دستور الإخوان ؟
لميس أندوني
جو 24 : حالة الاستقطاب والمواجهة المستمرة في مصر ، تطرح أسئلة تحتاج وقفة صادقة مع النفس من جميع الأطراف، عن حقيقة الصراع الدائر وأهدافه.
فمن ناحية على الإخوان المسلمين، أن يفهموا ويتفهموا أن عقوداً من دعوتهم إلى إنشاء الدولة الإسلامية، ومحاولتهم في حالات مشاركاتهم بحكومات أو برلمانات ( في الأردن والأهم في السودان مثالاً) ، لفرض قوانين تنتقص من الحريات الاجتماعية،وحتى السياسية (في السودان) زرعت بذور الشك في نواياهم من الوصول إلى سدة الحكم.
وبالتالي من الضرورة أن يتذكروا أنهم ليسوا وحدهم على الساحة، و لا يستطيعون فرض أجندتهم، حتى وإن وصلوا الحكم من خلال الانتخابات ، مهما كانت نزيهة أو عادلة، وعليهم أن يتوقعوا مقاومة الفئات الأخرى وأن لا يقللوا من أهميتها، فهويتهم الدينية كإسلام سياسي، لا تجعلهم الممثل الأوحد للمسلمين، حتى المتدينين، لأنهم حركة سياسية دينية لها رؤيتها الخاصة لتطبيق الشريعة والحكم الإسلامي ، ولها مصالحها التي لا تتعلق بالإسلام بل بطموحها السياسي، بل والسلطوي.
من ناحية أخرى فإن على القوى الأخرى أن تقرر وبصراحة، هل الصراع هو من أجل الديمقراطية وضد الاستبداد؟ أم ردة فعل على فوز الإخوان والخوف من أن يسيطر الإسلاميون على العالم العربي من خلال صناديق الاقتراع؟
المخاوف نفسها مشروعة، ولكن هل كان سيكون هناك تحالف عريض، مثلما الذي نشهده في ميدان التحرير، لو كان حزب يدعي العلمانية، حتى اليسارية أو الليبرالية في الحكم، ولجأ إلى تحصين قرارات الرئيس المنتخب خوفاً من انقلاب محكمة دستورية، يعتبرها من مخلفات النظام السابق على نتائج الانتخابات؟
يجب الاعتراف ، أن هناك تمترسا أيديولوجيا من الطرفين، عنوانه أن تكون مع أو ضد الإخوان، وأن بعض الأطراف لم تكن لتعترض لو كان الإعلان الدستوري صادراً عن جهة تؤيدها، وأن هناك من يوافق ويؤيد الإخوان على أي قرار، إيماناً بأن العقيدة الإسلامية، تجعلهم في موقع الحق من دون تساؤل أو شك.
لذا فإن احتمال تطور المواجهة إلى صدام، يزداد كل يوم، علماً بأن هناك مجاميع رفضت النزول إلى الشارع، خوفا من الفوضى والعنف، بغض النظر عن موقفها، وتتمنى أن ترى حواراً وحلاً توافقيا، وبين المثقفين ترى إعجاباً بموقف الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح، الذي رفض الإعلان و الاستفتاء على دستور غير توافقي، لكنه لا يؤيد الاستقطاب المتعمق.
التمترس يهدد بإلغاء فكرة الحوار خاصة مع بروز لغة الشتائم والاحتقار البشعة بين الطرفين، من وصف استعلائي لمناصري الإخوان بأنهم " خرفان" و" الجهلة" ووصف المعارضين "بالفلول " "والكفار"، بدلاً من التركيز حول الجدل حول معنى الإعلان الدستوري نفسه وبنود مسودة الدستور .
أعترف أنني لست محايدة، وإن كنت أتفهم مخاوف الإخوان وأنصارهم، لكن كيف يمكن الاقتناع بمسودة دستورية، أولاً غير توافقية، وثانياً تحوي بنوداً كثيرة يمكن أن تؤدي إلى فرض الدولة الدينية والى استئثار السلطات؟
فالمسودة تنصب الرئيس حكماً بين السلطات، وذلك ينفي مبدأ فصل السلطات، عدا أن جميع البنود التي تحافظ على الحريات، يفسدها إضافة إلى كل منها جملة " وفقاً لما ينظمه القانون" ، خاصة وأن المسودة تنص أن الدولة "راعية للأخلاق" بما يسمح لها استصدار قوانين وفقاً لتفسيرها للشريعة الإسلامية ، قد تهدد الحريات نفسها التي يتكفل الدستور بحمايتها.
من السذاجة أن يتوقع المرء الصدق في السياسة، لذا تبقى الأشياء الملموسة، مثل بنود مسودة الدستور هي الحكم ـ فإذا كان الهدف هو فرض دستور الإخوان، فمن حق الفئات الواسعة الأخرى المعارضة والمقاومة، لكن التحشيد على فكرة العداء للإخوان ينسف الأسس الأخلاقية والقيمية والسياسة لرؤية بناء المجتمع الديمقراطي التعددي، وحتى مبدأ العدالة الاجتماعية.
الصراع في مصر يمثل تحدياً لجميع القوى الشعبية في العالم العربي، أولها الإخوان ولكن ليس آخرها الإخوان، فنحن في لحظة تفكير جدي، للتفكير الجدي بالمجتمع والنظام السياسي الذي نريد .
(العرب اليوم)
فمن ناحية على الإخوان المسلمين، أن يفهموا ويتفهموا أن عقوداً من دعوتهم إلى إنشاء الدولة الإسلامية، ومحاولتهم في حالات مشاركاتهم بحكومات أو برلمانات ( في الأردن والأهم في السودان مثالاً) ، لفرض قوانين تنتقص من الحريات الاجتماعية،وحتى السياسية (في السودان) زرعت بذور الشك في نواياهم من الوصول إلى سدة الحكم.
وبالتالي من الضرورة أن يتذكروا أنهم ليسوا وحدهم على الساحة، و لا يستطيعون فرض أجندتهم، حتى وإن وصلوا الحكم من خلال الانتخابات ، مهما كانت نزيهة أو عادلة، وعليهم أن يتوقعوا مقاومة الفئات الأخرى وأن لا يقللوا من أهميتها، فهويتهم الدينية كإسلام سياسي، لا تجعلهم الممثل الأوحد للمسلمين، حتى المتدينين، لأنهم حركة سياسية دينية لها رؤيتها الخاصة لتطبيق الشريعة والحكم الإسلامي ، ولها مصالحها التي لا تتعلق بالإسلام بل بطموحها السياسي، بل والسلطوي.
من ناحية أخرى فإن على القوى الأخرى أن تقرر وبصراحة، هل الصراع هو من أجل الديمقراطية وضد الاستبداد؟ أم ردة فعل على فوز الإخوان والخوف من أن يسيطر الإسلاميون على العالم العربي من خلال صناديق الاقتراع؟
المخاوف نفسها مشروعة، ولكن هل كان سيكون هناك تحالف عريض، مثلما الذي نشهده في ميدان التحرير، لو كان حزب يدعي العلمانية، حتى اليسارية أو الليبرالية في الحكم، ولجأ إلى تحصين قرارات الرئيس المنتخب خوفاً من انقلاب محكمة دستورية، يعتبرها من مخلفات النظام السابق على نتائج الانتخابات؟
يجب الاعتراف ، أن هناك تمترسا أيديولوجيا من الطرفين، عنوانه أن تكون مع أو ضد الإخوان، وأن بعض الأطراف لم تكن لتعترض لو كان الإعلان الدستوري صادراً عن جهة تؤيدها، وأن هناك من يوافق ويؤيد الإخوان على أي قرار، إيماناً بأن العقيدة الإسلامية، تجعلهم في موقع الحق من دون تساؤل أو شك.
لذا فإن احتمال تطور المواجهة إلى صدام، يزداد كل يوم، علماً بأن هناك مجاميع رفضت النزول إلى الشارع، خوفا من الفوضى والعنف، بغض النظر عن موقفها، وتتمنى أن ترى حواراً وحلاً توافقيا، وبين المثقفين ترى إعجاباً بموقف الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح، الذي رفض الإعلان و الاستفتاء على دستور غير توافقي، لكنه لا يؤيد الاستقطاب المتعمق.
التمترس يهدد بإلغاء فكرة الحوار خاصة مع بروز لغة الشتائم والاحتقار البشعة بين الطرفين، من وصف استعلائي لمناصري الإخوان بأنهم " خرفان" و" الجهلة" ووصف المعارضين "بالفلول " "والكفار"، بدلاً من التركيز حول الجدل حول معنى الإعلان الدستوري نفسه وبنود مسودة الدستور .
أعترف أنني لست محايدة، وإن كنت أتفهم مخاوف الإخوان وأنصارهم، لكن كيف يمكن الاقتناع بمسودة دستورية، أولاً غير توافقية، وثانياً تحوي بنوداً كثيرة يمكن أن تؤدي إلى فرض الدولة الدينية والى استئثار السلطات؟
فالمسودة تنصب الرئيس حكماً بين السلطات، وذلك ينفي مبدأ فصل السلطات، عدا أن جميع البنود التي تحافظ على الحريات، يفسدها إضافة إلى كل منها جملة " وفقاً لما ينظمه القانون" ، خاصة وأن المسودة تنص أن الدولة "راعية للأخلاق" بما يسمح لها استصدار قوانين وفقاً لتفسيرها للشريعة الإسلامية ، قد تهدد الحريات نفسها التي يتكفل الدستور بحمايتها.
من السذاجة أن يتوقع المرء الصدق في السياسة، لذا تبقى الأشياء الملموسة، مثل بنود مسودة الدستور هي الحكم ـ فإذا كان الهدف هو فرض دستور الإخوان، فمن حق الفئات الواسعة الأخرى المعارضة والمقاومة، لكن التحشيد على فكرة العداء للإخوان ينسف الأسس الأخلاقية والقيمية والسياسة لرؤية بناء المجتمع الديمقراطي التعددي، وحتى مبدأ العدالة الاجتماعية.
الصراع في مصر يمثل تحدياً لجميع القوى الشعبية في العالم العربي، أولها الإخوان ولكن ليس آخرها الإخوان، فنحن في لحظة تفكير جدي، للتفكير الجدي بالمجتمع والنظام السياسي الذي نريد .
(العرب اليوم)