هيبة التوجيهي
كان الاحتجاج على إجراءات ضبط امتحان التوجيهي صغيراً، ومثيراً للطرافة. فقد كان هناك اعتصامات (ليس أكثر من ثلاثة)، واحتجاج في مادبا على تفتيش الطالبات، «بطريقة تخدش الحياء»، وسقط طالب من الطابق الثالث ثمناً لشهامته لأنه كان يحاول تغشيش طالبة!!. وفيما عدا ذلك عوقب أكثر من ألف طالب، وأحيل عدد وصل إلى المائة أو أقل إلى المدعي العام!!.
حين قال الرئيس النسور إنه سيحافظ بكل قوة على «هيبة التوجيهي»، فإن كثيرين لم يفهموا المعنى العميق لفرض هذه الهيبة.. فحين يجتاح زعران قاعات الامتحان، ويأخذون الأسئلة ويعودون بها بأجوبة كاملة.. فإن هذه الزعرنة تعطيهم معدلات تقارب 100%، ويدخلون الجامعات معززين مكرمين على حساب طلاب درسوا واستعملوا ذكاءهم.. وتسمح لهم بالشغب داخل الجامعة: فالذي دخل بتوجيهي نتيجة للزعرنة، فإنه سيستمر بها في الجامعة مما نسميه العنف الجامعي!
لقد استطاعت وزارة التربية والتعليم، بمعونة كريمة من الجهات الامنية فرض «هيبة التوجيهي» بعد غيابه سنوات طويلة.. واذا لم يكن بقدرة الحكومة استرداد شهادات التوجيهي التي تم الحصول عليها بالزعرنة، فانها قادرة الآن على وقف منحها بهذه الطريقة في المستقبل.
ما كان ينقص الوصول الى «هيبة التوجيهي» هو القرار السياسي الحازم، وعلينا ان نفهم اننا نستطيع الوصول إلى كل ما نفتقده في هذا البلد بالقرار السياسي الحازم ذاته، فهناك من يهرب من محاربة الفساد، بعرض العضلات والصوت العالي في الشارع، لكن أحداً لا يقف ويحارب الفاسد، يسميه ويتهمه ويضعه أمام القضاء.
وهناك من يريد افلاس الدولة بتحويل موازنتها إلى حالة دعم مستمرة ..
دعم للنفط، ودعم للكهرباء، ودعم للماء، ودعم للخبز، ودعم للإسكان، وتخصيص عشرات الملايين للمعونة الوطنية.. يريد كل ذلك، لكنه لا يقبل دفع قيمة أو بعض قيمة هذا الدعم. ثم يرفع سوط الاتهام في وجه الدولة: حصّلوا مال الفساد!!. وكأن مال الفساد يكفي لخمسة مليارات استدانتها الدولة عام 2012 لتمويل الدعم، ثم نعود فنستهول حجم الدين العام!!.
.. بعد «هيبة التوجيهي»، مطلوب من الرئيس النسور هيبة الدولة!!.
(الراي )