القنبلة الأولى في حضن مجلس نقابة الصحفيين الجديد
أسعد العزوني
جو 24 :
قبل أن تجف دموع الفرحة بالفوز المدفوع ثمنه للبعض ،وقبل أن تهدأ عاصفة الإنتخابات ونتائجها ، وتركن الأسئلة إلى قعر الجمجمة، وحتى قبل أن يستقبل نقيب الصحفيين الزميل "الصديق"راكان السعايدة وأعضاء مجلسه الجديد "المهنئين" ،فجر دولة رئيس الوزراء د.هاني الملقي قنبلة من عيار القنبلة الكورية الشمالية "القنبلة الكهرو-مغناطيسية ذات الأثر الساحق الماحق ، في إتصال مباركة مع الزميل النقيب راكان السعايدة .
ولو أن دولته قصر الإتصال على المباركة والتهنئة والمجاملة شأنه شأن وزيري الداخلية والتنمية السياسية اللذين قصرا مكالمتيهما على التهنئة والتبريك ولم يخوضا في أمور حمالة أوجه ، لإنتهت الأمور بدون ان تثير حساسية من أي نوع ، لكن دولته تطوع محتسيا حليب السباع وأبدى إستعداد حكومته للتعاون مع النقيب والمجلس ودعم النقابة في وجهتها الإصلاحية ووعد بلقاء لبحث الملفات المتعلقة بخدمة المهنة والصحفيين.
سأبدأ بموضوع الإصلاح الذي ستدعمه الحكومة ، لأنه المنفذ الأول الذي يشي بخارطة الطريق المقبلة في النقابة، وأؤكد أن مهمة الإصلاح في النقابة مهمة داخلية ويجب ألا نسمح للحكومة بالغوص فيها ،لأن لديها من الأمور التي تحتاج إصلاحا ما تنوء من تحته الجبال الراسيات ،وعليه أقول لدولة الرئيس :شمر عن ساعديك وأصلح امور حكومتك اولا وأترك الصحفيين يصلحون نقابتهم بأيديهم وبأنفسهم ، بمعنى :إرفع يدك عنهم فهم الأجدر والأقدر على إصلاح امورهم لو سمح لهم.
السؤال الآخر :من اوصل النقابة إلى ما هي عليه وفيه ،ومن عطل دورها ،ومن عمل على تحجيم الصحفيين وتقييدهم بالموقف الحكومي ،وإتهام المجتهدين منهم بالردة ، وتعريضهم للعقاب والحرمان والتهميش وتقييدهم ومنعهم من العمل والحجر على آرائهم ظنا غير منطقي أن ذلك يقيد من حريتهم وحركتهم ؟
السؤال الذي يضرب في الذاكرة هو هل يعي دولة الرئيس قبل وعده للزميل راكان السعايدة الملفات الثقيلة التي تقيد عمل الصحافة والصحفيين ومن يعرقل الإصلاح والنهوض في المجال الإعلامي الأردني ؟وهل يعي دولته أن هناك عدة صحف يومية جرفها السيل الحكومي وإنهارت على رؤوس من فيها من الصحفيين الذين يعولون آلاف الأسر بدءا من جريدة صوت الشعب وإنتهاء بالعرب اليوم مرورا بجريدة الأسواق ، ونحن نرقب بكل الأسى والأسف حاليا إنهيار صحيفة رائدة عريقة هي الدستور ،دون ان تحرك حكومة الدكتور الملقي ساكنا لنجدة مئات الأسر من الضياع سيما وأن الزملاء في الدستور يعملون دون ان يتقاضوا رواتبهم.
وهل يعلم دولة الرئيس الملقي أن إصلاح النقابة يتمثل في السماح للصحفيين أن يعملوا بحرية وان يكتبوا ما تمليه عليهم ضمائرهم ،وألا يفاجا من يغطي الشأن المحلي بأن هناك من غير مادته وحرف الإتجاه لشيطنة هذا او ذاك وفق الهوى الرسمي؟ وهل يعلم دولته أيضا أن الإصلاح المنشود هو السماح للصحفيين بخوض غمار الإنتخابات وفق قوائم وبرامج لا أن يكون الترشح فرديا وبدون برامج؟
وهل يعلم دولته أيضا أن الإصلاح الذي يريده الصحفيون هو عدم التدخل في الإنتخابات وأن يتوقف ال"ألو"كليا عن توجيه رغبات الصحفيين بإنتخاب هذا والحجب عن ذاك؟ وهل يعلم أيضا أن رائحة ال"ألو "فاحت في الإنتخابات الماضية وقلبت الموازين كالعادة وربما فاز من لا يستحق ،وفشل من هو جدير؟
أختم بأن دولة الرئيس فجر القنبلة الأولى في حضن مجلس النقابة قبل أن يتمتعوا بفوزهم ،ربما كان يدري أنه فعل ذلك أو لا يدري ، وأجزم أن التدخل الحكومي في العمل الصحفي هو الذي أفسده وأفقده طعمه وبريقه ،والتالي لا نريد إصلاحا حكوميا فيكفينا ما نحن فيه وعليه.