناس المعيشية ، عندما تصل موجة الغلاء إلى حدودها العليا في الأشهر المقبلة.
أخيراً؛ فإن تجريم الحراك، يبعدنا عن الحلول الحقيقية، لأن الحل الأمني، ناعما كان أم خشناً، يحمل خطر إغلاق أفق الحل السياسي، وهنا يكمن الخطر الأساسي.
(العرب اليوم)