فرح المواسم
هذا يوم يذكرنا بمواسم الخير، أيام كنا نزرع، ونعشّب، ونحصد، ونغمّر، وندرس ونذرّي، وتمتلئ العدول بالقمح!!.
لماذا انقطعنا عن زراعة القمح في مادبا وسهول حوران، والكرك؟!.
والجواب على السؤال سيكون بسؤال، لماذا يزرع الصخري منجا إذا وصل دونم الأرض إلى ثمانين ألف دينار؟!.
ولماذا يزرع الحصناوي سهول المواصي إذا صار الدونم بمئة ألف، ومائتي ألف دينار؟؟.
نتيجة التوارث التقليدي، وصلت الملكية في عجلون إلى أقل من عشرة دونمات. وصار الفلاح موظفاً.. ونتيجة للتوسع العشوائي في بناء المدن تم القضاء على عشرين بالمئة من الأرض الخصبة الصالحة للزراعة.
والدولة هنا لم تفكر بما فكّر به الإسبان، وهم عانوا أيضاً من كوارث الثورات على الطريقة العربية، فأنشأوا أولاً تجمع أراضٍ، وأنشأوا لأصحابها تعاونيات وقسموا العشرة آلاف دونم في بلد الوليد إلى عشرة آلاف سهم يملكها مائة مزارع. فتتم الزراعة بكلفة الحراثة والتسميد والقطاف والتسويق لمحصول الزيتون مثلاً.. والأرباح يتم تقسيمها على أصحاب الأسهم في التعاونية. فالمالك يمكن أن يهاجر إلى المدينة، ويعمل في أحد البنوك لكنه يأخذ من خير أرضه وأرض آبائه وأجداده.
وقد لاحظت في ألمانيا الديمقراطية هذا النمط من التعاونيات، فلم يلجأ أذكياء الحزب الشيوعي والديمقراطي والاشتراكي إلى مصادرة الأرض، وإنشاء كولخوزات وسوفخوزات على الطريقة الروسية المدمرة، وإنما لجأوا إلى التعاونيات التي كانت تشكل عصب الزراعة في ألمانيا الشرقية. الأرض الوحيدة التي صودرت هي أرض البارونات وأمراء الاقطاع الذين مشوا في طريق هتلر والنازية!!.
الدولة الآن مدعوة إلى استنهاض التعاونيات ودمقرطتها، وإنشاء مشروعات زراعية تعاونية في الجبال، يزرع فيها الناس الفستق الحلبي والفواكه، والزيتون. فحرام أن تبقى الأرض عارية ونبقى نكرر كالبباغاوات: الفقر والبطالة أمام مساجد عمان وإربد والكرك!!.
(الراي )