اشكالية الكونفدرالية الاردنية - الفلسطينية
منذ الحديث مجدداً عن قيام كونفدرالية أردنية فلسطينية، انتقل الجدل فوراً إلى الوضع الداخلي ، إذ إنه بعث بعداً قديما وإشكالياً في العلاقة الأردنية الفلسطينية، سواء بالعلاقة مع الضفة الغربية المحتلة أو المخاوف من التوطين على حساب حق العودة الفلسطيني.
الإشكالية قائمة منذ إعلان وحدة الضفتين، وما رافقها من اتهامات بأنها خطوة "إلحاقية غير متكافئة" لكن سأناقش هنا بروز فكرة الاتحاد الفيدرالي و الكونفدرالي، مع الفرق في التعريف بين الحالتين قانونياً، بعد هزيمة حرب عام 1967، وبالأخص الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
فالمبادرات المطروحة بهذا الخصوص، خاصة في السبعينيات والثمانينيات ـ كانت تنطلق من رغبة في الحفاظ على الدور الأردني، خاصة وأن الأردن هو الطرف المعني قانونياً وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242، الداعي إلى انسحاب فوري لقوات الاحتلال الإسرائيلية من الأراضي التي احتلها خلال حرب الأيام الستة، ومن رفض كل من أمريكا وإسرائيل الاعتراف بمنظمة التحرير، وتشترط أن يكون الدور الفلسطيني بالاتفاق وبقيادة الأردن، للمفاوضات بالإنابة أو عن طريق وفد فلسطيني أردني مشترك بقيادة الحكومة الأردنية.
وكان ذلك أساسا لاتفاق شباط، عام 1985، الذي قبله الزعيم الراحل ياسر عرفات ولكن رفضته اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، واللجنة المركزية لحركة فتح في اجتماع مشترك شهير في الكويت، باعتبار" اتفاق عمان" خضوعا للشروط الأمريكية، التي كانت تمارس ضغوطاً مباشرة على الأردن و غير المباشرة على المنظمة.
لكن المنظمة قبلت ببعض هذه الشروط ، عشية المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991، مدفوعة بتداعيات الحرب على العراق، وتم تشكيل وفد أردني –فلسطيني، لمفاوضات إسرائيلية-أردنية، وإسرائيلية –فلسطينية، كانت تعلق بها إسرائيل ، وبوقاحة، على مخاوف وتنافس الطرفين.
إلى أن وصل الأمر إلى اتفاقات أوسلو المنفردة بين منظمة التحرير الفلسطينية ، التي فصلت الوفدين تماماً، دون الحصول على إعتراف إسرائيلي جوهري، بالحقوق التاريخية ، ولا الشرعية للشعب الفلسطيني، لا على كامل تراب فلسطين التاريخية ولا جزء منها.
أسوق بعض هذه المعطيات التاريخية، للتذكير والتنبيه، أن بروز فكرة الكونفدرالية، وإن كانت تعني قانونياً وحدة بين دولتين مستقلتين، في هذا الوقت يعني أن هناك محاولات جديدة، للتخلص من استحقاقات إنهاء الاحتلال، حتى في جيوب ممزقة من الضفة الغربية والمضي في عزل قطاع غزة عن الضفة، وبالطبع القدس الشرقية عن محيطها العربي الفلسطيني.
لا أعتقد انه كان هناك شرط واضح بالاعتراف بفلسطين، عضو غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة ، وبين قبول الطرف الفلسطيني بالكونفدرالية، لكن أعتقد أن هناك ضغوطاً غربية بهذا الاتجاه، بحجة أن ذلك سينقذ ما يمكن إنقاذه من الأراضي الفلسطينية المتآكلة بفعل بناء وتوسيع المستعمرات اليهودية، أي أن هناك ابتزازا دوليا، لتبرير العجز في وقف بل والتواطؤ مع المشروع الصهيوني الاستعماري.
أي أن ما سمي بالمجتمع الدولي، المحكوم بهيمنة أمريكية، يريد تحميل وتغريم الأردن ، والفلسطينيين، ثمن الاحتلال تارة باسم الحرص على الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتارة عن طريق الضغوط المكشوفة الأبعاد.
لذا فأي طرف رسمي عربي ، أو فلسطيني يتعاون مع هذه الأفكار، المطروحة خارج أي سياق وحدوي عروبي، يتحمل مسؤولية جرنا إلى صراعات، تتيح لإسرائيل مواصلة مخططها بهدوء ولا أستغرب إذا عرضت نفسها كالطرف المنقذ، لأن ساعتها ستملك المفاتيح بيدها ، لأن " مشروعيتنا الدولية" ستكون منوطة بشروط ما يسمى بالكونفدرالية وبشقها الآخر ضم قطاع غزة إلى مصر.
(العرب اليوم )