بانتظار القمة العربية... فلسطين هي الأولويةّ!!
زيد محمد النوايسة
جو 24 :
يستضيف الأردن القادة العرب نهاية اذار/2017، للمشاركة في القمة العربية العادية في دورتها الثامنة والعشرين التي قرر الأردن أن يستضيفها نيابة عن اليمن البلد العربي الغارق في الحرب والجوع والفقر الى أشعار أخر حتى تنجلي عاصفة الحزم التي أنهت عامها الثاني دون بارقة أمل في حل سياسي تفرضه موازين القوى العسكرية ودون تنازل أي طرف عن إصراره على هزيمة الطرف الاخر هزيمة ساحقة.
ومن نافل القول أن حماسة المواطنين العرب نحو القمم العربية تتراجع بل أن فقدان الثقة والشعور بالخيبة من العجز العربي والقناعة المطلقة بأن القمم العربية لو انعقدت ألف مرة في العام لن تحدث فرقاً جوهرياً وهو الأمر الذي يكاد يكون من الجوامع الوحيدة التي يتفق عليها العرب من المشرق وحتى المغرب العربي. وصار بديهياً أن لا تتجاوز النظرة للقمم واللقاءات الرسمية العربية أنها مجرد أطار احتفالي حتى في أوقات الرخاء في العلاقات العربية على ندرتها فكيف الحال والعالم العربي غارق في الفوضى وغياب الديمقراطية والإرهاب الذي ساهم في ضرب بغداد ودمشق وأداخلهما في الفوضى ويفرض على مصر أن تنكفأ داخليا لتحصين نفسها ودفاعا عن وحدتها الوطنية ويهدد لبنان والأردن والجزائر وتونس بالإضافة لقلق مكون مهم من العالم العربي وهو اقطار الخليج العربي على الامن القومي من التمدد الإيراني الذي صار مشروعاً إقليميا ناجزاً له ادواته وتحالفاته المؤثرة وهذا يعني في المحصلة ان كل بلد عربي يأتي للقمة التي ستنعقد في أخفض بقعة على سطح الأرض ولديه هواجسه وهمومه "القطرية" ويسعى لحمل مشروعه أولاً.
القمة التي ستناقش أربعة ملفات مهمة القضية الفلسطينية والصراع في سوريا وظروف العراق وليبيا واليمن ومحاربة الإرهاب والتطرف كما تشير مصادر رسمية أردنية، لكن المؤكد أن الملف الإيراني والخلاف العميق مع السعودية والامارات والبحرين سيحظى باهتمام بالغ وربما سيساهم في ارسال رسائل قوية من القمة للإيرانيين فيما يتعلق بالتدخلات الإيرانية في أكثر من ملف عربي وتوتر متصاعد في العلاقات السعودية الإيرانية، فيما يسعى الأردن ومصر لأنهاء الجمود في عملية السلام وإعادة اطلاق المفاوضات بشكل جاد وفاعل حتى تؤدي الى حل سياسي شامل يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة باعتباره الخيار الوحيد والمقبول لطي صفحة صراع على أبواب السبعين عاما من عمره. تلك الرؤيا المشتركة والتي تتناقض مع الرؤيا التي تحملها ترويكا الحكم في إسرائيل اليوم على تناقض مقاربات تلك الترويكا نفسها والمكونة من الليكود وإسرائيل بيتنا والبيت اليهودي والتي تنظر للحل السياسي من منظور أقليمي بحيث يمكن أن تقدم إسرائيل حكم ذاتي معدل مقابل سلام كامل مع العرب وهو خيار نتنياهو أو تصور أفيغدور ليبرمان الذي يتضمن مبادلة الأرض والسكان ويهدف لتفريغ المناطق الآهلة بالسكان الفلسطينيين بمناطق فارغه من أراضي الضفة والخيار الثالث الذي يتبناه وزير التعليم الإسرائيلي والذي يتبنى دفن فكرة حل الدولتين للأبد مقابل دولة ثنائية القومية على أسس عنصرية بحيث يعزل الفلسطينيون جغرافيا تفادياً لما يسمى بالقنبلة الديمغرافية الفلسطينية؛ ويبدو أنه بالرغم من تناقض تلك الاطروحات الإسرائيلية فيما بينها الا أنها تجمع على الغاء وجود الشعب الفلسطيني على أرضه ومصادرة كل تاريخه والنظر أليه كمجرد فائض سكاني يجب التخلص منه بأي صيغه وعلى حساب الجميع باستثناء دولة الاحتلال.
في ظل هذا التعنت الإسرائيلي الذي يستند لدعم الإدارة الجديدة في البيت الأبيض بالرغم من أن العديد من الصحف العبرية اشارت في الآونة الأخيرة ان الرهان على ثبات مواقف ترامب غير دقيق وقد يكون للمطبخ السياسي في الإدارة ووزارة الخارجية مقاربة مختلفة تدفع بحل الدولتين وإعادة أحياء المبادرة العربية للسلام التي أعلنت في قمة بيروت عام 2002 وقيل يومها أن مهندسها الصحافي الأمريكي اليهودي الأصل توماس فريدمان مع الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز – ولي العهد حينذاك – والتي تضمنت الاعتراف بحل الدولتين بما فيها قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة عاصمتها القدس الشرقية مقابل سلام وتطبيع كامل مع العالم العربي والإسلامي.
المهم اليوم أن يدرك العرب ان أسرائيل مزهوة بالدعم الأمريكي ومستغلة تراجع فلسطين كأولوية لدى العديد من دول النظام الرسمي العربي وهي التي تدعو لقيام تحالف عربي سني إسرائيلي لمواجهة ايران التي صارت عدواً مشتركاً كما يسوق لذلك ساسة إسرائيل ومراكز الدراسات الاستراتيجية في محاولة لتسيد المشهد الإقليمي وحرف العرب عن أولويتهم الحقيقية وهو الصراع العربي الإسرائيلي الذي شكل وعبر سبعة عقود منبعاً لكل الصراعات المحلية والإقليمية، ولعل الرهان اليوم في الرد على ذلك بالتأكيد على حل الدولتين كخيار أوحد ومن خلال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والتأكيد على أن أي سيناريوهات مستقبلية في مستقبل فلسطين لن تكون الا بعد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة المبينة حدودها وغير ذلك هو الاستمرار في القبول بسياسة الأمر الواقع التي يفرضها الاحتلال من قضم للأرض والاستيطان وإلغاء القضية وتقزيمها لمجرد قضية فائض بشري يحتاج من يستوعبه سكانياً.
القضية الفلسطينية اليوم تكاد تمر بمرحلة هي الأخطر عبر مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي وعلى القمة العربية في البحر الميت أن تعيد الأمل والحياة لهذه القضية التي تكاد تكون أقدم قضية احتلال على وجه الأرض برسائل واضحة وقاطعه حتة لا تتحول فلسطين وقضيتها الى مجرد مستودع للذكريات والأحلام والالام.