الموازنة ليست أرقاماً!
طارق مصاروة
جو 24 : أقف مدهوشاً أمام رقم 50ر7 مليار، وهو الرقم المتوقع لميزانية 2013، وهي الدهشة التي وقفت فيها عام 1980 حين صار في حسابي 45 ألف دينار دفعها المرحوم حسن التل مقابل حصتي في «الدستور» البالغة 10%، فأنا كان عقلي متوقفاً عند راتبي الأول عام 1959 في الإذاعة، البالغ 37 ديناراً بالتمام والكمال!!.
7500 مليون دينار مبلغ مهول، فآخر ما علق بذهني موازنة 1963 وضعتها حكومة وصفي التل قبل رحيلها، هو رقم 35 مليون دينار، ولما كان السياسيون التقليديون يكرهون وصفي، وكانوا لا يعرفون أن الموازنة هي عملية تمويل خطة عمل في عام واحد، فقد اشاعوا أن وصفي «خرّب» البلد، فكيف تبدأ حكومة موازنتها بعجز قيمته 5 ملايين دينار؟!.
ما علينا. وأي قيمة للدهشة في موازنة تقديرية لعام لم نصل إلى أوله، فالمهم أن نعرف أن موازنات تلك الأيام ساهمت في استنهاض الصناعة: صناعة الاسمنت، صناعة تكرير النفط، صناعة الدباغة، ووفرت للمواطن طريقاً معبداً من عمان إلى العقبة، وبنت الميناء والمدينة كما خططها سيد كريم المهندس العظيم.
كان الجهد المختلط العام والخاص يقيم الصناعات، وكانت الدولة تؤسس الاقراض الزراعي والإنماء الصناعي, وكانت تقيم البنية التحتية لدولة ناهضة يتعلم فيها الناس، ويخرجون إلى الحياة بتفاؤل وقوة وأمل. فكان المعلم الأردني يذهب إلى السعودية، إلى أقصى الجنوب من اجل خمسة وأربعين ديناراً!.
عام 1966 حين غادرت إلى ألمانيا، كان الأردني يغلي بالحياة، وحين عدت بعد ثلاث سنوات كنت اسأل نفسي: أهذا هو الأردن الذي اعرفه؟ لقد كانت روح هزيمة حزيران تفتك في الجسد الغض ولم اشهد التفاصيل إلا بعد أيلول 1970، فقد عدت بعد أن استرد الجيش عاصمته المخطوفة، واسترد حدوده التي غزاها الجيش السوري، وأعاد إلى الأردني يقينه بوطنه في وجه النفاق العربي الذي فرض الحصار على البلد الذي يطلبون منه ان يكون «هانوي العرب»!!
مهمة عبدالله النسور الآن هي إعادة وطن مختطف وإرساء عقلية الاعتماد على النفس في وجه شيوع حالة الوطن – الفندق، والبدء بتمويل صناعة النفط من الصخر الزيتي، وتمويل استثمار اليورانيوم، وإنشاء شركة فوسفات جديدة، وشركة بوتاس جديدة، وموانئ على العقبة!! وسكك حديد تصلنا بالعقبة والسعودية والعراق وسوريا .. ولننس قصص الـ B.O.T وكل الهلوسات الاقتصادية. فلماذا يقيم لك الأوروبي مصانع نفط من الصخر الزيتي إذا كان يشتري النفط الفائض في صحاري العالم؟!. ولماذا يقيم لك سكك حديد إذا كان يصنع الشاحنات ويبيعك إياها؟!. ولماذا؟ ولماذا؟.
كنا في الموازنة فوصلنا إلى الأردن!!.
(الراي )
7500 مليون دينار مبلغ مهول، فآخر ما علق بذهني موازنة 1963 وضعتها حكومة وصفي التل قبل رحيلها، هو رقم 35 مليون دينار، ولما كان السياسيون التقليديون يكرهون وصفي، وكانوا لا يعرفون أن الموازنة هي عملية تمويل خطة عمل في عام واحد، فقد اشاعوا أن وصفي «خرّب» البلد، فكيف تبدأ حكومة موازنتها بعجز قيمته 5 ملايين دينار؟!.
ما علينا. وأي قيمة للدهشة في موازنة تقديرية لعام لم نصل إلى أوله، فالمهم أن نعرف أن موازنات تلك الأيام ساهمت في استنهاض الصناعة: صناعة الاسمنت، صناعة تكرير النفط، صناعة الدباغة، ووفرت للمواطن طريقاً معبداً من عمان إلى العقبة، وبنت الميناء والمدينة كما خططها سيد كريم المهندس العظيم.
كان الجهد المختلط العام والخاص يقيم الصناعات، وكانت الدولة تؤسس الاقراض الزراعي والإنماء الصناعي, وكانت تقيم البنية التحتية لدولة ناهضة يتعلم فيها الناس، ويخرجون إلى الحياة بتفاؤل وقوة وأمل. فكان المعلم الأردني يذهب إلى السعودية، إلى أقصى الجنوب من اجل خمسة وأربعين ديناراً!.
عام 1966 حين غادرت إلى ألمانيا، كان الأردني يغلي بالحياة، وحين عدت بعد ثلاث سنوات كنت اسأل نفسي: أهذا هو الأردن الذي اعرفه؟ لقد كانت روح هزيمة حزيران تفتك في الجسد الغض ولم اشهد التفاصيل إلا بعد أيلول 1970، فقد عدت بعد أن استرد الجيش عاصمته المخطوفة، واسترد حدوده التي غزاها الجيش السوري، وأعاد إلى الأردني يقينه بوطنه في وجه النفاق العربي الذي فرض الحصار على البلد الذي يطلبون منه ان يكون «هانوي العرب»!!
مهمة عبدالله النسور الآن هي إعادة وطن مختطف وإرساء عقلية الاعتماد على النفس في وجه شيوع حالة الوطن – الفندق، والبدء بتمويل صناعة النفط من الصخر الزيتي، وتمويل استثمار اليورانيوم، وإنشاء شركة فوسفات جديدة، وشركة بوتاس جديدة، وموانئ على العقبة!! وسكك حديد تصلنا بالعقبة والسعودية والعراق وسوريا .. ولننس قصص الـ B.O.T وكل الهلوسات الاقتصادية. فلماذا يقيم لك الأوروبي مصانع نفط من الصخر الزيتي إذا كان يشتري النفط الفائض في صحاري العالم؟!. ولماذا يقيم لك سكك حديد إذا كان يصنع الشاحنات ويبيعك إياها؟!. ولماذا؟ ولماذا؟.
كنا في الموازنة فوصلنا إلى الأردن!!.
(الراي )