توقعات متداولة بعد رحيل الأسد
يطرح المتابعون للوضع في سوريا عدة سيناريوهات للمشهد السوري بعد رحيل الاسد ، خاصة بعد ما تواترت الانباء عن قرب هذا الحدث ، اما بإنجاز اتفاق على مرحلة انتقالية لا وجود للرئيس فيها ، او بحسم المعركة على الارض في دمشق وغيرها . ومن الملاحظ ان المخاوف من استخدام أسلحة كيماوية قد تراجعت وخف الحديث عنها في الدوائر السياسية والإعلامية في امريكا وأوروبا حتى ان اعلان الجيش الحر بان الاسد استخدم غازا ساما في حمص لم يلق ردود فعل تتناسب مع حجم التحذيرات التي كانت واشنطن وباريس ولندن وحتى موسكو قد أطلقتها قبل أسابيع .
زوبعة الاسلحة الكيماوية تدلل مرة اخرى بان سيناريوهات الرعب التي تنطلق من العواصم العالمية المعنية قد تكون بعيدة جداً عن حقائق الأوضاع على الارض . ويلاحظ انها تثار إعلاميا كلما حقق الجيش الحر انتصارات مهمة على النظام ، وان مبعث الخوف من هذه الجهات ليس حماية السوريين من الاسلحة الكيماوية انما طرح مسالة التدخل العسكري وحشد التبريرات له في المستقبل للتدخل في رسم مستقبل سوريا بعد ان اصبح جليا بان قادة الثورة يرفضون اي تدخل من هذا النوع بل ويعتبرونه محاولة أخيرة للسيطرة سياسيا وعسكريا على نظام ما بعد الاسد .
والتوقعات لا تقتصر على العواصم الاجنبية . ففي الاردن تتداول بعض الأوساط سيناريوهات محتملة في حالة سقوط الاسد مثل توقع ان تنجر سوريا الى حرب أهلية قد تدوم عامين وهناك من يتنبأ بان تستمر سنوات طويلة على غرار ما حدث في لبنان والعراق . وتصل مثل هذه التوقعات الى حد التخوف من ان يتسبب الوضع في سوريا الى تسلل مجموعات إرهابية الى الاردن . واذا كان المنطق والمسؤولية يفرضان التحسب امنيا لأي تطور من هذا النوع في حالة تحول الاراضي السورية الى منطقة جذب للجماعات المسلحة المتطرفة، ذات النزعة العابرة للحدود ، فان احتواء مثل هذه المخاوف والاخطار يكون اولا بالبحث عن حقائق الصراع ومعرفة حجم ووزن القوى المنخرطة فيه . ووضع الخطط الطارئة لمواجهة كل حالة ، واعتقد ان هذه المخاوف اقل حجما مما يتوقع الكثيرون واقل مما يتوقع المسؤولون الاتراك الذين نصبوا بطاريات الباتريوت على حدودهم .
توجد مبالغات كثيرة يتداولها الاعلام الأجنبي ودوائر صنع القرار فيه عن الثورة السورية واحيانا عن قوة النظام وما يملك من أسلحة دمار . وهي كما قلنا ليست بريئة ، فمن الواضح ان امريكا وبالتعاون مع اسرائيل تسعيان لفرض نظام معين في مرحلة ما بعد الاسد وهو امر سيلاقي الفشل الذريع فالسوريون لم يقدموا عشرات الآلاف من الضحايا ليكونوا لعبة في يد واشنطن وتل أبيب ، كما ان امريكا تعرف بان روسيا هي الضامن للسيطرة على مخزون السلاح الكيماوي وأنها تلقت من موسكو ما يكفي من التعهدات لكن ما تريده واشنطن هو ( تأمين ) هذا السلاح اي الاشراف على تدميره في مرحلة ما بعد الاسد كما فعلت مع السلاح الليبي .
لا اعتقد ان بلدا بحجم سوريا سيكون لقمة سائغة بيد أية مجموعة متطرفة ومن يتابع اصطفافات الشخصيات المعارضة وتشكيلاتها السياسية والعسكرية والإعلامية سيجد ان فرصة( لبننة ) سوريا او ( عرقنتها) ضئيلة الاحتمال بل انها ستكون مجرد مغامرة لا مستقبل لها ،
(الراي)