jo24_banner
jo24_banner

نهر الأردن يبعث من جديد

أسعد العزوني
جو 24 :

رب ضارة نافعة ،وهذا ما يطلق على تداعيات المنخفص القطبي الثلجي الذي غزا منطقة شرقي البحر المتوسط ،وألحق أضرارا كبيرة بالبلدان العربية، لافتقارها للبنى التحتية والمحاسبة والشفافية على حد سواء. 
صحيح أننا عانينا كثيرا ،وغمرت المياه بيوتا يقطنها بشر ودمرت مياه المطار مزروعات كثيرة، لكن فائدة هذا المنخفض كانت أكبر من ذلك بكثير .
تجلى ذلك ببعث الحياة في نهر الأردن وللمرة الأولى بعد قيام "إسرائيل"التي سرقت وحولت مياهه إليها ،وأصبح قناة صغيرة ملوثة.
عند الحديث عن نهر الأردن ،لا بد من التأكيد على عروبته فهو يمر عبر بلاد الشام الأربعة "لبنان،سوريا ،الأردن وفلسطين"،بمعنى أن هويته عربية منذ الأزل.

ينبع نهر الأردن من ثلاثة روافد هي نهر الحاصباني في لبنان ، ونهر بانياس في سوريا،ونهر اللدان في شمال فلسطين،وبحيرة طبريا في فلسطين أيضا ،ويصب فيه أيضا نهر اليرموك والزرقاء ووادي كفرنجة وجالوت في الأردن ،ويصب في البحر الميت.
هذا يقودنا إلى حقيقة مثبتة وهي أن نهر الأردن ليس حدا فاصلا بين الأردن وفلسطين كما أراده الإنجليز عام 1921 ،من أجل السيطرة على المنطقة والإنتداب على فلسطين تمهيدا لتسليمها لليهود.
هذا النهر هو نهر موحد جامع لبلاد الشام ،وقد كانت أول عملية نفذتها حركة فتح ضد إسرائيل في الفاتح من كانون ثاني 1965 "نفق عيلبون" ضد المشروع الإسرائيلي القاضي بتحويل نهر الأردن إلى صحراء النقب ،وهذا يعني قومية المعركة ونبل أهداف الثورة.
نهر الأردن كما هو بطبيعته نهر النماء والإنتماء،فهو كما أسلفنا يمر عبر بلاد الشام التي قسمتها معاهدة سايكس بيكو إلى دويلات لم تتفق مع بعضها حتى في الحد الأدنى، وكان هدفا للمشروع الصهيوني ،ناهيك عن كونه يصب في البحر الميت شديد الملوحة والذي لا حياة فيه .
عرف قديما بإسم نهر الأردن،ومعناه باللغة اليونانية القديمة "النهر سريع تدفق المياه"،بمعنى أنه كان نهرا عظيما ،وقد تعايشت حوله مجموعات من المقدونيين والحثيين بعد نزوحهم من آسيا الوسطى،ومن منطقة تساليا قبل العصر الهيليني.
يقول المؤرخ الروماني تاسيتوس أن جبل الشيخ في الجولان المحتل هو والد نهر الأردن ،وكانوا يخصصون له يوما معينا ،يحتفلون به في إحدى المغارات، ويقدمون له ضحية مذبوحة ،في ذلك العيد،ضمن طقوس وثنية.
شهد نهر الأردن معركة اليرموك الخالدة بين المسلمين والروم،وكذلك معركة "الوحدة: الكرامة الخالدة ربيع العام 1968 بين الأردنيين والفلسطينيين من جهة وبين الغزاة الإسرائيليين من جهة أخرى .
كما أنه معبر الغزاة إلى فلسطين ومخرجهم منها مهزومين.لذلك نجد باطن الأرض الأردنية يعج بالكنوز المدفونة من قبل هؤلاء الغزاة الهاربين،وسيشهد بإذن الله المعركة الفاصلة بين اليهود والمسلمين ،"أنتم شرقي النهر وهم غربية".
لم تكتف إسرائيل بتحويل هذا النهر العظيم المقدس إلى قناة ملوثة بل قامت صيف العام الماضي بمد مواسير ومضخات بقطر 10 إنشات لتحويل ما تبقى من مياهه إلى محطة تنقية ومن ثم تحويلها إلى أراض محتلة لريها وبعث الحياة فيها،وقيل أن ذلك مخالف لمعاهدة وادي عربة بين الأردن الرسمي وإسرائيل!
رغم ما تعرض له نهر الأردن ،فليس لنا إلا أن نردد مع نجمتنا الساطعة فيروز:و ستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية، و ستمحو يا نهر الأردن أثار القدم الهمجية، الغضب الساطع آتٍ.

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير