حملة التشغيل وضرورة تنظيم المهن والعمل
في الاردن فرص العمل موجودة لكنها لا تساهم في حل مشكلة البطالة بين الاردنيين ، في الحقيقة هي فرص عمل دائمة للعمالة الوافدة وحتى لمن يلجأون للبلد بسبب الحروب و الأزمات في بلادهم . وقد سمعت من احد الأخوة العرب الذين جاءوا الى الاردن ويعملون فيه ( ان الاردن بلد بركة ورزق) .
أينما تذهب في المدن و المحافظات ستتملكك الدهشة من وجود العمالة الوافدة والمهاجرة على رأس اعمال في قطاعات الزراعة والعقارات والبناء والتجارة والمطاعم والصناعة الخ . فيما يتواجد حولهم عاطلون عن العمل لا تعرف ماذا يدور في خلدهم عن مواصفات الوظيفة التي ينفقون أعمارهم وهم بانتظارها معتمدين على الآباء في توفير ثمن السجائر ومصروفات الجيب !
حضور الملك لإطلاق الحملة الوطنية من اجل التشغيل تدل على اهتمام رأس الدولة الدائم بهذا المشروع ، والحقيقة ان جلالته اول من بادر ، وقبل سنوات ، باطلاق مشروع تدريب الشباب على المهن وتشغيلهم في فرص العمل الموجودة بأكثر مما هو معروض بسوق البطالة ، ومن اجل هذا وجدت شركة تحت اشراف القوات المسلحة قامت بتدريب آلاف الشباب على المهن مع دفع مخصصات شهرية لهم ، وبالفعل وجد آلاف الشباب فرص عمل والتحقوا بسوق العمل ، لكن العملية تعثرت ولو انها تواصلت لتغير سوق العمل الاردني بشكل كبير وانخفضت البطالة .
الاعلانات الحكومية والحملات لإحلال الاردنيين محل العمالة الوافدة موجودة منذ ١٥ عاما على الاقل لكن النجاحات متواضعة والأسباب كثيرة ، قليل منها يتعلق بثقافة العيب وكثير منها يعود لغياب خطط متكاملة على مستوى الدولة والمجتمع المدني خاصة الجامعات . من اجل البحث عن العوائق والموانع المادية والنفسية التي تصد العاطلين عن الإقبال على العمل .
اجتهد وأقول بان المشكلة هي في غياب ( تنظيم المهن والعمل ) فالعامل الوافد يأتي بدون خبرة ويدخل بلا مقدمات الى سوق المهنة التي يختارها ويتعلم على حساب الناس الذين يتحملون نتائج قلة خبرته ويصبح هذا العامل مع الوقت كهربائيا وميكانيكيا وحدادا ونجارا ومزارعا وبائعا الخ . وينطبق الامر ايضا على مهنيين أردنيين يدخلون على المهن بدون خبرة ولا دراية ولا يكترثون ان خربوا بدل ما يصلحوا ، وبذلك يسيئون الى صورة المهنة والعاملين بها في المجتمع.
لماذا لا يعاد تفعيل شركة التشغيل الوطنية بحيث لا يقتصر عملها على التدريب انما على منح رخص مزاولة المهنة وان ينطبق ذلك على الجميع بأثر رجعي بحيث يتم تنظيف السوق من الدخلاء على المهن الذين يشكو الناس من قلة خبرتهم ومن المخاسر والمخاطر التي يلحقونها بالمواطن نتيجة جهلهم في اعمال الصيانة المنزلية والكهرباء والمواسير. الخ .
والحملة ستنجح اذا ما بدأت أيضاً بتنظيم العمل في قطاع البناء والعقارات والصناعات المختلفة لتحديد الاجور والعقود التي تلزم صاحب العمل والعامل بشروط واضحة وثابته والبت بسرعة في الشكاوى عند المخالفة من قبل اي طرف .
بعض عمارات الإسكان تلخص مشكلة العمل في الاردن . في هذا القطاع يصل ربح رأس المال في مناطق غرب عمان الى ٣٠٠٪ وأصحابه يتهربون من تشغيل العامل الاردني حتى لا يدفعون تأمينا صحيا و ضمانا .
وفي بعض هذه العمارات يشتري المواطن الشقة فيجد نفسه امام ( تشطيبات) كهرباء ومواسير وتدفئة وغيرها من صنف الخردة الصينية التي بسعر التراب وتوضع كمناظر فيبدأ هذا المواطن مع الايام بإعادة التشطيبات من جديد . ولو كان هناك تنظيم للمهن تحت رقابة صارمة ومتابعة وتفتيش للعمارات خلال الإنشاء كما هو الحال في السعودية والإمارات لأصبح المجال مفتوحا فقط امام من يمتلكون الخبرة بما في ذلك الخريجون من دورات التشغيل التي الح عليها الملك منذ ٧ سنوات .
(الراي )