الشملة ..
يُعتبر الفطام من أهم المراحل التي يمرُّ بها الإنسان في تاريخ حياته ، وهي من القرارات الصعبة التي تتخذها الأم على الرغم من قسوتها ظاهريا ، فالطفل المفطوم حديثا لا ينامُ ولا يهدأ أبدا ، يفتقد حليب أمه والاهم تلك اللحظة التي تلتصق فيها أذنه بالاستماع والاستمتاع بإيقاع نبضات قلبها ، كموسيقى تتسلل إلى القلب وليس إلى الأذن ..!
ولعل أهم ما يُعيق سرعة الفطام هو حنان الأم التي يغلبها أمام سماع بكاء ابنها ، فتعود لتخرق هذا الفطام بين الفينة والأخرى مما يعيد الطفل إلى ساعة الصفر حيث يعود إلى البكاء كلما جاع أو كلما غالبه النعاس وكأن صوت دقات قلبها وهو مستلقي في حضنها ورأسه ملقى على صدرها هو هديل الحمائم التي تناغيه كي ينام، ولأنها أم ترضخ ، ولأنها أم أيضا ربما كانت هي بحاجة أكثر إلى من يشعرها بحاجتها إليه ... وماذا هناك أجمل من طفل يكون من رحمها يُشعرها بعظم حاجتهِ إليها كأم ...!
لدى الحيوانات يختلف الأمر ، ربما يعود ذلك إلى طريقة الرضاعة ، فصغار الحيوانات غالبا لا تحتضن أمها كما في الإنسان ، لذلك لا تجد الحيوانات تلك الصعوبة في فطام صغارها متى حان موعد ذلك ، أقول ربما ...!
في الحيوانات الداجنة والتي يربيها الناس في القرى ، لفطام صغار هذهِ الحيوانات ، هناك شيء يسمى " الشملة " وهي عبارة عن كيس من القماش مفتوح من جهة واحدة ، في نهاية كل طرف من الجهة المفتوحة هناك خيط ، توضع أثداء الماعز داخل هذا الكيس ويربط طرفا الخيط على ظهر الماعز ، يتناسب حجم هذا الكيس مع حجم ثدي الماعز، ويستخدم الفطام للاستفادة من حليب الماعز بحيث تستغل الماعز للحليب ويحرم صغارها ... أحيانا بعض النساء رهيفات القلوب ، بعد أن يقمن بحلب الماعز يتركن القليل من الحليب ويتركن الماعز بدون "شمله" ليتمكن صغار الماعز من رضاعة تلك " البواقي ".
الأوطان كالأم ، نحن نرضع منها ما يشد عظامنا ، والفاسدين الآن هم من يريدون إلباس الوطن "شملة" ليتمكنوا هم من حلبهِ كما يجب ... وربما يتركون لنا الفُتات ..أقول ربما ...!
"ها كيف لعاد"