ما عاد هذا الإنسان يحتمل
رنا شاور
جو 24 : رنا شاور
أعترف أنني في مرات أتهرب من ملاقاة بعض الناس، فمن خلال معرفتي بهم أيقن أنهم سيثقلونني شكوى وتذمرا من أوضاعهم حتى أصبحوا يقرأون القبح في معاني الجمال. الحقيقة أننا صرنا مثقلين بأنفسنا ولم يعد ثمة متسع للمزيد من الهموم، ويبدو لك أن المزاج العام لن يتغير، فهو مزاج لا مزاج فيه ، فقد صرنا مدمنين للشكوى والتذمر حتى أصبحا منهجاً حياتياً، كيف لا والأيام لا تمنحنا سوى مزيداً من القلق وتسرق في غفلة منّا أمننا النفسي والاقتصادي.
لكننا مضطرون إلى تغيير اللهجة.. للتوقف قليلاً كي نترك مجالاً للأمل.. لخلق حالة نفسية تعيد إلينا التفاؤل الذي تاه منا في الزحام.
أمامنا منغصات كثيرة، ومن يستيقظ صباحاً يحاول أن يتنفس سيتذكر أن كمّاً من الفواتير والأقساط بانتظاره لكن جيبه فارغ، وأن عملاً مرهقاً بانتظاره لكنه لا يفي بالتزاماته المادية، وأن هواتف الدائنين للمطالبة بنقودهم ستلحّ من جديد لكنه لا يملك إلا تحمّل المهانة.
تراكم المسؤوليات والمنغصات يرهق الفكر والبدن، وطلبات الأبناء لم تعد بسيطة كالسابق، وما كنا نحن عليه من سعادة ورضى بالقليل لا يجد طريقه إلى أبنائنا اليوم، مع ذلك لا بد من إفساح مجال للرضى قبل أن يصيب أرواحنا يباس لا أمل في علاجه. فالزوج يشكو زوجته ، والزوجة تتذمر من هذا الزوج والأبناء كما يقول المثل لا يعجبهم العجب. يتذمر الموظفون من المدير ومن بعضهم ، وليس المديرون بأحسن حالاً. يشكو الزبائن من الخدمات، والسائق منزعج من الطريق والمارة من السيارات والطالب من المعلم والمعلم من الإدارة.
نبحث عن الخطأ ونمر سريعين عن تفاصيل الفرح. في الغالب لا نقدر مابين أيدينا إلا حين يتبخر من بين أيدينا.
متحفزون على الأغلب وفي جعبتنا قاموس تهجمي يتغلب على القاموس التسامحي. من حقي أن أبدي قلقي وتذمري لكن دون أن أتعمد القفز عن الايجابيات.
نعم، ماعاد هذا الإنسان يحتمل، ماعادت محفزات كثيرة تستثير فيه الشعور بالسعادة.. صرنا نغضب من كلّ شيء ونحن أسوأ بكثير مما نعتقد. نستنكر ونتذمر وننتقد دون أن نتوقف لمعرفة السبب أو المساعدة بتقديم حلول وكأن على الآخرين أن يوفروا لنا السعادة على الأرض لأن دمنا أزرق وجلودنا سماوية!.
لا شيء سهل ولا شيء مؤكد ايها المثابرون في الأرض، ثمة متسع من الوقت للتفاؤل مهما توغلنا في صحارى العمر، فقط دعونا نتنفس الأكسجين وننسلّ خارجين من طابور الشكّائين: انهم يضعون العصي في دواليب الحياة ويخنقون الأمل.
الرأي
أعترف أنني في مرات أتهرب من ملاقاة بعض الناس، فمن خلال معرفتي بهم أيقن أنهم سيثقلونني شكوى وتذمرا من أوضاعهم حتى أصبحوا يقرأون القبح في معاني الجمال. الحقيقة أننا صرنا مثقلين بأنفسنا ولم يعد ثمة متسع للمزيد من الهموم، ويبدو لك أن المزاج العام لن يتغير، فهو مزاج لا مزاج فيه ، فقد صرنا مدمنين للشكوى والتذمر حتى أصبحا منهجاً حياتياً، كيف لا والأيام لا تمنحنا سوى مزيداً من القلق وتسرق في غفلة منّا أمننا النفسي والاقتصادي.
لكننا مضطرون إلى تغيير اللهجة.. للتوقف قليلاً كي نترك مجالاً للأمل.. لخلق حالة نفسية تعيد إلينا التفاؤل الذي تاه منا في الزحام.
أمامنا منغصات كثيرة، ومن يستيقظ صباحاً يحاول أن يتنفس سيتذكر أن كمّاً من الفواتير والأقساط بانتظاره لكن جيبه فارغ، وأن عملاً مرهقاً بانتظاره لكنه لا يفي بالتزاماته المادية، وأن هواتف الدائنين للمطالبة بنقودهم ستلحّ من جديد لكنه لا يملك إلا تحمّل المهانة.
تراكم المسؤوليات والمنغصات يرهق الفكر والبدن، وطلبات الأبناء لم تعد بسيطة كالسابق، وما كنا نحن عليه من سعادة ورضى بالقليل لا يجد طريقه إلى أبنائنا اليوم، مع ذلك لا بد من إفساح مجال للرضى قبل أن يصيب أرواحنا يباس لا أمل في علاجه. فالزوج يشكو زوجته ، والزوجة تتذمر من هذا الزوج والأبناء كما يقول المثل لا يعجبهم العجب. يتذمر الموظفون من المدير ومن بعضهم ، وليس المديرون بأحسن حالاً. يشكو الزبائن من الخدمات، والسائق منزعج من الطريق والمارة من السيارات والطالب من المعلم والمعلم من الإدارة.
نبحث عن الخطأ ونمر سريعين عن تفاصيل الفرح. في الغالب لا نقدر مابين أيدينا إلا حين يتبخر من بين أيدينا.
متحفزون على الأغلب وفي جعبتنا قاموس تهجمي يتغلب على القاموس التسامحي. من حقي أن أبدي قلقي وتذمري لكن دون أن أتعمد القفز عن الايجابيات.
نعم، ماعاد هذا الإنسان يحتمل، ماعادت محفزات كثيرة تستثير فيه الشعور بالسعادة.. صرنا نغضب من كلّ شيء ونحن أسوأ بكثير مما نعتقد. نستنكر ونتذمر وننتقد دون أن نتوقف لمعرفة السبب أو المساعدة بتقديم حلول وكأن على الآخرين أن يوفروا لنا السعادة على الأرض لأن دمنا أزرق وجلودنا سماوية!.
لا شيء سهل ولا شيء مؤكد ايها المثابرون في الأرض، ثمة متسع من الوقت للتفاؤل مهما توغلنا في صحارى العمر، فقط دعونا نتنفس الأكسجين وننسلّ خارجين من طابور الشكّائين: انهم يضعون العصي في دواليب الحياة ويخنقون الأمل.
الرأي